www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

عندما يعتب الأصدقاء /  د. ريمه الخاني

0

هل تواجه أصدقاء يعتبون بشكل مستمر وبشكل مزعج؟

وهل تشعر بنفسك عاتبا أيضا بدورك على معظم من تعرف؟.

وهل ترى أن الأمر  الذي يدور حوله العتب خطير جدا؟؟ .

هل مازال يدور في صدرك بقاياه التي لاتختفي ولاتكل ولاتمل؟.

وهل تنام قلقا، تجتر مافات من أمور متشابهة،على وسادتك قبل النوم،  تعزلك عن الناس والواقع؟.

هل تعتبر العتاب محبة، أم كيد ولؤم؟.

و تردد هذا البيت  :

جفا ودهُ فازور أو مل صاحبهُ    =وأزرى به أن لا يزال يعاتبه….

إذا كنت في كل الأمور معاتباً     =صَديقَكَ لَمْ تَلْقَ الذي لاَ تُعَاتبُهْ

إن كان بشار بن برد قد صدق، فماذا عنا نحن ؟.

في الحقيقة هو  موضوع لم يعالجة الباحثون بدقة و عن قرب، ولا عالجوه بطريقة  علمية منطقية لذا اعتبر هذا  الموضوع مقدمة لبحث قريب إن شاء الله، فيهمنا تلمس الآراء حوله.

***************
باب العتاب يبدأ بمطبٍ لفظي، أو سلوكي بسيط، يتعاظم  رويدا رويدا، عندما يردد صاحب العتب في راسه مرارا، يربطه بأمور سابقة مشابهة، ويتجنب المواجهة الإيجابية، لإنهاء سوء التفاهم مهما كان.

ولعلي أحب الآية الكريمة:

بسم الله الرحمن الرحيم

رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي* وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي* وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي.[1]

أن تحيك جملتك بدقة، فتكون واضحة مفهومة ومناسبة،  ولها معنى واحد فقط، مهارة لغوية مطلوبة، في زمن السرعة وانحسار التأمل والتقكر…

إنه  مرض قديم  جديد، مازال يستفحل ويزداد تضخما، من خلال هذا الشرخ الاجتماعي، الذي  بدأ يزداد ببروز الفردية واستعمال التقنيات ، بحيث نلاحظ  أن رؤية من كنا نكن لهم كل عتب شديد بدأ يخف تأثيرة  تدريجيا على أنفسنا المتعبة ، عندما نراهم !.

إننا نعاني بالفعل  من نظرة عاتبة  ضمنية على من حولنا، نعاين عيوب سلوكهم ونقيمها  بطريقتنا  -وياليتنا نقوّم أنفسنا أولا-  وحسب طقوسنا وعاداتنا وطبعنا، وننسى أن هناك من يملك أيضا طبعا خاصا وخصوصية سلوكية كذلك بنيت تراكميا من خلال التربية والبيئة، لكن الأنكى من هذا هو  استمرار من نعرف ونود، في عتابه باستمرار كذلك، هي تقليعة متطورة حديثا، نابعة من اعتداد شخصي ورضى ضمني عن النفس، فهي تؤدي بنا إلى ملل من  صحبة من نحب ، فننفر منه بسببه أو بسببنا، وكأننا أنبياء!.

ولعل أسوأ مافي الأمر،  هو أن يصلك عتابه من شخص ما،  يزعجك مرور الموضوع في دماغه وعلى أسماعه أولا، ليؤولها بدوره في تفكيره الخاص أيضا، وبطريقته المختلفة ايضا، فتمسخ الأمور وتستعصي عن العودة لصالح المودة الأولى،  فترتدي شيطانا إبليسيا، ويكون أصل الموضوع مثلا  عتاب عن تخلفه عن الاطمئنان عليه، أو  نسيان لموعد ما ..الخ، فهو أمر غير مصيري غالبا، ومن المنطقي  جدا ألا يؤدي لهكذا أمور!.

باختصار وكمتابعة ميدانية رأيت الأمر يحمل عدة أوجه وأسباب منها:

1-بروز الأنا ضخمة كبيرة في النفس ، فهي تكبر باستمرار و بازدياد الاستقلالية الحياتية.

2- قصور صاحب العتب وعجزه ، عن حل المشكلة التي تكرس الشرخ الذي بينه وبين غيره بحيث لايبحث في عيب نفسه كمشارك في السبب، بقدر رقابته على زلات غيره.

3- تراجع المنطق الحقيقي،  في معالجته للأمور: كالنظر في ظروف غيره ، وفي ظروفه، ومعرفة السبب الذي أدى للعتب وإيجاد العذر الحقيقي للناس ، فمعالجة الأمر وإنهائه.

4- قد ينتهي الأمر بالمواجهة الودودة ،  وبكلمات موزونه مليئة بالعسل، لكنها حالة قصور في الشجاعة في حل الأمر، لأنه انطوائي النمط الاجتماعي، أو أنه انعزاليا، أو فاشل اجتماعيا.

5- فراغ في الواقت والتفكير، وفجوة فيهما، بحيث يملا وقته في التنظير والنقد والتقييم.

وعليه، مهما كان صاحب العتب محقا، لكن عندما يضع ظروف من يعاتبه بالحسبان، ويحلل الموقف بمنطق العاقل الرزين، فسوف تبدو الأمور بمنتهى السخف، لأن الحل يكون ابسط مما يتوقع…
فلماذا نعيش معاتبين دوما؟؟؟؟، ألم نتعب؟ فلنجد حلا أكثر إيجابية، ولنعش للمستقبل المشرق، بلا لحظات ضعف تربكنا وترهقنا،  وكفى تعطيلا  وسلبية، ولنترك أمر الخلق للخالق بعد النصيحة ومحاولة الإصلاح.

الخميس 12-7-2018

  سورة طه: 25-28  [1]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.