www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

هل بقي لنا أي وجود قومي ….؟!

0

منير مزيد / رومانيا كنت دوما اسأل نفسي ، لماذا نحن أمة متخلفة و هل هناك سبيل للنهوض ، وخاصة إذا علمنا إن التخلف لا يستمر إلى الأبد و إن دورة الحياة تتغير ….؟ كانت قناعتي تدعو للتفاؤل بإن النهوض ممكناً بدليل أننا كنا متقدمين و قادة الأمم و كنا نملك مفاتيح الحضارة ، العلم و المعرفة و القراءة و البحث إلا أنني اليوم أجد نفسي أكثر تشاؤماً..

 هل بقي لنا أي وجود قومي ….؟!

منير مزيد / رومانيا

    كنت دوما اسأل نفسي ، لماذا نحن أمة متخلفة و هل هناك سبيل للنهوض ، وخاصة إذا علمنا إن التخلف لا يستمر إلى الأبد و إن دورة الحياة تتغير  ….؟

    كانت قناعتي تدعو للتفاؤل بإن النهوض ممكناً بدليل أننا كنا متقدمين  و قادة الأمم و كنا نملك
مفاتيح الحضارة ، العلم و المعرفة و القراءة و البحث  إلا أنني اليوم أجد نفسي أكثر تشاؤماً..
 
    في حقيقة الأمر أحد الأسباب الأساسية لتخلفنا  هذا  ، وقد يستغرب الجميع ، هو ” المثقف العربي ”  الذي أصبح نسخة كربونية للنظام العربي . فالنظام العربي تأسس على القمع
و الأستبداد وساهم بنشر جراد الفساد في الأجواء و احترف فن الاقصاء وتدمير أي فكر إبداعي  حتى بات الوطن لمجموعة من اللصوص و الفاسدين …

    أنا لا أريد هنا مناقشة فساد الأنظمة العربية و الإسلامية و إنما سأتحدث عن ما هو أخطر وهو العودة إلى جوهر تخلفنا ” المثقف العربي “.  قد يستغرب القارئ و يتسأل كيف يمكن أن يكون أحد الأسباب الأساسية لتخلفنا  هذا هو ” المثقف العربي “..  الجواب على هذا السؤال في غاية البساطة ، حين يصبح المثقف فاسدا ، و ورثة الأنبياء يتحولون إلى فاسدين و دجالين، فالمثقف الذي ﻴﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ هو المثقف غير المستلب  ﻭﻻ المستنسخ لأن المثقف الحقيقي يمثل ارادة الشعوب والدفاع عن أهداف أمته وشعبه. كما أنه يخلق الوعي الحقيقي للمبادئ والقيم الإنسانية ..

   أما سبب شعوري بالإحباط والتشاؤم ، سأذكر هنا حادثتين مهمتين جدا توضح مدى حجم الفساد الذي أصاب  دعاة الثقافة :

     الأولى : بمناسبة زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى رومانيا، أقيم في بوخارست الأسبوع الثقافي الأردني برعاية وزير الثقافة الروماني ثيودور باليولوجو و  وزير الخارجية الأردني ناصر جودة ، فلا أدري حقيقة أسباب دعوة مصممة أزياء عراقية ضمن الأسبوع الثقافي الأردني ، لست معترضا كونها عراقية ، وأنما على تصاميم تلك الأزياء التي لا علاقة لها مطلقاً بالأزياء الشعبية الأردنية ، على رغم من أعجابي شخصيا و الحضور  بتصاميم تلك الأزياء .  ناهيك عن حديث جانبي جرى بيني و بين السيد جريس سماوي ادعى أنه كان داعما قويا لي ، فلا أدري عن أي دعم يتحدث ، هل سكوت وزارة الثقافة الأردنية على جريمة عصابة الكتاب الأردنيين  يعتبر دعما أو أن الوزارة لم تكلف نفسها عناء طباعة كتاب واحد لي يعتبر دعما ؟

    ألم يخجل السيد جريس سماوي حين وجد مدى الدعم الذي  أحظى به من  وزارة الثقافة الرومانية  و تقوم بتعريفه بـ منير مزيد و ماذا انتج هنا و قيام المؤسسات الثقافية  الرومانية بإصدار 10 كتب لي وهناك 7 كتب تحت الطبع ستصدر خلال الشهرين القادمين و 3 كتب تحت الترجمة ، و بدلا أن تقدمني الأردن لـ رومانيا حدث العكس هنا  .. لهذا أود توجيه له كلمة
و لوزارة الثقافة الأردنية لقد منحتموني أمام أهلي الرومان بطاقة شرف  وهي بأنني لم أركب معكم يوما في عربة الفساد.. وهذا رضا الله و رضا و الدتي العظيمة التي حرمت من رؤية ابنها لأنه رفض أن يكون فاسدا و صبرت و وكلت أمرها لله عز وجل ..

     الثانية : استقالة الشاعر محمد عفيفي مطر من لجنة الشعر بسبب فوز الشاعر المصري احمد عبد المعطي حجازي المشكوك فيه بجائزة الملتقى الدولي للشعر الاسبوع الماضي وكذلك رداً على فوضى التنظيم وشخصنة المنصب وانعدام النزاهة في تكوين لجنة منح الجائزة ..

   هذه الحوادث و غيرها كافية لتقول : لم يعد الفساد مجرد ظاهرة  أو حالة أو مرحلة ولكنه صار يجري فينا مجري الدم حتى بات الإنسان العربي لا يعرف إلا لغة النفاق و الفساد ، وأصبح فسادا يمشي علي الأرض ، ويتحين الفرصة لكي يغتنم من الفساد ، حتى الذين يحاربون الفساد
 و يلاحقونه فسدة  و يريدون إسقاط فساد غيرهم ليمارسوا هم فسادهم..
 
  هذا هو واقع الأمة العربية ،و لا أرى في الأفق أي أمل لتغييرهذا الواقع  في ظل مثقف فاسد  أو الخروج من هذا الواقع المأساوي، و حزني أكبر على الأجيال العربية القادمة التي سترث منا كل هذا الخراب ، هذا إذا بقي لنا وجود قومي ..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.