العُمرُ قَصرٌ نَحنُ بَينَ رِحابِهِ
العُمرُ قَصرٌ نَحنُ بَينَ رِحابِهِ | وَالمَوتُ مُنتَصِبٌ عَلى أَبوابِهِ |
وَالمَرءُ إِن يَفخَر بِأَنسابٍ لَهُ | فَالتُرقُ وَالديدانُ من أَنسابِهِ |
ما الجِسمُ في هذا الوُجودِ سِوى بَلىً | تَمشي العُصورُ عَلى أَديمِ تُرابِهِ |
مِن عَهدِ آدَمَ وَالضَريحُ مهيّأ | وَجَميعُ هذا الخَلقِ رَهنُ طِلابِهِ |
كُلٌّ يُغَيبهُ الزَمانُ إِلى الهبا | وَكَذا الزَمانُ يَحينُ يَومُ غِيابِهِ |
وَالكائِناتُ لَدى الرَدى أُلعوبَةٌ | حَتّى الخُلودُ يَصيرُ من أَلعابِهِ |
ما مُذهبُ الدَهرِيُّ ذا لكنَّما | هو مذهب العَقلِ الحَكيمِ النابِهِ |
كَم مِن عُصورٍ قَبلَ آدم أَدبَرَت | وَمَضى بِها النِسيانُ عِندَ إِيابِهِ |
وَعَقيدَةُ الإِنسانِ راسِخَةٌ بِهِ | حَتّى يُحجّبَه الرَدى بِحِجابِهِ |
لَو كانَ يَقرَأُ في الأَثيرِ كِتابَه | لَرَأى الحَقيقَةَ في سُطورِ كِتابِهِ |
كَم من دِياناتٍ تَمَشَّت في الوَرى | ذَهبَ الزَمانُ بِها قُبَيلَ ذَهابِهِ |
وَلَسَوفَ أَديانٌ تَخَرَّب دينَنا | وَتَقومُ لِلأَيّامِ فَوقَ خَرابِهِ |
ما هذِه الدُنيا سِوى بَحر طَمى | صدفُ الحَياةِ تَعوم فَوقَ عبابِهِ |
هذا يحفُّ بِهِ الغِنى في راحَةٍ | وَيَعُمُّ ذا فَقرٌ جزا أَتعابِهِ |
إِن كانَ جَبّارُ الطَبيعَةِ عادِلاً | أَينَ المُساواةُ الَّتي بِحِسابِهِ |
أَتَراهُ قَد خَلَقَ العَوالِمَ وَاِكتَفى | بِصَنيعِهِ فَاِرتاحَ فَوقَ وِثابِهِ |