www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

رسالة مفتوحة إلى “فقه التسهيل”/محمود المختار الشنقيطي المدني

0

الفكرة .. أننا في هذا الزمن المتغير .. أصبحت “مدرسة التيسير” – أو التساهل – تنافسها “مدرسة”أخرى .. هي “مدرسة الجهل” بالدين .. ومع ذلك فتلك المدرسة تقدم فتاواها التي تجد صدى لدى الناس،وربما أوجدت نوعا من البلبلة في عقولهم .. وفي تلقيهم أمور الدين كلها.

من هنا وجب الحذر ووجب لفت تيجان رؤوسنا من الشيوخ الذين يميلون – وبشكل حاد أحيانا – إلى”التسهيل”حد “التساهل”.. والتناصح ليس بالضرورة أن يأتي من الند .. فالدين النصيحة .. والفقه قد يُؤخذ من غير فقيه .. كما تقول العبارة ذائعة الصيت.

المرتكز الأول الذي تتكئ عليه هذه الأسطر هو التفريق،تفريقا صارما بين عصر”قوة الأمة” وعصر”ضعفها” .. مثل العصر الذي نعيشه،فالأمة حين تكون”قوية” يكون المواطن “قويا” أيضا .. لا تتلاعب به الرياح كحاله عند ضعف الأمة .. وانعدام الثقة فيها.

وهنا نذكر بما جاء في الصفحة 37 من القسم الأول من كتاب ( رحلة الكتاب العربي .. ) ،إذ يبدو أن الإعجاب بالثقافة العربية الإسلامية “الغالبة” إبان قوة الأمة،قد أغضب أحد القساوسة،أو أغضبه سلوك قومه،فكتب في القرن التاسع :

(إن أخواتي { هكذا – محمود } المسيحيين يدرسون كتب الفقهاء المسلمين وفلاسفتهم لا لتفنيدها،بل لتعلم أسلوب عربي بليغ. وا اسافاه،إنني لا أجد اليوم علمانيا يقبل على قراءة الكتب الدينية والإنجيل،بل إن الشباب المسيحي الذين يمتازون بمواهبهم الفائقة أصبحوا لا يعرفون علما ولا أدبا ولا لغة إلا العربية،ذلك أنهم يقبلون على كتب العرب في نهم وشغف ويجمعون منها مكتبات ضخمة تكلفهم الأموال الطائلة في الوقت الذي يحتقرون الكتب المسيحية وينبذونها ..){ (رحلة الكتاب العربي إلى ديار الغرب فكرا ومادة)/ الدكتور محمد ماهر حمادة/  مؤسسة الرسالة / الطبعة الأولى  1412هـ / 1992م}

سنبدأ بأخذ مثالين .. من الدكتور محمد الشحرور .. وهو رجل له متابعوه .. بل مريدوه .. وقد قال ..(..للعربية نت : ورد عندنا نوعان من العلاقات الجنسية في القرآن وهما الزواج وملك اليمين. الزواج هوصهر ونسب وأسرة،ويوجد فيه مساكنة ونفقة وشراكة وأولاد وأسرة. هناك حالة ثانية لا تنطبق عليها كل هذه الشروط،مثلا عندما ينام شخص مع فتاة في الفراش ويمارس الجنس معها لكن دون شروط الزواج أعلاه،وبرضا الطرفين،فهذا ملك يمين. وأضاف:”زواج المسيار ليس زواجا وإنما ملك يمين لأن الزوجة أعفت الزوج من النفقة والمصروف والمساكنة. وفي هذه الحالة الرجل هو ملك يمين المرأة لأنها تنفق على نفسها ويأتي إلهيا (..)  على طلبها.”

وتابع”زواج المتعة أيضا ليس زواجا وهو ملك يمين حيث تكون المرأة ملك يمين الرجل لأنه يعطيها الأولاد والنفقة. زواج المصياف ملك يمين متبادل لأن الاثنين ينفقان على بعضهما.”ورفض الدكتور الشحرور الربط بين ملك اليمين وموضوع الرق والعبودية،وقال إن ملك اليمين كما جاء في القرآن 15 مرة لم يكن له علاقة بالرق الذي ذكر ليعبر عن”فك الرقاب،معتمدا على قوله تعالى”والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون” وأضاف:”الآية الكريمة “والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون” تتحدث عن الجنس أما زوجة أو ملك يمين،والفروج هنا تشير للذكور والإناث.” وتساءل :”كيف أنه في الرق تؤخذ المرأة سبية بالإكراه وتذهب لسوق النخاسة بالإكراه،وتباع بالإكراه وينامون معها بالإكراه والعملية في النهاية يقولون عنها حلال ويطلقون عليها ملك يمين. بينما تنام فتاة مع شخص برضاها ويقولون هذا حرام.” 

الزنا هو نكاح علني ويحتاج إلى أربعة شهود،والفاحشة غير المعلنة لا تكون زنا؟ والمتزوجة التي تشرك شخصا آخر في فرجها غير زوجها تكون قد أشركت،ولهذا نقول للشباب إياكم والاقتراب من المتزوجات حتى لو لم يركم أحد”.)

وفي “فتوى” أخرى للدكتور”الشحرور” – في كتابه”القرآن والكتاب – رؤية معاصرة” – أن المرأة يجوز لها أن تظهر عارية تماما أمام الثمانية المذكورين في “سورة النور” !! تفسيرا لقوله تعالى”وليضربن بخمرهن على جيوبهن” : النور : 31. فأين يكمن الخلل في هذا التفسير المعاصر،والذي يتماشى مع عصر شواطئ العراة!!

يبين الأستاذ ماهر المنجد في نقده للدكور”الشحرور” مكمن الخلل في هذا الاستنباط :

(ومكمن الخلل أن السيد المؤلف لا يعرف كيف يقرأ في المعجم،ولا كيف يستخرج كلمة منه،نقول هذا الكلام لأن”الجيب” من مادة”حيب”أي مما عينه ياء،ولكن المؤلف لفرط جهله بأمور اللغة فتح المعجم على مادة”جوب” ومن هنا جعل الجيب هو الفرج .. وقد نص المعجم صراحة للاحتراز من هذا الوهم في كلا المادتين فجاء في المعجم تعليقا على “جيب القميص”فليس من لفظ الجيب لأنه من الواو،والجيب من الياء. ثم كرر ذلك في مادة “جيب”فقال : فليس”جيب”من هذا الباب،لأن عين”جبت”إنما هو من جاب يجوب،والجيب عينه ياء،ولقولهم”جيوب”..){ مجلة”عالم الفكر” الكويتية – المجلد الثاني والعشرون – العدد الرابع – مايو / يونيو 1993م}.  

قد يبدو الامر غير لائق أن تقدم معلومة أولية عن طريقة استخراج “كلمة”من القاموس،في رسالة موجهة إلى أهل العلم والفضل .. ولعل بعضهم يحفظ القاموس كله .. لكن الإشارة هنا إلى ما ابتليت به الأمة من “مجتهدي آخر الزمان” … الذين لا يستطيع أحدهم استخراج “كلمة من القاموس” استخراجا صحيحا .. وهؤلاء مدعومون من بلاء – كنا نحسبه نعمة !! – وهو انتشار الثقافة العامة.

قديما،قبل العصر المحدث .. كان الناس أما علماء أو جهلاء .. أما في عصرنا الحديث،وبعد انتشار الطباعة والقراءة .. تكونت لدينا طبقة جديدة ..  قرأت “الجاحظ”و”التوحيدي” و”الحلاج” .. إلخ. فأصبحت بذلك تملك صفا ثانيا يقود الأمة مع “العلماء” المتخصصين .. ولهذه”الطبقة”الجديدة مريدوها .. والذين قد يصلون حد الغلو،فيرون أنها تريد أن تخلص الأمة من”كهنوت”غير موجود في الإسلام أصلا .. والعجيب أيضا أن هذه المزية في الإسلام كادت أن تنقلب عليه !! وذلك حين يحفظ “مثقف”ما حديثا واحدا هو”من اجتهد فأصاب فله أجران …” إلى آخر الحديث الشريف .. فيعتبر ذلك الذي لا يفرق بين مادتين في القاموس “مجتهدا”!! وعليه يكون ما جاء به الدكتور”الشحرور” من طوام .. مجرد “اجتهاد” .. يدور بين الأجر والأجرين!

مع “الطبقة الجديدة”دخل إلى الدين “مصدر جديد” للتشريع .. هو عمل المسلمين .. فحين كان الصراع – الثقافي – على أشده في مسألة جواز كشف وجه المرأة – لدينا هنا في المملكة العربية السعودية – تكرر طرح هذه الحجة /

هل المرأة في إندونيسا أو في  ماليزيا..إلخ ليست مسلمة؟

السؤال في حد ذاته يكشف خلالا في الاستدلال ..

أولا : كان يكفي الاستدلال بالأدلة الشرعية للقائلين بجواز كشف الوجه ..

ثانيا : يعلم القائلون بتلك الحجة أن المرأة المسلمة في بعض الدول الإسلامية .. تسير على البحر ب”البكيني” .. أليست مسلمة!

إذا ما الذي يفعله فقه التسهيل هنا؟

إنه يقرب أو يدفن الهوة بين العلم الشرعي المبني على أدلة معتبرة .. وبين “اجتهاد الشحرور” – ومن على شاكلته – وينتج عن ذلك أن كل مبالغة في التساهل تشكل ضغطا على المتمسك بالأحوط من دينه … حتى يوصف بالتطرف

مثلا : كلما تم التخفيف من تجريم جر الثوب وحصره في “الخيلاء” فقط ،يتم الضغط على من قصر ثوبه امتثالا لأمر الحبيب صلى الله عليه وسلم .. (عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : مررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي إزاري استرخاء.فقال : يا عبد الله،ارفع إزارك فرفعته ثم قال : زد،فما زلت أتحراه بعدُ. فقال بعض القوم : إلى أين؟ فقال : إلى أنصاف الساقين) : رواه مسلم.

وفي الحديث الذي رواه أبو داوود بسند صحيح .. حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه :

(قال،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إزرة المسلم إلى نصف الساق،ولا حرج أو لا جناح فيما بينه وبين الكعبين،فما كان أسفل من الكعبين فهو في النار،ومن جر إزاره بطرا لم ينظر الله إليه)

هل كان سيدنا عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – متشددا !

الآن من يلتزم بقول الحبيب – صلى الله عليه وسلم – “إزرة المؤمن ..” يعد مشتددا .. وستصبح التي تغطي وجهها متشددة .. إلخ.

الذي لاشك فيه أنني أكتب وفي ذهني قول الحبيب – صلى الله عليه وسلم – ( لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها فأولهن نقضا الحكم وآخرهن الصلاة) : رواه أحمد وابن حبان وصححه الألباني {موقع أهل الحديث : https://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=87979 }

لقد أكثر القرآن الكريم من الحديث عن الأمم السابقة .. لنعتبر بها .. ونستطيع أن ننظر إلى “النصرانية” – المحرفة – في زماننا للنظر كيف سارت الأمور لديهم .. وكيف ظلت “الكنيسة” تتساهل .. أو تيسر الدين للناس .. حتى أباحت الخمر .. والخنزير .. والميتة .. يقول الدكتور ذاكر نايك أن تحريم الخمر ورد في :

(سفر الأمثال،الإصحاح 20،العدد 1

“الخمر مستهزئة .. المسكر عجاج .. ومن يترنح بهما فليس بحيكم”وتتكرر رسالة مشابهة في سفر أفسس الإصحاح 5،العدد 18 :

“لا تسكروا بالخمر  الذي فيه الخلاعة”إذا فالكحول محرم في الكتاب المقدس أيضا فيما لا يقل عن مكانين مختلفين )

الميتة و الدم و لحم الخنزير وما أهل لغير الله به   محرمة في القرآن .. (وهذه الأنواع من الطعام محرمة في الكتاب المقدس أيضا . فإذا قرأت الكتاب المقدس في سفر اللاويين الإصحاح 17،العدد 15 ،وفي سفر التثنية الإصحاح 14،العدد 21 :

“لا تأكلوا جثة ما “إذا فالميتة محرمة في الكتاب المقدس . أما بالنسبة للدم فهناك ما لا يقل عن خمسة مواضع في الكتاب المقدس تحرم الدم.) ثم أشار إلى هذه المواضع : ( سفر التكوين الإصحاح 9،العدد 4 ،وفي سفر اللاويين الإصحاح 17،العدد 14،وفي سفر التثنية الإصحاح 12،العدد 16وفي سفر صموئيل الإصحاح 14،العدد 23،وفي سفر أعمال الرسل الإصحاح 15،العدد 29 (..) وبخصوص لحم الخنزير فهو مذكور في الكتاب المقدس في سفر اللاويين الإصحاح 11،العدد 7-8 :

“والخنزير لأنه يشق ظلفا ويقسمه ظلفين لكنه لا يجتر . فهو نجس لكم. من لحمها لا تأكلوا وجثثها لا تلمسوا.إنها نجسة لكم”..)

وفي ذروة مشهد التساهل .. (قالت صحيفة الجارديان إن الكنيسة الإنجيلية بكندا وافقت رسميا على قبول زواج المثليين بالكنسية بأغلبية الأصوات أثناء انعقاد اليوم الأخير من المجمع المقدس الذي ينعقد لستة أيام كل ثلاثة أعوام،إذ صوت 155 من مندوبي الكنيسة لصالح الزواج بينما صوت  68 ضده){ صحيفة  اليوم السابع عدد يوم 21 مايو 2019 }.

بما أننا أشرنا إلى “الحجاب” .. فهذه “لقطة”من حال المرأة الفرنسية – عبر الأدب – وكيف كان حالها .. فقد كتب “ستندال” – 1783 / 1842م –  في إحدى رواياته ،في اللقاء الأول بين السيدة”دو رينال”والشاب “جوليان”الذي قدِم ليكون معلما لأطفالها .. وهو لم يكمل التاسعة عشرة من عمره بعد .. وقد فكر في أن يقبِّل يد السيدة :

(تجرأ بأن أمسك يد السيدة دو رينال (..) وحملها إلى شفتيه. تفاجأت،وصدمت وهي تفكر في الأمر. لما كان الطقس حارا،فقد كانت ذراعها عارية تحت وشاحها فانكشفت ذراعها بالكامل عند قيام جوليان بحمل يدها إلى شفتيه. وبعد برهة لامت نفسها لأنها لم تشعر فورا بالإهانة.){ ص 47 ( الأسود والأحمر ) : ستندال / ترجمة : عبد السلام المودني / الطبعة الأولى  2015/ منشورات الجمل”نسخة إلكتورنية”}

نعم. كان لها أن تشعر بالإهانة لانكشاف ذراعها !!

وهكذا خطوة .. بعد أخرى .. وصل الأمر إلى ما رأينا في من شواطئ  للعراة .. إلى القرار الذي اتخذه عمدة الريفيرا – قبل سنوات – بفرض غرامة على الرجل الذي يسير عاري الصدر .. وإعفاء المرأة التي تسير “تو بلس” .. دون غطاء للصدر .. وصولا إلى نقطة الذروة – كما نقلنا عن”الجارديان” بإباحة زواج”الشواذ” والذي لطفته الصحيفة بتسميته “زواج المثليين”!

إذا أردنا أن نجيل النظر … فسنجد أن الإنسان الحديث .. تقصلت ساعات العمل لديه – في الأعم الأغلب – فأصبح يمتلك فائضا من الوقت .. فغزاه داء”الملل” .. فنراه يمارس الرياضات القاسية .. يتسلق الجبال الوعرة .. يقفز من الطائرات في الجو .. قبل عقدين تقريبا .. كنا نقرأ عن امتلاء ملعب كرة القدم في جدة – في المباريات النهائية – وتغلق أبوابه عند الساعة الثانية ظهرا .. والمبارات المنتظرة سوف تُلعب عند الساعة الثامنة مساء،وقد تمتد إلى “أشواط إضافية” .. هذا كله والمقاعد ليست مريحة .. أي جَلد يمتلكه الإنسان .. إذا رغب في قتل “الوقت ” أو قتل”الملل” .. أو تشجيع فريقه المفضل!!

الإنسان الذي هذه حاله ربما يحتاج إلى “عزائم الدين” .. لا إلى  رخصه .. في ظل فائض الوقت .. وهذا الجلد الذي يبديه .. إن رغب .

و”الدين” – حتى ذلك المحرف – حريص،كما يرى “بيجوفيتش” على “أن يعمل الجميع” .. وكما نقول عن النفس .. إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية.

كتب علي عزت بيجوفيتش،رحم الله والديّ ورحمه :

(,قد وجد”هنري لفييفر” – الكاتب الماركسي – أنه من الضروري التأكيد على أن العمل – وفقا للماركسية – عنصر إنتاج وليس عنصر أخلاق. إن تكريس العمل في أوربا فكرة أساسها”بروتستانتي”وليس اشتراكيا كما شاع في اعتقاد الناس. فالدين يهمه أن يعمل الجميع بصرف النظر عن النتائج. والحضارة عكس ذلك لا تفكر إلا في النتائج،,هي تحاول أن تتجنب العمل بقدر ما تستطيع،وذلك من خلال تأجير قوة العمل : سواء كانوا عبيدا في الزمن السالف أو آلات في الزمن اللاحق.){ص 305 ) / الإسلام بين الشرق  والغرب ) / علي عزت بيجوفيتش / ترجمة : محمد يوسف عدس / دار الشروق / القاهرة / الطبعة الخامسة 2014م}.

وبعد .. فالذي لاشك فيه أن “الإسلام” مُستهدف،أو يقصف عبر محاور عدة .. على رأسها ضعف المسلمين .. وجهال جعل  الأعداء منهم رأس حربة لهذه الهجمة “الصليبية” – حسب زلة لسان”بوش ” الإبن – .. والعاصم – بعد الله سبحانه وتعالى – هو خروج الأمة من غيابة الجب الذي ترزح فيه،منذ سقوط غرناطة حتى الآن .. حسب رأي بعضهم .. والذي حفظ الإسلام – بعد ربنا سبحانه وتعالى – كما يرى أحد الفرنسيين .. هو  .. تلك الصلابة التي يتميز بها السلام .. ولعل من يريد أن يفهم معنى”الصلابة” فعليه أن ينظر إلى”لين الكنيسة” .. حتى وصل الأمر إلى ما وصل إليه.

وما أطلق عليه ذلك الفرنسي “صلابة”،سماه صاحب “قصة الحضارة ” .. “رجولة”،وأشار إلى”الصلابة”أيضا. كتب “ديورانت” :

(والمسلمون هم أقوى الأقليات الدينية في الهند وأكثرها إثارة للاهتمام، وسنرجئ دراسة دينهم إلى جزء آخر من أجزاء هذا الكتاب، وليس العجيب أن يفشل الإسلام في اكتساب الهند إلى اعتناقه على الرغم من معاونة ( أورنجزيب) له على ذلك معاونة متحمسة إنما المعجزة هي ألا يخضع الإسلام في الهند للهندوسية، فبقاء هذه الديانة الموحدة على بساطها ( لعلها على بساطتها – محمود) وصلابتها، وسط ألوان متشابكة من الديانات التي تذهب إلى تعدد الآلهة، دليل يشهد على ما يتصف به العقل الإسلامي من رجولة، وحسبنا لكي نقدر عمق هذه المقاومة وجسامة هذا المجهود أن نذكر كيف تلاشت البوذية في البرهمية، فإله المسلمين له اليوم سبعون مليونا من عباده في الهند) {ص 406 –  407 جـ3 مجلد 1  ( قصة الحضارة ) / ول ديورانت}

فالله … الله في هذه الأمة المستضعفة .

أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.