www.omferas.com
شبكة فرسان الثقافة

السياسة هي علم المحبة … بقلم آرا سوفاليان

0

مساء الجمعة والأطفال عندي وأمهم في منزل أختها الكبرى (أم العروس ) وتحضيرات العرس جارية وحفلة وداع للعروس التي ستغادر منزل والديها بعد يومين أثنين ( يسأل السائل في مثل شامي قديم … من يحشد للعروس؟ … الجواب عمتها وخالتها و7 من حارتها)

السياسة هي علم المحبة … بقلم آرا  سوفاليان
مساء الجمعة والأطفال عندي وأمهم في منزل أختها الكبرى (أم العروس ) وتحضيرات العرس جارية وحفلة وداع للعروس التي ستغادر منزل والديها بعد يومين أثنين (  يسأل السائل في مثل شامي قديم … من يحشد للعروس؟ … الجواب عمتها وخالتها و7 من حارتها)
نعم ولكن كيف يكون الحال إن كان للعروس أكثر من خالة واحدة أي بضعة خالات وبضعة عمات وكل أهل الحارة.
تخيلت أن زيارة السوق من أجل الجهاز لن تنتهي أبدا، وتخيلت أن الاتصالات والمشاورات على الهاتف ومعظمها من خارج القطر لن تنتهي أبدا ًأما بريدي الإلكتروني فممتلئ بمساحات يتوجب أدبيا ً الرد عليها جميعا ً وهي كلها لا تخصني بل تخص العروس وخالتها.
قالت لي أرجوك بقي للعرس يومان فقط، قلت لها اليوم لن أذهب معك، قالت لا تستطيع أن تذهب معي فهذه توديعة العروس وهي ليلة الحنة ومخصصة للنساء فقط، قلت لها الحمد لله خذي ابنتيك معك وأذهبي واتصلي بي عند انتهاء الحفلة وسأحضر لاصطحابك والأطفال… قالت: ولا هذه لأني قررت أن لا أصطحب الأطفال… قلت حسنا ً اليوم جمعة ولا بأس أن يبقوا معي وسأفكر في مشروع بشرط أن أكون حرا ً100% وهم كذلك .
قالت : سيأخذ عديلك أبنه إلى حديقة الحيوان أرجو أن لا تنسق معه في هذا المجال لأن أولادك سيحتاجون إلى عشرة حمامات وحفلة تعقيم قلت لها لن آخذهم إلى حديقة الحيوانات.
قالت لا أريد أن تذهب إلى منزل أختك إلاّ بحضوري قلت لها لن أذهب قالت ولا إلي مدينة الملاهي حيث سيعودون بملابس ممزقة وهم بحاجة إلى عشرة حمامات، قلت ولا هذه.
وذهبت مع شقيقاتها خالات العروس وبقي الأطفال عندي وطلبت منهم اختيار المشروع الذي يريدون.
جاءت آني 9 سنوات وقالت: أحقا ً سوف تنفذ خيارنا قلت نعم قالت ستغضب أمنا كثيرا قلت فليكن.
قالت اتفقنا أنا وكارني 5 سنوات أن نذهب إلى حديقة التجارة ومعنا خبز من أجل إطعام البط.
قلت لها حسنا قالت متى تنتهي من الكومبيوتر قلت في غضون دقائق قالت إذا ً علينا أن نلبس سريعا ً قلت نعم قالت وماذا نلبس قلت أجمل ما عندكن.
ومضينا ومعنا الزوادة الليلية سندويتش وشيبس وسيفن آب ومكسرات ومطرتي ماء من نستله على شكل دعاية.
ودخلنا الحديقة ووقفت الصغيرتان في منتصف الجسر ورموا بالخبز إلى البركة وجاءت بطتان في الأول وتبعهن ستة أخريات وعندما نفذ الخبز تم إلقاء بعض المكسرات وأجزاء من السندويتش وكل الشيبس والشيكليس الزهري وكادوا أن يرموا بمفاتيح السيارة أيضا ً.
وتابعنا الصعود والمسير في جنبات الحديقة وكنت أبعدهن عن الجهة الجنوبية جهة الألعاب إلى أن اكتشفت الصغيرة منفذ فركضت وركضت ورائها وصرنا نحن الثلاثة في قسم الألعاب.
أحصنة اسمنتية جامدة لا تعني شيء وسلاحف اسمنتية بلهاء واقفة وسلم ّ التسلق المعدني الذي تم وضعه في غير المكان المناسب حيث لا يمكن التعامل معه من قبل أي طفل متواجد في المكان فهو يصلح لتدريب رجال الأطفاء ، وكان الحل هو الزحليطة الأسمنتية ولكن عليها أطفال يصعدون من الاتجاه المعاكس مما أزعج الشقيقتان أيم إزعاج فذهبنا إلى الزحليطة الكبيرة فخافت الصغيرة، وخفت أنا أكثر لأن جنبات الزحليطة منخفضة وهذا قد يؤدي إلى سقوط الطفل من الجوانب ، فبقيت لعبة واحدة هي المراجيح ولكن هيهات يا زمنً أن يأتي دورنا أمام الهرج والمرج …حاولت إقناعهم بأن مرجوحتهم الزرقاء التي تتوسط البلكون في منزلنا تساوي كل ألعاب هذه الحديقة، ولكن عبثا ً… وانتظرنا كثيرا ً، وتحملنا الركل والدفع والكلام الغير لائق كدخلاء نسلب الغير حقوقهم، وبعد التطمينات والمسايرات والرجاءات استطعت وضع الصغيرة على المرجوحة ولتطمين بقية الأطفال إلى أننا لا نريد الاستئثار بالمرجوحة عرضت أن يعد الجميع من الواحد حتى الخمسين بحيث لا يكون نصيب الطفل الواحد أكثر من 50 هزة.
ووصلنا إلى الرقم 50 فنزلت الصغيرة وصعدت الكبيرة وبدأ الحشد بترديد الأعداد من الواحد إلى الخمسين فنزلت الكبيرة وودعنا الجميع وذهبنا لشراء البالونات من بائع البالونات ورجعنا في الدرب المؤدي إلى الباب الرئيسي وكان علينا أن نمر من أمام قسم الألعاب فشعرت بالسعادة لأنه تناهت إلى مسامعنا نداءات الأطفال وهم يطبقون سياسة المحبة المتجلية بالعدالة في هذا الأمر البسيط الذي يعني لهم الكثير كانوا لا يزالون يعدون وبالطريقة الدمشقية (ساباطاعش ، تمنطاعش، تاساطاعش، عشرين،واحد وعشرين)
كنت أعرف انهم خامات بيضاء لينة نقية ممكن تشذيبها وتكييفها وصقلها كنت أعرف أنهم لم يتعلموا في مدارسهم إلا أسلوب النهر والشتم أو اللامبالاة في أحسن الأحوال،بمعية معلمات لم تعجبهن رواتبهن في يوم من الأيام، تعودوا سياسة الصراخ والشدة والغطرسة ليلتفتوا مرتاحين الى أشغال الصوف أو تقطيع الخضرة وتحضير مستلزمات المطبخ قبل العودة المبكرة الى المنزل من أجل تحضير الغذاء وسيتمكنون من ايجاد العذر لطلب إذن يومي مبكرومستمر.
هؤلاء الأطفال  سيطبقون ما رأوه وتعلموه من انتهازية وفوضى ودفع ورفس ووصولية، وقد أكلنا نصيبنا من كل ذلك أنا والصغيرتين.
شعرت انهم أطفال بلدي الغالية وأنا احبهم وهم معذورون لأنهم لم يأخذوا فرصتهم …. يجدر بنا أن نبدأ من هنا …. التعليم والقضاء وأن تكون السياسة هي فن المحبة وحب الإنسان واحترامه ولهذا السبب بالذات تكاد بلدا ً أن تعلن حربا ً عالمية ثالثة من أجل إطلاق سراح صحفي مختطف … ويتم بذل الغالي والنفيس ويتم حشد السفراء ورئيس الوزراء وكل الوزراء وكل أعضاء البرلمان وكل برلمانات الأمم ورئيس جمهورية تلك البلد ويتم توسيط البابا وهيئة العلماء ويتم الإفراج عن الرهينة.
لقد فعلوا من أجله المستحيلات وشعر بأنه يساوي في عيون سياسيي بلده كنوز الأرض وما فيها، هذا الإنسان سيفعل المستحيل من أجل بلده وسترتقي البلد بمثل هؤلاء،إن الضرب بعرض الحائط بجزء مما ورد ذكره أو بمعظمه هو الذي أدى وسيؤدي الى كبر الفارق بيننا وبين أقراننا من الدول الأخرى بحيث تصبح مسألة اللحاق بغيرنا وتقليص الفارق مسألة عبثية بحته .
هذا الفارق الذي نأمل كلنا بتقليصه، يحتاج إلى عزائم مخلصة وتضحيات نبيلة، فإما بقاء الحال على نفس المنوال، أو بداية المسير الجدي نحو الأمام و نحو تقليص هذا الفارق وبعد ذلك يمكن أن تتحد كل أمم الأرض في دولة واحدة  وليس الوطن العربي فحسب، لأن الدول لا تتحد بوجود فارق خوفا ً على مواطنيها من الوقوع في هذا الفارق لدى الدول الأخرى الشركاء في الوحدة.
والى أن يحين الوقت لذلك لن تتوقف زوجتي عن السؤال المكرر دوما ً .
أستحلفك بالله أن تخبرني إلى أي هفا أخذت الأطفال … الرمل محشو في ملابسهم وأحذيتهم وشعرهم وآذانهم …
ـ قد يكون ذلك صحيحا ً ولكنهم سعداء وأنا كذلك لأني علمتهم وأصدقائهم العد من الواحد إلى الخمسين، علمتهم أن يحترموا بعضهم بعضاً وأن يعطوا الآخرين فرصة، والأهم من ذلك أنني وحتى اللحظة وأنا بعيد عنهم اسمعهم يعدّون، بدأت تعليمهم تقليص الفارق.

آرا  سوفاليان
Ara  Souvalian
ara@scs-net.org

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.