هذه الحلقة قبل سنوات رفعتها وقد تم التبليغ عنها ممن تخيفهم الكلمة، وأعداء المعلومة الصحيحة، وإحياء سير النماذج الجهادية المخلصة تكشف زيف واقعهم، بأنها:
دعاية لأفكار افراد خطرين!
ما أن رفعتها الآن على صفحتي وإذا هي تحذف ويصلني إشعار بالقيود المفروضة؟

عز الدين القسام: أنت باقٍ فينا نهجاً جهادياً وفكراً وممارسة (5)
مصطفى إنشاصي
مولاي وأستاذي ومعلمي: لم يقع الاختيار على تجربتك من بين تجارب الجهاد والنضال الفلسطيني عبثاً أو عشوائياً، ولكن لأنها كانت نموذج لحركات الجهاد والمقاومة والتضحية بالنفس والمال، لأنك كنت نموذجاً ومثالاً للعالم المسلم المجاهد في عقيدته ووعيه وثقافته، في نهجه وفكره وممارسته، لأنك قدمت النموذج النادر في تطابق النظرية مع الممارسة من خلال مسيرة جهادية طويلة مشرفة، ألهمت فيها مَنْ جاء بعدك بأكثر من نصف قرن كيف يكون نموذجاً للطليعي الحقيقي، كيف يكون أقرب إلى الله تعالى من الدنيا، أقرب إلى الجماهير من الزعماء والقادة السياسيين ورجال المال ..
لقد اخترناك لأنك تملك الرؤية وبُعد النظر، فقد أدركت بوعيك وثقافتك أن ملة الكفر واحدة، فلم تجزئ الواجب تجاه الأمة والوطن، فدعوت للجهاد في ليبيا وجمعت المال وحشدت المقاتلين للقتال في ليبيا وكنت في طليعتهم عندما حاصر الأسطول الإيطالي الشواطئ الليبية .. وفي الوقت الذي انخدع فيه كثير من الوطنيين بوعود الصديقة بريطانيا وشاركوا في خروج الحسين بن علي على الأتراك لم تنخدع ولم تشاركهم ذلك .. وكنت تقول عن القادة والزعماء الذي يكررون تجارب سابقيهم (حسين بن علي وأبنائه) ويثقون في الصديقة بريطانيا أنها بالعمل السياسي ستمنحهم حقوقهم الوطنية: "من جرَّب المجرَّب فهو خائن .. والمؤمن إذا قال صدق وإذا قيل صدّق .. فما بالك اليوم بالذين يعيدون تجريب ما جُرب مرات ومرات، ويقولون ولا يوفون، ويهددون ولا ينفذون، وما هم إلا صدى صوت في صحراء التيه التي ضاعوا وأضاعوا فيها القضية ..؟!
لقد اخترناك لأنك لا تساوم ولا تهادن، فأنت عندما احتلت فرنسا سوريا كنت أول المجاهدين وأول من حمل سلاحاً ضدهم، وكانت دروسك وتعبئتك للجماهير هناك هي التي هيأت للثورة .. وعندما خذلكم الإقطاعيين والساسة (الأمير فيصل بن علي الذي ترك وزير دفاعه يوسف العظمة والمجاهدون من مناطق سوريا الطبيعية يواجهون مصيرهم في معركة غير متكافئة مع المحتل الفرنسي) وحتى بعض قادة الثورة (صبحي بركات في لواء الاسكندرون) وانحازوا إلى جانب المحتل ضدكم، وشاركوا في مطاردتكم والبحث عن مكامنكم والتضييق عليكم رفضت المساومة وإلقاء السلاح، وعندما توقفت ثورة عمر البيطار في جبل صهيون وثورة إبراهيم هنانو في إدلب وجبل الزاوية التي لعبت دوراً كبيراً فيها انتقلت إلى ثورة الشيخ صالح العلي في جبال العلويين بشمال سوريا لتواصل جهادك .. وعندما ضيق عليك الفرنسيين الخناق رفضت الاستسلام مقابل منصب مغري عَرَضَّته عليك فرنسا وانتقلت إلى فلسطين لتكمل مسيرة جهادك لأن ملة الكفر واحدة ..
لقد اخترناك لأنك أدركت من دروس تجربتك وتجربة مَنْ سبقك أبعاد الهجمة اليهودية - الصليبية ضد الأمة والوطن وأن مركزها فلسطين وكنت تقول: "بريطانيا رأس الداء والبلاء" .. فرفضت الاستسلام وقبول المنصب وآثرت هجرة موطنك ومسقط رأسك وساحة جهادك لتكمل مسيرة جهادك في قلب الأمة والوطن (فلسطين)، لتكون موطن استشهادك .. فوطنت نفسك وإخوانك وأتباعك على إحدى الحسنيين من خلال شعار جهادك (إنه جهاد: نصر أو استشهاد) لا أنصاف حلول بينهما .. لذلك سبقت بحس المؤمن ووعيك القيادات والزعامات التقليدية؛ التي كانت ترى في بريطانيا المحتلة لفلسطين والمستجلبة اليهود إليها، والمساعدة لهم على اغتصاب أرضها وحمايتهم ودعمهم، صديقة، وتراها أنت العدو المركزي للأمة ..!
لقد اخترناك لبُعد نظرك وصحة رؤيتك وصواب ممارستك في البُعد عن العمل السياسي، ورفض التعلق بالأنظمة العربية أو تعويل الأمل على أيٍ من أعداء الأمة .. لأنك مازلت النموذج الذي عجزت كل المسميات المقاومة سواء التي اتخذتك نموذجاً وأحييت تجربتك أو التي تسترت بشعارك أو التي لم تتذكرك ولم ترتقِ إليه أو تجسده.. لأنهم طمعواً فيما زَهُدت فيه وعادوا لتكرار تجارب السياسة التي ثبت فشلها في تاريخنا الفلسطيني الحديث والمعاصر.. عادوا ليجرَّبوا المجرَّب الذي اعتبرت إعادة تجربته خيانة، ولا يتورعون على رمي كل من انتقدهم بكل التهم وأولها الخيانة ..؟!