خُذني إليك
هناكَ التقيْنا.! هناكَ افترقْنا.!
وبينَ نزيفِ المكانِ وعُقمِ الزمانِ
يُنادي المُنادي.. تعالَ.!
... جَناحيَّ سِربُ اليَمامْ
وفي رَجْفِ صدري يَحُطُّ الحمامُ الحزينْ
فأطلِقُ من بَحِّةِ الروحِ قَلبي السجينْ
على ضفّةِ الجُرحِ أرسيْتُ خَفْقَ الفؤادِ
سيولاً.. دِماء تَعمّدتُ فيها
وغمّستُ روحي فصارتْ مِدادْ
وصارتْ حِرابٌ حُدودْ
ومَوتٌ يُطِلُّ
وطفلٌ تسلّقَ عُشَّ الفراشاتِ
يَصعدُ صَوبَ الخلودِ
يُناغى صِباهُ فتأتيهِ كلُّ البنادقِ
يَسقطُ كالريحِ كالموجِ نَصْلاً
يُغافِل صَحْوَ الجنودْ
ويغتالُ بَعدَ البحارِ السهولَ
فتروي الدِماءُ.. الوجودْ
تموتُ الفراشاتُ ما مِن غَريبٍ يعودْ
تَصُبُّ المرارَةُ مِلحاً على الجرحِ يغفو
قريراً.. لذيذاً
فقد أينعَ الصبحُ توتاً وقمحاً
ولوناً كَلونِ العسلْ
فأينَ التقينا.؟
هناكَ..؟ على سدّةِ الغيمِ.!
أم في الحقيقةِ
حيثُ السُكونُ يَلفُّ الفضاءَ
ويومَ ارتبَكْنا
ارتَكَبْنا على شاطئِ الشوقِ حُبّاً
وأسكنْتُ رأسي صَداكِ
فقلتِ.. تعالَ
كما القبّراتُ بطيئاً أطيرُ إليكِ
حَملتُ السفينةَ بالنارِ
بينَ النقيضينِ أبحرتُ
كانَ المكانُ يَغيبُ.. وشمس تَغيبُ
ووجهٌ قبيحٌ يُضاحِكُ سِربَ البغايا
فأسرفتُ في الرعبِ
فتّشتُ أينَ المفرّ.!؟
قناديلُ سِحرٍ أضاءتْ
وصوتُكِ أشعلَ ذاكَ السِراجَ
سَمعتُكِ قلتِ.. تعالَ
فجئتُ
وفي ذبحةِ الجَفنِ أرسيتُ
ذاكَ الشراعَ الحزينْ
رأيتُ المرايا تُواكبُ قَيْدَ الجرارِ العَسلْ
وصَدرُكِ كانَ القرارَ وكنتُ السجينْ..
خُذيني.. فقد أينَعَ الموتُ فيّ
بلادي تَفورُ
وبيتي تَهدّمَ فوقَ الصغارْ
وشاطئُ حُلمي أضاعَ المنارةَ
ما عادَ طيرٌ.. يَطيرْ
وطفلي الصغيرْ يودّعُ ما كانَ
يلحقُ سِربَ الطيورِ.. وأنتِ
أيا أنتِ.. هل تذكرين.؟
هناكَ التقينا
وتحتَ العريشةِ ذُبنا
على ساحةِ الصدرِ ينمو الحمامْ
يصيرُ كما الراحِ في راحتيَّ
أراقبُ بالرجْفِ كيفَ يطيبُ المذاقْ
وأمتصُّ من صبوةِ الموتِ شهدَ الرحيقْ
إلى أن يحينَ الفراقْ
تعالَ.. فجئتُ
وأشرقَ صُبحُ.. دَماً
وصدري ينوءُ اشتهاءً لمنجلِ حبٍّ
يعانقُ رَجفَ السنابلِ
يُرخي على الليلِ ذاكَ القميص الظنين
وبينَ المرايا نُعانقُ..!
ماذا نعانقُ.؟
قد غابَ من فسحةِ النورِ حتى فُتات الحَنينْ
تعالَ لنمشي.. وخُذْني
فهلْ يَشتهينا المسيرْ
هناكَ التقينا
على حدّ بوّابة العِطرِ
هلْ يَشتهينا العبيرْ..؟
هناكَ افترقنا
فَضاءٌ.. وبحْرٌ سعيرٌ.. سَعير
فهل أدرَكَتْنا الحكاياتُ أم باكياتُ الهجير...!؟
وبينَ النقيضينِ يَطلعُ نورٌ
وَنَورسُ عِشقٍ يَطيرْ
ع.ك
ـ ـ ـ