www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

ألا يستحق الدعاة معاملة الحاخامات؟ / صالح النعامي

0

بُعيد مقتل رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين ثارت في إسرائيل زوبعة كبيرة تركت أصداءً واضحة على الحلبة السياسية والنسيج الاجتماعي في الكيان الصهيوني؛ فقد تبيَّن أن الحاخامات اليهود كان لهم الدور الأبرز والأوضح في التحريض على اغتيال رابين. بعض الحاخامات أفتى في حينه أن من يقتل رابين “سيكتب عند الرب صديقًا”.

ألا يستحق الدعاة معاملة الحاخامات؟ / صالح النعامي

 

 بُعيد مقتل رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين ثارت في إسرائيل زوبعة كبيرة تركت أصداءً واضحة على الحلبة السياسية والنسيج الاجتماعي في الكيان الصهيوني؛ فقد تبيَّن أن الحاخامات اليهود كان لهم الدور الأبرز والأوضح في التحريض على اغتيال رابين. بعض الحاخامات أفتى في حينه أن من يقتل رابين “سيكتب عند الرب صديقًا”.
وقد حصلت كل من الشرطة وجهاز المخابرات الداخلية على أدلة دامغة تدين هؤلاء الحاخامات في التحريض على أول اغتيال سياسي في تاريخ الكيان الصهيوني. ومن المفارقة ذات الدلالة أن جميع الحاخامات الذين شاركوا في التحريض على قتل رابين هم موظفون في سلك الدولة، ويتقاضوْن رواتبهم من وزارة المالية الإسرائيلية. وقد تبلور إجماع غير مسبوق داخل الكنيست وفي الرأي العام حول ضرورة وضع حد لـ “تجاوزات” الحاخامات.. فكيف ردت الحكومة على هؤلاء الحاخامات؟، هل زُجَّ بالحاخامات في غياهب السجون؟.. هل دوهمت بيوتهم وروعت عوائلهم؟.. هل حوربوا في أرزاقهم؟.. هل تجرأت الدولة على مطالبة الحاخامات باتباع منهج محدد في “العظات الدينية”؟.. وهل فكر أحد في دوائر صنع القرار الصهيوني أن يطلب من الحاخامات تلاوة “عظات” أعدت سلفًا من قبل وزارة الأديان الصهيونية؟..لم يحدث شيء من هذا القبيل على الإطلاق، بل على العكس تمامًا، فقد شدد الجهاز القضائي الإسرائيلي العلماني على التزامه بمنح الحاخامات مطلق الحرية في التعبير عن وجهات نظرهم كما يملي ذلك فهمهم للنصوص الدينية.
كان بإمكان الكيان الصهيوني إيذاء الحاخامات إيذاءً شديدًا، فالحاخامات يتقاضوْن رواتب تعتبر خيالية، فهم يحلون بعد الوزراء والنواب من حيث حجم الراتب الذي يتقاضوْنه، فعلى سبيل المثال يتقاضى حاخام بلدة “نتيفوت” الصغيرة التي تقع جنوب غرب الكيان الصهيوني مبلغ 30 ألف شيكل في الشهر (سبعة آلاف دولار)، وتقفز رواتب الحاخامات في مدن أخرى إلى خمسين ألف شيكل. واللافت أن الحاخامات لم يبدَّلوا ولم يغيَّروا، بل على العكس تمامًا فإن معظم الحاخامات الذين أشير إليهم بإصبع الاتهام يواصلون التحريض تارة على الفلسطينيين وأخرى على العلمانيين اليهود، بل أن قيادة الجيش سمحت لكثير من غلاة المتطرفين من هؤلاء الحاخامات بتفقد قواعد الجيش ومعسكرات التدريب لإلقاء “العظات” الدينية التي تقطر تحريضًا وعنصرية.
وزن حاسم في صنع القرار
وعلى الرغم من أن المتدينين في إسرائيل يشكلون 30% فقط من الجمهور الإسرائيلي، إلا أنهم يلعبون دورًا حاسمًا في صنع القرار السياسي للدولة. فرئيس الدولة شمعون بيريس ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وزعيمة المعارضة تسيفي ليفني وبقية قادة الدولة قدموا مؤخرًا طلبًا للقاء الحاخام عفوديا يوسيف زعيم حركة شاس، إلا أن مدير مكتبه حتى الآن لم يحدد لهم موعدًا للقاء؛ بحجة أن “جدول أعمال الحاخام ممتلئ!!”. وإن كان الملف النووي الإيراني هو من أخطر الملفات التي تهم الدولة، فإنه من المفارقة أن نتنياهو حرص قبل فترة على الالتقاء بالحاخام يوسيف لوضعه في صورة استعدادات إسرائيل لمواجهة البرنامج الإيراني، بينما لم يجد شمعون بيريس بدًا من الاستعانة بالحاخام إلياشيف زعيم التيار الأرثوذكسي الليتائي للدفاع عن مواقفه السياسية.
محظوظون حتى عند زعمائنا
لكن احترام الحاخامات لا يقتصر على مؤسسات الدولة ورجالاتها في إسرائيل، بل يتعداه إلى المسئولين الأجانب. فالمبعوث الأمريكي للمنطقة جورج ميتشيل اضطر للانتظار ساعة على باب الحاخام عفوديا يوسيف قبل أن يؤذَن له بالدخول لمحاولة إقناعه بتأييد وجهة نظر أوباما المتعلقة بالتسوية. وعندما كان وزير خارجية أسبانيا الحالي ميجيلو موراتينوس يشغل منصب المبعوث الأوروبي للمنطقة اضطر لاعتمار القبعة الدينية اليهودية وقصد يوسيف لكي يؤكد له أن أي تسوية سياسية ستضمن مصالح إسرائيل الإستراتيجية.
ولعفوديا يوسيف مكانة خاصة لدى بعض الأنظمة العربية، حيث حرصت بعض الدول العربية على دعوته لزيارتها.وبالفعل زار يوسيف بعض العواصم العربية وجرت له احتفالات صاخبة وحرص قادة الدول التي زارها على استقباله، وكان من بين هؤلاء زعيم دولة عربية مهمة جدًا، مع العلم أن هذا الزعيم لا يحرص على لقاء كبار العلماء، بل رفض الالتقاء بوفد من أهم وأكبر علماء الأمة. والحاخام يوسيف عادة يصف العرب بـ “الصراصير والثعابين”، وهو الذي يحرم استخدام الإنترنت ويفتي بأن كل من يصوت لحركته سيحظى بـ “المكانة الخامسة في جنة عدن”، وغيرها من الخزعبلات والترهات.
الذي يبعث المرارة في النفس أنه لم يحدث أن طلب مسئول أجنبي الالتقاء برجال الدين المسلمين في غمرة الجدل حول مشاريع التسوية المختلفة لمحاولة تجنيدهم لدعم هذا الموقف أو ذاك، لسبب بسيط هو أن المسئولين الأجانب يدركون أن رجال الدين والعلماء في بلدان العرب والمسلمين لا يحظوْن بتأثير يذكر على دائرة صنع القرار. فبخلاف العالم العربي، فإن النظام السياسي الإسرائيلي يمنح القوى المجتمعية قدرة على التأثير على صنع القرار، وهذا بالتالي يغري الأطراف الأجنبية لمحاولة الالتقاء بالنخب التي تمثل هذه القوى، وسيما كبار الحاخامات والمرجعيات الدينية. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ألا يستحق العلماء والدعاة المسلمون معاملة تضاهي على الأقل المعاملة التي يحظى بها الحاخامات؟!.
المصدر: موقع الإسلام اليوم

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.