قريتي...
قريتي ... إنها قريتي ... كانت هنا تسكن بداخلي ,فرحتها بين جوانبي , تلتصق جدرانها بأضلعي , أرى شروق شمسها في ناظري , وعبيرها يعطرني , ونقاء هوائها يملأ رئتاي , وحياتها تضخ في دمي ...
ولكن أين هي الآن ؟ .... كانت هنا بطرقاتها , وجمالها , وفرشها , ومبانيها ... أين هي ؟.. كانت هنا بطيبة أناسها , وفرحة عيدها , وسكون ليلها ... آه أين هي ؟؟ ... لقد غابت عن ناظري ولم أعد أأرى إلا مباني قد تجردت حتى من أحجارها , وتطاولت مبانيها حتى فارقت الأرض واختلفت اتجاهاتها , وتعرت من كل أوجه الجمال حياتها , واكتست بألوان أحادية شاحبة ممراتها , أكسبتها جموداً , وعراء وتخلت عن جميع لمساتها , فظلت تائهة في جميع الاتجاهات , وتقسمت إلى أشتات , بلا أساس ولا وجهه , فزاد جمودها وزاد , إلى أن أصبحت أقسى من الصخر والمعدن , بل ذابت فيها والمعادن بذوبان جمالياتها , ولم يتبق منها إلا بقايا تائهة بين روحي وذاكرتي فما غاب عن الذاكرة لا يزال عالقاً بروحي المعلقة بقريتي...
فيصل الخديدي
1420هـ /2000م