(الربيع العربي) أيُعَمَّق تبعيتنا واحتلالنا
لقد كان ومازال موقفي واضح في كل مقالاتي وأنشطتيالفكرية والثقافية مما يسمى بـ(ثورات الربيع العربي)
ومن مسميات المعارضة المختلفةعلى طول مساحة الوطن وعرضه وأنها هي الوجه الآخر للأنظمة؛
تلك الأنظمة التي ثارتعليها بعض جماهير أقطارنا العربية بصدق وإخلاص وكانت هي الثائر والبطل الحقيقي فيكل ما قامت وضحت به لنجاح ثوراتها، ولكنها انتهت بأن أصبحت الضحية الأولى لتلك (الثورات)التي سلم مفاتيح أوطانها قبل سقوط أنظمتها للعدو اليهودي-الغربي تلك القيادات التيأدمنت الحزبية والشخصنة،
أو تلك التي أدمنت طعم العبودية للدولار بعيشها وتنعمهافي بلاد الغرب باسم المعارضة، وتم صناعة معظمها على أعين أجهزة
المخابراته الغربيةالتي حولتهم خدم للمشروع اليهودي-الغربي لا الوطني والقومي والإسلامي في وقت كانتالمعارضة الداخلية تدفع ثمن معارضتها ومواقفها دماء وسجون وعذابات هي والجماهيرالصامدة في أرض الوطن ولم تقبل بالهروب والهجرة والعيش الآمن، وتلك الثوراتالجماهيرية في وطننا ليست استثناء فكل ثورات الوطن منذ عهد الاحتلالات الغربية باعانتهازييها الوطن للمحتل نفسه قبل خروجه من أجل استفرادهم بالكرسي والسلطةوالقرار!
حقيقة لقد صدمني خبر اليوم عن إحلال الربا تحت مبرر شرعي(الضرورات تبيح المحظورات) وبناء على ذلك قررت الحكومة المصرية طلب قرض من صندوقالنقد الدولي بقيمة 4,8 مليار دولار! وفكرت في الأمر وتساءلت: لماذا إباحة الرباتحت مبرر (الضرورات تبيح المحظورات) وتحميل الإسلام كل تبعات ذلك القرض وغيره وماسيترتب على تلك القروض من مزيد من النكبات التي ستحل بالأمة؟! ألم نجد أي مبررسياسي لذلك القرض بدلاً عن ذلك المبرر الشرعي خاصة وأن النظام في مصر بعد (الثورة)ليس نظاماً إسلامياً يحكم بالإسلام ليحمل تبعات ذلك القرض للإسلام؟! وكان الأولىبإخواننا في مصر فيما إذا ما تم ممارسة ضغوط داخلية أو خارجية عليهم لطلب قرض منصندوق النقد رفض ذلك استناداً إلى القاعدة الشرعية (سد الذرائع)، لقطع الطريق على ضعافالنفوس والإرادة من العودة لسياسة القروض التي أصبحت أصلاً من أصول الحكموالاقتصاد في الأنظمة السابقة التي نكبتنا بقروضها ورهنت أوطاننا ومقدراتنا لسدادفوائدها التي تزيد ولا تنقص! لا إصدار تلك الفتوى التي تُحل حراماً بنص قرآني قطعيالدلالة استناد إلى قاعدة شرعية لا ترقَ في قوتها لتبرير القروض بالربا التي ستكونمخاطرها أكبر على صعيد المسلم الفرد والوطن من دفع الضرر الذي أباح به أنصارهاالقرض! كما أننا لا نرى توفر شروط العمل بالقاعدة الشرعية (الضرورات تبيحالمحظورات) في حالة مصر، فمصر لم تبلغ حد موت أهلها جوعها ولا فقدان أعضائهاالبشرية أو الجغرافية ولن تستنفذ كل وسائل ومحاولات الحصول على قروض بعد ولا حتىوسائل تدبر الأمر بالاعتماد على الذات والثروات الوطنية، ولا هي مفروض عليها حصارومعظم الأقطار التي فرض عليها الحصار استفادت منه في بناء اقتصاد وطني قوي منافسوخرجت منه أقوى وأفشلت أهداف عدوها حتى تطلب ذلك القرض!
ألم يعتبر الإسلاميين وغير الإسلاميين من القوميينوالوطنين المخلصين أن استقلالنا ناقص وأننا ندين بالتبعية للغرب وأن كل أزماتناوسبب انهيار اقتصاداتنا الوطنية وتبعيتها للغرب، والقضاء على الطبقة المتوسطةالمثقفة التي كانت ضمانة سلامة مجتمعاتنا ووقود ثوراته والتغيير فيه وتحولمجتمعاتنا إلى طبقتين فقط؛ طبقة الأغنياء وأصحاب رؤوس الأموال المرتبطة مصالحهاغالباً برؤوس الأموال اليهودية والغربية وقلما نجد فيها رؤوس أموال وطنية حريصةعلى المصالح الوطنية وبناء اقتصاد وطني مستقل، وإلى طبقة من الفقراء الذين يكدحونساعات طويلة من نهارهم وليلهم وبالكاد يؤمنون احتياجاتهم الحياتية الضرورية، كل ذلكوغيره بسبب القروض وموافقة حكومات أقطار وطننا على شروط صندوق النقد والبنك الدوليوروشتته المستنسخة لكل أقطار العالم لتخريب وتدمير الاقتصاد والسياسة والاجتماعوالثقافة وكل ما هو إنساني وتحويلنا إلى أشباه بشر؟! وأنهم بذلك عمقوا التبعيةللغرب وسقطوا في براثن السياسة التفريطية في حقوقنا الإسلامية والقومية والوطنيةورهنوا كل مرافق الحياة للاحتلال الجديد وفاقموا من أزماتنا المالية وما ينتج عنهامن أزمات مختلفة بسبب عجزنا عن سداد الفائدة المترتبة عليها؟! كما أنهم يعلمونجيداً أنه ما من دولة فتحت باب القروض من البنك الدولي وسددتها ولكنها تتزايدعاماً يعد عام ولا تنقص!!
أمن الصواب أن نبدأ عهد (الربيع العربي) بالقروض ونعمقمن خلالها التبعية إن صح المصطلح للعدو اليهودي-الغربي؟! ألم نعتبر ونتعظ من مصائبالقروض وما حل بنا من نكبات واحتلالات بسببها منذ عهد الخديوي إسماعيل باشا إلىاليوم؟! أهذه هي البداية أن تكون الفتاوى الدينية هي عراب التبعية وعودة الاحتلالاتالغربية بأشكال جديدة وإلصاق أعداء الدين التهمة بالإسلام؟!
كم كنت أتمنى أن أتمنى على مَنْ أفتوا بذلك الرجوع عنفتواهم ولكني على يقين أنهم لن يفعلوا! وقد يقول قائل: ما فائدة الكتابة في هذهالحال؟ أقول: نرجو أن تكون كلمة حق وتوعية للمخلصين من أبناء الأمة لمخاطر تلكالقروض وليس بالضرورة أن تكون الفتوى صحيحة! ورداً على تلك الأقلام الحاقدة أوالمأجورة التي ستُستل للتشهير بالإسلام والإسلاميين وأننا كإسلاميين لسنا مع تلكالفتوى ولا مع سياسة القروض ولا يحق لأحد أن يهاجم الإسلام والإسلاميين! ونسألالله تعالى أن يهدينا وجميع المسلمين لما فيه خير الأمة والوطن!
التاريخ: 27/8/2012