في سكون الليل
غفا الكونُ… إلا ما يكون من الصَّبا | إذا حرَّكتْ مهدَ الزهورِ النواعسِ |
تخالينها – يا ميُّ – طُهراً مُجسَّماً | على كلّ غصنٍ في الخميلة مائس |
ويحبس من أنفاسها الليلُ ريثما | يُخالطها بردُ الندى المتقارس |
فتُرسل طِيباً حولها في دوائرٍ | تدور إلى أنْ يغمرَ الطيبُ هاجسي |
وقد سكنتْ حتى المياهُ كأنها | هنالك تُصغي في الظلام لهامس |
يُصقّلها مَرُّ النسيمِ فتنجلي | بها صورُ الأشياءِ شبهُ رواكس |
وينظر في مرآتها النجمُ حائراً | فليس يرى إلا شرارةَ قابس |
أنزعمُ أن اللهَ أبدع هذهِ | لنقضيَ ريحانَ الصِّبا في المحابس؟ |
ولا طيرَ إلا وهْو طاوٍ جناحَهُ | على الرأس حتى المنكبين.. كبائس |
تخالينه من لفّهِ الجِيدِ ناعساً | ولكنّه – يا ميُّ – ليس بناعس |
فإن لذكرى كلِّ لحنٍ شدا بهِ | سحابةَ يومٍ هزّةً في المغالس |
تُؤرقّه تلك الهواجسُ مَوْهِناً | فيُشفق من جَرّاء تلك الهواجس |
وكم دوحةٍ في الروض حال سوادُها | بأنوار بدرٍ شَعَّ بين المغارس |
ليُلبِسَها من نسجه بعد عُرْيها | نِقاباً لُـجَيْنِيَّ السّنا كالعرائس |
وتحت شعاع البدرِ أسفرتِ المنى | وعاينتُها تحنو حُنوَّ الأوانس |
تعالَي هنا.. نَخلدْ من العمر ساعةً | يداً بيدٍ في نجوةٍ وتَهامُس |