سوى الحب لا تشفي الفؤاد المكلما
سوى الحب لا تشفي الفؤاد المكلما | ولا يهنيء المضني وإن كان مؤلما |
وما زال ذو القلب الخلي من الهوى كظمآن لا يروي له مورد ظما |
|
هو الدهر كالتيار يكتسح الورى | بليل من الحداث أعكر أهيما |
فما أجدر القلبين فيه تلاقيا | على سقوه أن يسلوها وينعما |
كما يتلاقى في طريق مخوفة | غريبان نالت شقة السير منهما |
وكم عاشق يسلو رزاياه بالهوى | وقد يجتلي وجه النعيم توهما |
كسالك وعر راقه حسن كوكب | فأرجله تدمى وعيناه في السما |
فإن ناله في الحب خطب فإنه | ليقضي خليقا أن يموت فيسلما |
عفا الله عن صب شهيد غرامه | أصاب جراحا حيثما ظن مرهما |
فتى كان ذا جاه وعلم وفطنة | كريم السجايا مستحبا مكرما |
ولكن لكل حيث جلت سعوده | شقاء يوافيه أجل وأعظما |
سبت لبه أسماء منذ احتلامه | فكان الهوى ينمو به كلما نما |
تعلقها حورية حضرية | يكاد يكون النور منها تبسما |
تراءت معانيها بمرآة قلبه | فثبتها فيه الغرام وأحكما |
لها شعر كالليل يجلو سواده | بياض نهار يبهر المتوسما |
وعينان كالنجمين في حلك الدجى | هما نعمة الدنيا وشقوتا معا |
وأهداب أجفان تخال أشعة | مصففة غراء تعكس عنهما |
ومنفرج من خالص العاج مارن | كأن الهوى قد بث فيما تنسما |
تبالغ فيه الحاسدات وشاية | وما حجة الواشي إذا الحق أفحما |
فرب سوي عد عيبا بموضع | وفي غيره للحسن كان متمما |
ورب غريب في الملامح زانها | وكان بها من محكم الوضع أوسما |
وثغر كما شفت عن الراح كأسها | يتوجها رد الحباب منظما |
وخصر إليه ينتهي رحب صدرها | وقد دق حتى خيل بالثوب مرما |
فإن أقبلت فالغصن أثقله الجنى | فمال قليلا واستوى متقوما |
تلعقها غرا لعوبا من الصبا | فما شب إلا راح ولهان مغرما |
ولازمه كالظل غير مفارق | مشوقا على كر الليالي متيما |
وكانت على الأيام تزداد بهجة | ويزداد إعجابا بها وتهيما |
وكان على جهل يعيش بحبها | وبالأمل المدفون فيه تكتما |
يسر سرور الطفل بالم إن دنت | ويبكي إذا بانت كطفل تيتما ولم تدنه غض الشباب فيشتفي ولم تقصه قبل الشباب فيفطما |
فكاتبها يشكو غليها عذابة | ويرجو ذليلا أن ترق وترحما |
ولكن جفت فاندك معقل صبره | وأعياه دفع اليأس عنه فسلما |
لأي الملوك الصيد صرح ممرد | كبرج وما الأبراج منه بأفخما |
تمنطق من أنواره بعاقئق | وقلد فوق الراس درا وأنجما |
نعم هو دار للملوك عتيقة | ولكن غدت للفحش دارا وبئسما |
حباها أمير غاشم لأسافل | بعرض تولاه ورد مثلما |
كذا يفعل الطاغي المطاع فإنه | ليفتك محمودا ويسلب منعما |
بناء بمال الناس قام جباية | ولو ذوبوا تذهيبه لجرى دما |
هنالك أنوار شواتم للدجى | روام بها مدحورة كل مرتمي |
جواعل أيام الذي هن ليله | نهارا طويلا لا يرى متقسما |
يعظمنه عن أن يمر زمانه | منارا كحكم الله والبعض مظلما |
إذا خشي الجاني لقاء ضميره | أدال من الليل المصابيح واحتمى |
مصابيح يستعدي بها من يضيئها | على ظلمات الليل أو تتجرما |
هنالك إطعام كثير وإنما يخص به من كان للحق أهضما |
|
ومن ماؤه دمع وخمرته دم | ويفترس المسكين لحما وأعظما |
هنالك جمهور تخال رجالهم | نساء محلاة ونسوتهم دمى |
يميلون من فرط المسرة نشوة | وينشد كل منهم مترنما |
فيا أيهاالعافي الملم بدارهم | رويدك لا تغب غنيا مذمما |
أيغبط من جادت يداه بعرضه | لما أنه أثرى بذاك فأكرما |
ومن يلتمس رزقا وهذا سبيله | فأخلق به أن يستهان ويرجما |
هنيئا لك الاعسار والعرض سالم | وكن ما يشاء الله جوعان معدما |
ترقب عقاب الله فيهم هنيهة | تجد عيدهم هذا تحول مأتما |
كلوا واشربوا ما لذكم وحلالكم | وفضوا زجاج السلسبيل المختما |
وطوفوا سكارى راقصين وأنشدوا | ولا تسمعوا صوت الضمير مؤثما |
فما هي غلا لحظة ثم تنقضي | فسروا بهام اتستطيعون ريثما |
ومن أمكنته فرصة غير عالم | بما بعدها فلينهب الصفو مغنما |
وأغوي عباد الله أسماء وباذلي | لحاظك آلاء وإن كن أسهما |
محبوك كثر والأبر معاقب | ومن بر بالحسناء عوقب مجرما |
يحبك حتى أنت معنى حياته | إذن هو أولى أن يساء ويظلما |
ومهما يجد الوجد فيه فبالغي | بهزلك حتى تقتليه تهكما |
فلما رأى أن الرجاء مضيع | وأن منار السعد بان وأعتما |
مضى يتمشى في الحديقة مغضبا | يكاد الأسى فيه يثير جهنما |
يروح ويغدو خائفا ثم راجيا | ويبكي حزينا آسفا متوجما |
تشاك بمرأى ذلك الروض عينه | ويحسب فيه سائغ الماء علقما |
في العقاب الفرع والأصل قد جنى | ليغدو أنكى ما يكون وأصرما |
يقول أسيفا ليتني كنت مدقعا | من الفر لم أملك رداء ومطعما |
ويا ليتني أقضي نهاري متبا | واحسد في الليل الأصحاء نوما |
ويا ليتني شيخ ضئيل محدب | اسيف على عهد حبيب تقدما |
إذن كان هذا العيش كأسا مسوغة | بصبري أحليه وإن يك علقما |
أنيفعني جاهي وعلمي وفطنتي | وهل عصمت قبلي سواي فأعصما |
ولكن أرى أن المذاهب ضقن بي | وأن مماتي قد غدا متحتما |
وإن يرمني بالجبن قوم فإنني | رأيت اتقاء الضيم بالموت أحزما |
إذا اشتد غلي في إناء فما الذي يعاب عليه إن وهيى وتحطما |
|
وإنرزح الحمال من وقر حمله | أيلقيه عنه أم يطاوع لوما |
فلما انتهى أورى الزناد مسددا | إلى قلبه فانحط يخبط بالدما |
كأن بناء راسخا في مكانه | هوى بشهاب محرق وتهدما |
كأ الجماد الناضح الدم لم يكن | سميعا بصيرا مدركا متكلما |
كأ لم يكن علم هناك ولا نهى | ولم يك فضل يستفاد ميمما |
كأن لم يكن حب فصد حبيبة | فيأس كبركان يثر تضرما |
فموت بريء حيثما بات جده | أثيما بأموال العباد منعما |