-
باحث في علم الاجتماع
الدولة الإسلامية: اللقاء القومي والإسلامي (17)
مصطفى إنشاصي
على الرغم من أني ألقيت مجموع الحلقات محاضرة في أحد مراكز الدراسات علني أجد تساؤلات أو تعليقات تصحح الفكرة أو تعززها إلا أنني لاحظت أن معظم التعليقات تقليدية وتؤكد أن الفكرة لم تصل البعض، وسأورد على أهمها وأبدأ بالرد على ملاحظات بعض الأصدقاء من فلسطين التي سبق أن نوهت لبعضها:
لقاء القومي والإسلامي سياسياً لا يكفِ!
أحد الأصدقاء اعترض من منطلق الحرص على استمرار اللقاء الذي حدث بين القوميين والإسلاميين بعد الانتفاضة الأولى في فلسطين وطرحنا لمصطلح "فلسطين القضية المركزية للأمة"، وفض الاشتباك الذي استمر عقود بين القومي والإسلامي وتحويل التناقض الداخلي بين الاتجاهين نحو العدو الخارجي!
أخي هناك فرق بين اللقاء السياسي بين القوميين والإسلاميين الذي حرصنا عليه لا يقل عن حرصك عليه وبين الحديث والتأصيل للمصطلح أو المفهوم، ولا يجب أن يؤثر ذلك على اللقاء السياسي بين الأشقاء من أبناء الوطن إن كان اللقاء قائم على أرضية صلبة، كما يجب ألا يمنعنا حرصنا على ذلك اللقاء السياسي من توضيح موقفنا في القضايا الفكرية بوضوح خاصة وأن أشقائنا قبل أن تحدث انتخابات وقبل أن يفوز الإسلاميين فيها بدأ البعض منهم هجوماً شرساً على الإسلام، وبعضهم اتخذ طروحات وممارسة المسميات الإسلامية وسيلته للهجوم على الإسلام نفسه والطعن في صلاحيته واعتبر الحكم به عودة للقرون الوسطى بكل ما فيها من استبداد وتخلف وجهل وتبعية …إلخ، دون مراعاة لمشاعر الإسلاميين وهم يهاجمون الإسلام ويصفونه بعجز ليس فيه لكنه في فهمهم هم للإسلام لم يراعوا ذلك على الأقل من باب السياسة وضرورة الحرص والحفاظ على اللقاء السياسي الذي تحقق بعد عقود مريرة من الصراع بين القومي والإسلامي! فإن لم يراعوا هم ذلك لماذا يُطلب من المسلم أن يُقدم التنازل ويقبل بما يتعارض مع دينه حرصاً منه على لقاء سياسي حدث منذ ثلاثة عقود لم يثمر وحدة حقيقية ولا فض للتناقض؟!
يبدو عليك يا صديقي لا تقرأ ما يكتبه أشِقائنا في الوطن عن الإسلام والمسميات الإسلامية واتهامهم لها بالتخلف والجهل والتبعية للغرب، وأنهم يريدون العودة بنا إلى القرون الوسطى الأوروبية، ويريدوا أن يفرضوا عليها من منطلق الاستعلاء والاستخفاف بعقيدتها وخياراتها كل ما هو غربي وضد رغبتها، وإلا ماذا يعني أن يرفضوا وينكروا على الجماهير خيارها الإسلامي، وعلى الإسلاميين قبولهم الديمقراطية كأداة ووسيلة اختيار فقط لا منظومة قيم، ومحاولتهم فرض العلمانية والدولة المدنية والديمقراطية كمنظومة قيم على الطريقة الغربية على الأمة، ويتحدثون عن الاستقلال ويتهمون غيرهم بالتبعية للغرب؟!
عندما أتأمل في هذا الموقف والسلوك الذي يصدر عنهم دون مراعاة إلى أنهم بتلك الكتابات يزرعون وينشرون روح الفرقة والكراهية والبغضاء بين أبناء الوطن لا أجد أنهم متغربون فقط لكني أجدهم أيضاً غرباء عن أمتهم ومجتمعهم، وأتصور أنهم يريدوا أن يكونوا هم وحدهم فقط الأوصياء على الأمة وتبعيتها المطلقة للغرب لأن الحريص على استقلاليتها يكون أحرص على وحدة الوطن وأهله، ويراعي مشاعر شركائه في الوطن ويحترم خيارات الأمة قطعاً لدابر الفتنة وتأجيج مشاعر العداء والصراع، وإن انتقد أو اعترض يكون موضوعي وبأسلوب يجمع ولا يفرق، خاصة وأن المتأمل فيهم وهم يتهمون شركائهم في الوطن بالتبعية للغرب - ودعك من التخلف الذي عليه الأمة وصنعته أفكارهم التي مازالوا يصرون عليها - يجدهم بدءً من فكرهم ومنهجهم في الحياة مروراً بممارستهم وعقليتهم النخبوية الاستعلائية في التعامل مع الأمة وخياراتها وشركاءهم في الوطن انتهاء بإصرارهم على رفض الإسلام لصالح الأفكار الغربية يؤكد تغربهم وغربتهم! وإليك هذا الرابط لآخر مقالة قرأتها لكاتب قومي من تونس …
http://www.facebook.com/reqs.php?fcode=9d34d7041&f=693791089#!/profile.php?id=1150923524
يكتب ذلك عن الإسلاميين في وقت اعتبر البعض أن حركة النهضة التونسية تحديداً والإخوان المسلمين عامة علمنوا الإسلام! ماذا يريد أولئك القوم بالضبط؟! وهذا رابط المقالة التي تتهم بعض الإسلاميين بعلمنة الإسلام:
http://www.naqed.info/naqed/thought/...-20-01-15.html
لقد كان على كلا الطرفين القومي والإسلامي عقدين من الزمن الكف عن المؤتمرات واللقاءات السياسية التي لم يكن تزيد نتائجها عن الفرقعة الإعلامية بتصريحات وبيانات دعم المقاومة هنا أو هناك فقط، وإشباع البعض من كلا الطرفين غرور النجومية الفضائية لديه، وتوفير الأموال الطائلة التي أنفقت عليها بلا نتيجة تذكر وإنفاقها على خطوات عملية أكثر جدوى للأمة تتجاوز توحيد الخطاب السياسي وتركز على تطوير العلاقة بينهما، والعمل على تعميق الحوار بين التوجهين لتوحيد أو تقريب الآراء ووجهات النظر حول المنطلقات العقدية والفكرية لصياغة مشروع حضاري نهضوي للأمة يتكامل فيه القومي والإسلامي، والخروج من دائرة التنظير إلى دائرة الفعل وبناء المؤسسات الضرورية لإنجاح مشروعنا الحضاري الذي يوحد كل أبناء الوطن بغض النظر عن توجهاتهم الفكرية والأيديولوجية لمواجهة المشروع الغربي ضدهم، واستثمار الوقت في تجسيد دعائمه عملياً في حياة الأمة وواقعها، فذلك كان ومازال أنفع للأمة من اللقاء وتوحيد الخطاب السياسي الذي لم يُحصن الأمة من مخاطر ما يحدث اليوم!
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى