فوائد في «لَعَلَّ»

الثلاثاء ٢٤ تموز (يوليو) ٢٠١٨، بقلم فاروق مواسي

"لعل" ويقال إن أصلها (عَلّ)، وقد زيدت اللام في بدئها-، وثمة صور مختلفة للفظة هي نادرة، ولا نستخدمها في لغتنا.
لعل- حرف مشبه بالفعل يكون اسمه منصوبًا (أو في محل نصب) وخبره في حالة الرفع
معنى (لعل) الترجي أو الإشفاق، فإذا قلنا- لعل المريضَ يبرأ، فالمعنى هو الترجي، وإذا قلنا "لعل المريض يعاني" فالمعنى هنا هو الإشفاق، فالترجي طلب الأمر المرغوب، والإشفاق هو الحذر من المكروه، وهي لا تستعمل إلا في الممكن وقوعه.
وقد تأتي (لعل) بمعنى "كي"، نحو: "أحضر لي السيارة لعلي أركبها". وفي هذا المعنى ورد في الذكر الحكيم- لعلكم تتقون- البقرة، 21، و لعلكم تعقلون- البقرة، 73، ولعلكم تذكَّرون- الأنعام، 152 أي كي تتقوا، كي تعقلوا، كي تتذكروا.
..
كما تأتي (لعل) بمعنى الظن، كقولك: "لعلي أزورك مساء"، والمعنى أظنني أزورك. وجعلوا منه قول امرئ القيس:

وبُدّلتُ قَرحًا داميًا بعد صحة
لعل منايانا تحولن أبؤسا
.
"لعل" تأتي بمعنى "عسى" ، كقولك: "لعله أن يجتهد"، ومنه قول متمِّم بن نُوَيرة:

لعلك يومًا أن تُلمَّ ملمّةٌ
عليك من اللاتي يدعنك أجدعا

والدليل دخول "أن" في خبرها كما تدخل في خبر "عسى".
رأى البعض أن جملة "لعل الطالب تفوق" خطأ بدعوى وقوع الفعل الماضي في خبر «لعَلَّ»، وهو ما يناقض معناها. ففي رأيهم علينا أن نقول: "لعل الطالب يتفوق" – بمعنى الرجاء.
والتوقّع لا يكون إلاّ لما هو آتٍ، فدخولها على المضارع هو الفصيح، كما في قوله تعالى: لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ- يوسف،46...

والصحيح أنه ورد أيضًا دخولها على الفعل الماضي، كذلك في فصيح الكلام، ومنه ما جاء في صحيح البخاري: «لما أتى ماعز بن مالك النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال له: لعلّك قبّلت، أو غمزت، أو نظرت»- ، وفي حديث آخر: «لعلّ الله قد اطّلع على أهل بدر...».
وقد نص ابن هشام على أنه لا يمتنع كون خبر «لعلّ» فعلاً ماضيًا مستشهدًا بالحديث الشريف، وبشعر الشعراء. (انظر:عباس حسن، النحو الوافي، ج1، ص 636)
قد تدخل نون الوقاية على "لعل" أو "علّ"، فأنا أقول: لَعلي، عَلّـي، كما أقول: لعلّني، أو لعلّي.
وردت في القرآن "لعلي"- لعلي أبلغُ الأسباب- غافر، 36؛ لعلي أعمل صالحًا- المؤمنون، 99.

ووردت " لعلني" في الشعر، كقول عُروة بن الوَرد:
ذريني أطوف في البلاد لعلني
أخليك أو أغنيك عن سوء محضري

أما بنو عقيل فقد جعلوا (لعل) حرف جر شبيه بالزائد:
قال الشاعر:
لعلّ اللهِ فضلكم علينا
بشيء أن أمكم شريم

المعنى: يقول: قد يكون الله فضلكم علينا بشيء هو أن أمكم شَرْماء، وهذا أسلوب ذم في معرض المدح، وذلك باستعماله "فضلكم" حيث أوهم أنه يمدح في حين أنه يريد الذم.
الإعراب: لعل: حرف جر شبيه بالزائد يفيد الترجي. الله: اسم الجلالة مجرور لفظًا مرفوع محلاً.
(شرح الأُشْموني لألفيّة ابن مالك، ج2، ص 61)

* قد نجد "لعلَّما" في بعض كتب التراث، فهنا تكون (ما) كافة، حيث يبطل عمل "لعل"، كما أن إملاء الكلمتين يكون معًا لا بفصل بينهما.