إن آخر الهجومات التي يتعرض لها النابغون والشعراء، لم تأتِ من دولة ديكتاتورية، كما اعتاد العالم أن يسمع، ولكنه جاء من الدولة التي يُدللها العالم ويسميها[ واحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط] !! لم يدافع كثيرون- كما جرتْ العادة
مبيدات حرية الرأي
بقلم / توفيق أبو شومر
إن آخر الهجومات التي يتعرض لها النابغون والشعراء، لم تأتِ من دولة ديكتاتورية، كما اعتاد العالم أن يسمع، ولكنه جاء من الدولة التي يُدللها العالم ويسميها[ واحة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط] !! لم يدافع كثيرون- كما جرتْ العادة
– عن الشاعر الألماني المبدع غونتر غراس،الذي يتعرض لحملة شعواء من رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو، ويبدو أن نهايته ستكون كمثل نهاية العجوز التسعينية الإعلامية المخضرمة هيلين توماس، والتي شغلت منصب المستشارة الإعلامية لعشرة رؤساء أمريكيين، والتي انتقدت سياسة الاحتلال الإسرائيلي، فأدى الأمر إلى طردها من منصبها وإقصائها بالكامل عن المنابر الإعلامية!!
وقد كرّمتْ فلسطين هذه العجوز، وسلمتها الدكتورة حنان عشراوي ميدالية من الرئيس محمود عباس في واشنطن يوم 5/4/2012 وتستعد وسائل الإعلام في إسرائيل لإطلاق تسمية اللاسامية على مَن كرموها أيضا!! وهاهو الشاعر الألماني غونتر غراس الحائز على جائزة نوبل في الآداب، والمولود عام 1927 يلحق بركب المطرودين من رحمة حكومة إسرائيل، والمغضوب عليهم من دولة إسبرطة العسكرية، والموصوم بتهمة اللاسامية!! والسبب يعود إلى آخر كلماته التي نشرتها المجلات والصحف العالمية يوم 4/4/2012 وفيها يقول:
((ما يجب أن يُقال!
ولماذا أقول الآنفي مثل هذه الأيام والأزمان
الخطر المهدد للسلام والأمان ليس إيران،
بل هو مفاعل نووي إسرائيل الذي يدمر سلامنا الهزيل
أنا مكتئبٌ ومريضٌ من الغش، ومن النفاق الغربي الجبان))
وانتفض العرق السامي، في وجه نتنياهو وقال:
هاهو غونتر غراس يعود إلى نازيته ولا ساميته من جديد، أليس غونتر غراس كان باعترافه نازيا في كتائب هتلر؟!!
وسارع اليوم وزير الداخلية الإسرائيلي إيلي يشاي 8/4/2012 بإعلان غونتر غراس شخصية غير مرغوب فيها في إسرائيل!!
إذن فلتشن الحرب عليه، لأنه مطرود من رحمة إسرائيل إلى يوم القيامة!!
فهل يكون سلاح نتنياهو المُجرَّب(تهمة اللاسامية) فتاكا وقاتلا كالعادة، مثلما حدث مع كثيرين كخوسيه ساراماغو الحاصل على نوبل حين زار رام الله وكتب عن التمييز العنصري والقهر الاستيطاني ، وكما عوقب من قبله روجيه غارودي ، وأيضا ( اللاسامي) بلانتو أروع رسام كاريكاتير فرنسي في صحيفة لوموند الفرنسية ، لأنه رسم صورة رجل عليه علم إسرائيل يتحزم بحزام ناسف اسمه المستوطنات، وطالتْ التهمة كذلك سفير أمريكا (اليهودي) في تل أبيب دان كرتسر، لأنه فقط انتقد الاستيطان عام 2002 وقال:
على إسرائيل أن تُنفق على الشؤون الاجتماعية، وليس على الاستيطان!! فقالت عنه الصحف إنه يهودي لا سامي! كما قيل عن غولدستون؟!!إنه مُبيد اللاسامية الفتاك الذي اخترعه ولهلم مار مستغِلّلا قول العنصري أرنست رينان في آخر القرن التاسع عشر حين قال: “إن الساميين يشكلون خطرا على حضارة الجنس الآري” والغريب أن كثيرين ممن يُتهمون باللاسامية هم من أصولٍ سامية، وحتى اليهود أنفسهم لم ينجوا من التهمة، فقد اتهم المؤرخ والكاتب الإسرائيلي إسرائيل شاحاك وكذلك يوسي ساريد وشولاميت ألوني ومعظم المؤرخين الجدد!!واتهمت بها حتى الصحف والمجلات ووسائط الإعلام، واتهمتْ حتى صحيفة هارتس الإسرائيلية، وغيرها من الصحف العالمية، ونجحت إسرائيل في تثبيت تهمة اللاسامية في أمريكا وجعلتها تهمة لها عقوبات قانونية في التشريع الأمريكي. وإليكم أخيرا المعنى الشامل والجامع المانع في تهمة اللاسامية: فهي تعني كل تعبير فيه كراهية اليهود، أو الحقد عليهم، أو التمييز الاجتماعي والاقتصادي والسياسي ضدهم، وضد مؤسساتهم الاجتماعية والسياسية …!
– وتشمل أيضا التمييز العرقي والطبقي مثل اتهام اليهود بالبخل والمؤامرة.
– وتشمل كل ادعاء بمسؤولية اليهود عن أعمال وجرائم آثمة.
– وتضم كذلك كل منكري الهولوكوست وإبادتهم بأفران الغاز على أيدي النازيين.
– وكل من يتهم اليهود كشعب أو كدولة إسرائيل بأنهم يبالغون في حجم الكارثة.
– وكل من يتهم اليهود بأنهم أكثر ولاء لإسرائيل من الدول التي يعيشون فيها.
– وكل من ينكر حق اليهود في تقرير مصيرهم، أو يسمونها كيانا عنصريا.
– وكل من يرفعون الشعارات والصور المعادية، مثل صورة قتلهم المسيح أو فرية الدم.
– وكل من يقارن بين سياسة إسرائيل اليوم وسياسة النازيين.
– وكل من يُحمِّل المسؤولية لليهود عن أعمال دولة إسرائيل.[ مقتبس من صفحة وزارة الخارجية الإسرائيلية]!!!