حواء
تَمثّل الحبُّ للفنّان بين يدَيْ | ذكراه.. كالنار تغشى طُورَ سيناءِ |
وقال حين رآه في تَململهِ | يُقلّب الطرفَ بين الزهرِ والماء |
«يا من عَكفتَ على الدنيا وزينتَها | حتى صممتَ عن الأنغامِ من نائي |
تحيا الحياةََ بلا إلفٍ تلوذ بهِ | إلا ارتيادَكَ في أفياء فيحاء |
حتى كأنّ ضلوعاً أنتَ حاملُها | تُطوى على كبدٍ ليستْ بحَرّاء |
هذا الوجودُ إطارٌ لا كفاءَ لهُ | وغايةُ الفنِّ فيه رسمُ «حَوّاء» |
لها الشبابُ الذي تشفي برُقيتهِ | ما كابد القلبَ من صدٍّ وإغراء |
لها الجمالُ الذي تعنو لعزّتهِ | فيما تُشاهد من ظِلٍّ ومن ماء |
لها الودادُ الذي تبقى أشعّتُهُ | تنير خطوَكَ في طوفان أهواء |
كأنها الشمسُ إشراقاً.. تُبادلها | مرآةُ قلبكِ لألاءً بلألاء |
لا تكذبِ النفسَ في مجدٍ حلمتَ بهِ | فلستَ تُحْسِنُ إلا قولَ «أهواها» |
شُغِفْتَ بالحسن لا تنفكّ تطلبهُ | عيناكَ .. حتى ولو في كأس صهباء |
وليس أجملُ ما في الكون من أثرٍ | إلا اقتباساً بدا من شكل حسناء |
انظرْ إلى شفتَيْها، هل ترى زَهَراً | يفترّ عن نُقَطٍ كالطَلّ وَطْفاء ؟ |
انظرْ إلى وجنتَيْها، هل ترى شفقاً | يلوح من شعرها في وَسْط ظلماء؟ |
انظرْ إلى ناظرَيْها، هل ترى أَلَقاً | كأنه صادرٌ عن كوكبٍ ناء ؟ |
ما في الطبيعة من حُسْنٍ فمنعكسٌ | عن صدرها البضّ في عينيكَ يا رائي |
وأطيبُ الطيبِ ما في الخلد من زَهَرٍ | وإنما غرستْها كفُّ «حوّاء» |
فكيف تُكبِر من شأن الجميلِ ولا | تُثيبها عن يدٍ قبّلتَ بيضاء |
وما تؤمّل في الفردوس منفرداً | إلا رجاؤكَ أن تَحظى بلُقياها ؟ |