دَفَنُوه حياً ! دَفَنُوه عَلَماً في جوفِه بُركان , فاسْتـيقظ الكَونُ على دَوِيهِ .أخْدَرُوه فكان الخَادِرُ في زَئيِـرِه. أرادُوا أن يُسكِـنُوه الثَرَى فَسَكَن الثُريا. أهْدَروا رُوحَه فَرَفْرَفتْ في صُدُورِنا. تلكَ الأنفاس التي تخْتَلِجُ فِينا هي أثر مِن حَيَاتِه . أتُرد الحُقُـوق وصَاحِبُ الحقِ قَدْ رَقَى الى حيثُ لا تَطَاله يدُ الخَنَى؟ . حَـثَى الرَّغام َ في وجُوهِهم المُلطَـخةَ بِالغبَـرةِ وعلى آلهتهم المُحطَمة, فَطَفِـقوا يَخصِفُون على أنفْسِهم باللعناتِ. كيف سَاقُوه إلى أولى جِنانه؟ أكـانوا يُدْرِكُون أن الوَرى سَـمِعَ أنِينَه, سمِعَ دُعاءه , سَمِعَ الحريةَ العُظمى يُنشِدُها لِسَانه " لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ مُحمَد رَسُول اللهِ" . أي و رَبِي لَهَـجَ بها لِسانُه من تحتِ أنقاضِ العُبُـودِيةِ فَنُكِست صُلبانَ الوثَنِيةِ , و أخْمِدت نارَ العَصَبِيةِ . لم يَألْ صوتاً مُنذِراً ولم يأل خَلَجَةً إلا و أقْرضْنَاها. زَرَعُوه هُناك في أعلى القِممِ شامخاً كالطود الأشَم . احتَفى بِه طيرُ السَماءِ ,و نُجُومُ الفًضاءِ , و أقْمَارُ الضِياءِ. أزْهرَ هو بِدُونِ سِقاء فَلم يَروِه أحد لأنه لمْ يَبـقَ من بَعْدِه أحد.
(نزفاً لدفن عصابة الأسد مصوراً حياً )