عز الدين القسام: أنت باقٍ فينا نهجاً جهادياً وفكراً وممارسة (6)
مولاي وأستاذي ومعلمي .. أنت باقٍ فينا على الرغم مِن المحنة، فأنت علمتنا الثبات على المبدأ وعدم المساومة .. أنت علمتنا كيف نموت واقفين ولا نركع .. أنت علمتنا كيف نموت جوعى ولا نساوم أو نستسلم .. أنت علمتنا أن لذة المعاناة لأجل العقيدة والجهاد في سبيل الله والوطن لا تنتهِ إلا بلقاء الله تعالى .. أنت علمتنا أن نكون أحراراً في عقولنا وتفكيرنا، أن ندرس ونتعلم من كل التجارب دون أن نصبح عبيداً لها .. ففي الوقت الذي اعتبرك معظم من أرخوا لحياتك أنك تتلمذت على يدي الشيخ محمد عبده أثناء دراستك الجامعية، إلا أننا نرى أنك قد تكون درست على يد الشيخ محمد عبده وقرأت للشيخ رشيد رضا نعم؛ لكنك لم تأسرك تجربتهما الإصلاحية وإلا كنت انتهجت في حياتك ومسيرتك نهجاً آخر .. كنت ساومت وقبلت بالمنصب الذي عَرَضَه عليك الفرنسيين بعد انتهاء الثورة وعِشت في سوريا تحت الاحتلال كما قبل الشيخ محمد عبده ترك رفيق دربه الأفغاني والقبول بالعفو والعودة إلى مصر تحت حراب الاحتلال البريطاني وموافقته ..
كنت بررت لنفسك الاستسلام وانتهاج نهج إصلاح التعلم الديني في سوريا أو غيره كما فعل الشيخ محمد عبده في مصر .. أو كنت صادقت ونشدت وُد المحتل كما صادق الشيخ محمد عبده (كرومر) المندوب السامي البريطاني .. أو كنت أفتيت عدة فتاوى مشبوهة في الإسلام كما فعل محمد عبده فيما يتعلق بحرية المرأة وحقها في العمل وتعدد الزوجات وغيرها ليرضي عنك المحتل، مبرراً ذلك بتَغيُر العصر وتقريب الفهم للنصارى المحتلين لترغبهم في الإسلام .. لكن نهجك كان على النقيض من نهج ومدرسة محمد عبده الإصلاحية .. كنت قريباً أو على نهج مدرسة جمال الدين الأفغاني الثورية .. كان الحق عندك بَيَّن والباطل بَيَّن لا مداهنة فيهما ..
أنت باقٍ فينا لأن سياسيينا وأدعياء المقاومة فينا قد ضلوا وأضلوا مسيرتنا وبنادقنا ما بين مفاوض ومقاوم مراوغ .. لأن سياسيينا وأدعياء المقاومة فينا قد ضلوا ومزقوا الوطن بين ضفة محتلة وغزة محتلة ومحاصرة.. لأن سياسيينا وأدعياء المقاومة فينا قد ضلوا وفرقوا الجماهير بين مؤيد ومعارض .. لأن سياسيينا وأدعياء المقاومة فينا في الوقت الذي علمتك دروس تجربتك وتجربة مَنْ سبقك ألا تتحالف مع ارستقراطي أو إقطاعي أو تثق بسياسي أو مقاوم طامح؛ قد تحالفوا مع الساسة والرؤساء والأمراء ورجال المال والاقتصاد والمهربين و... ليصبحوا أغنياء على حساب القضية وقوت وحاجة الجماهير التي هي المناضل والمُضحي الحقيقي في كل تلك المهزلة السياسية أو المدعاة مفاوضات ومقاومة ..
لكننا لم ولن نَضِل بإذن الله .. فأنت باقٍ فينا نهجاً جهادياً وحدوياً .. أنت باقٍ فينا فكراً وممارسة .. أنت باقٍ فينا وعياً وثورة .. أنت باقٍ فينا نموذجاً ومثلاً وقدوة .. أنت باقٍ فينا .. أنت باقٍ فينا ..