www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

إلى أين يا عرب؟/د. فايز أبو شمالة

0

لم تقدم لجنة متابعة مبادرة السلام العربية المبرر للمفاوضات الفلسطينية غير المباشرة مع الإسرائيليين، وإنما استجابت اللجنة الوزارية للمقترح المقدم من السلطة الفلسطينية، فجاء القرار باستئناف المفاوضات غير المباشرة مع الإسرائيليين لمدة أربعة أشهر، بداية للاستئناف، وتعبيراً عن رغبة السلطة، وإرادتها الكاملة بعودة التفاوض مع الإسرائيليين، وقد تم تغليف الموافقة الفلسطينية بقرار عربي، وذلك لتبرير التمنع الفلسطيني لمدة عام. وللعلم، لقد سبق وأن وقعت السلطة الفلسطينية اتفاقية “أوسلو” دون التشاور مع أي دولة عربية، وكان القرار

د. فايز أبو شمالة
        لم تقدم لجنة متابعة مبادرة السلام العربية المبرر للمفاوضات الفلسطينية غير المباشرة مع الإسرائيليين، وإنما استجابت اللجنة الوزارية للمقترح المقدم من السلطة الفلسطينية، فجاء القرار باستئناف المفاوضات غير المباشرة مع الإسرائيليين لمدة أربعة أشهر، بداية للاستئناف، وتعبيراً عن رغبة السلطة، وإرادتها الكاملة بعودة التفاوض مع الإسرائيليين، وقد تم تغليف الموافقة الفلسطينية بقرار عربي، وذلك لتبرير التمنع الفلسطيني لمدة عام. وللعلم، لقد سبق وأن وقعت السلطة الفلسطينية اتفاقية “أوسلو” دون التشاور مع أي دولة عربية، وكان القرار فلسطينياً محضاً، فلم تكن بحاجة إلى التذرع بأي قرار عربي، بل داست منظمة التحرير الفلسطينية على قرار الإجماع العربي لمجرد التوصل لاتفاقية “أوسلو”، ووقعت بعد ذلك اتفاقية الخليل، وبعد سنوات وقعت اتفاقية “واي بلانتيشن” دون الاستعانة بأي قرار عربي، أو أي دعم سياسي عربي، وإنما جاءت الاتفاقيات لتعبر عن استقلالية القرار الفلسطيني، واستجابة للمصلحة الفلسطينية كما قيل في حينه، أما اليوم فإن السلطة في حاجة إلى الدعم العربي، والمبرر العربي لعودتها إلى المفاوضات.
        لم تخسر الدول العربية شيئاً من قرار لجنة متابعة مبادرة السلام، لأن الذي خسر هي السلطة الفلسطينية التي فقدت أهليتها، وفضحت ضعفها مع تكرار فشلها السياسي، واستنفذت قدرتها المستقلة في المناورة، واتخاذ القرار، وعادت بلا سيادة مادية على الأرض الفلسطينية، أو معنوية في قلوب الشعب، ولاسيما بعد أن أعفت القادة العرب من المسئولية التاريخية عن مأساة فلسطين عشرات السنين، لتعاود التستر خلفهم للتصرف بالقرار الوطني الفلسطيني. ضمن هذا السلوك كان منطقياً انتقاد الدكتور عبد السلام المجالي، رئيس الوزراء الأردني الأسبق، للموقف العربي طوال السنوات السابقة، والذي “اعتبر القضية الفلسطينية مشكلة قطرية”، وقال في ندوة نظمتها له الجمعية الأردنية للعلوم والثقافة: إذا كانوا في الكنيست يطالبون بالوطن البديل للفلسطينيين في الأردن، فنحن أيضا سنقول: نريد إرجاع حيفا ويافا.
لاحظوا حرف الشرط “إذا”، بمعنى آخر، إذا اكتفت الدولة العبرية بأرض فلسطين، ولم تمتد أطماعها إلى الدولة المجاورة، فلن نطالب بإرجاع حيفا ويافا، وفي ظني أن هذا هو أقصى إجماع عربي يمكن أن يحصل عليه الفلسطينيون، والذي يقوم على مسالمة إسرائيل إذا ارتضت بنصيبها من فلسطين فقط، أما إذا فكرت إسرائيل بالتوسع شرقاً أو جنوباً، سنقول لها نريد يافا وحيفا، وعليه سيلتزم كل طرف بالقسمة التي تمت، وبالأمر الواقع القائم. فهل هذا هو الحل العادل للقضية الفلسطينية؟ وهل هذا هو التدخل العربي المنشود؟
من حسن حظ  الأمة العربية والفلسطينيين أن اليهود في إسرائيل لن يكتفوا بما أخذوا، ولن يكلوا عن التوسع، وهم على حق، فما دام قادة الأمة العربية على هذا القدر من التسامح والطيبة، فلماذا لا يطمع في كرمهم اليهود؟ ولماذا لا يمتد الحلم اليهودي إلى الشرق والجنوب والشمال؟ فمن تنازل عن يافا وحيفا طائعاً، سيكون مستعداً للتنازل المعنوي عن غيرها من مدن العرب، وأن ينشد السلامة والأمان.
fshamala@yahoo.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.