حَدِّثْ حَديثَ فتاة ِ حَيٍّ مرّة ً
حَدِّثْ حَديثَ فتاة ِ حَيٍّ مرّة ً | بالجزعِ بين أذاخرٍ وحراءِ |
قَالَتْ لِجَارَتِها عِشاءً، إذْ رَأَتْ | نُزَهَ المَكَانِ وَغَيْبَة َ الأَعْدَاءِ |
في رَوْضة ٍ يَمّمْنَهَا مَوْلِيَّة ٍ | مَيْثَاءَ رَابِيَة ٍ بُعَيْدَ سَماءِ |
في ظِلِّ دَانِيَة ِ الغُصُونِ وَرِيقَة ٍ | نَبَتَتْ بأَبْطَحَ طَيِّبِ الثَّرياءِ |
وكأنّ ريقتها صبيرُ غمامة ٍ | بردت على صحوٍ بعيدَ ضحاء: |
ليتَ المغيري العشية َ أسعفتْ | دارٌ بهِ، لتقاربِ الأهواءْ |
إذ غابَ عنا منْ نخافُ، وطاوعتْ | أرضٌ لنا بلذاذة ٍ وخلاء |
قلتُ: اركبوا نزرِ التي زعمتْ لنا | أن لا نباليها كبيرَ بلاءِ |
بينا كذلكَ، إذ عجاجة ُ موكبٍ، | رَفَعُوا ذَمِيلَ العِيسِ بِالصَّحْرَاءِ |
قَالَتْ لِجَارَتِها انْظري ها، مَنْ أُولَى | وتأملي منْ راكبُ الأدماء؟ |
قَالتْ أَبُو الخَطَّاب أَعْرِفُ زِيَّهُ | وَرَكُوبَهُ لا شَكَّ غَيْرَ خَفَاءِ |
قَالَتْ وَهَلْ قَالَتْ نَعَمْ فَاسْتَبْشِري | ممن يحبُّ لقيه، بلقاء |
قالت: لقد جاءتْ، إذاً، أمنيتي، | في غيرِ تكلفة ٍ وغيرِ عناء |
مَا كُنْتُ أَرْجُو أَن يُلِمَّ بأَرْضِنَا | إلا تمنيهُ، كبيرَ رجاء |
فإذا المنى قد قربتْ بلقائه، | وأجابَ في سرٍّ لنا وخلاء |
لما تواقفنا وحييناهما، | رَدَّتْ تَحِيَّتَنا عَلَى اسْتِحْيَاءِ |
قلنَ: انزلوا فتيمموا لمطيكمْ | غيباً تغيبهُ إلى الإماء |