بسم الله الرحمن الرحيم
مفاتيح أصوات القلب الإيقاعية
(بين التسبيح والدعاء)
د. ضياء الدين الجماس
مقدمة:
منذ عهدت إصغاء القلب وأنا أسمعه يسبح الله تعالى بلفظ الجلالة : الله الله . ولذلك عندما نظمت قصيدة بوزن الخبب لوصف القلب وأصواته قلت فيها :
ضَـرَبَاتُ القَلْبِ لها ذِكْـرٌ ...يَـصحبها حُـبُّ العَدْنـانْ
اللهُ..اللهُ صَــدَى قَلْـبٍ ...فـي الضربَـةِ دَوْماً صَوْتَانْ
الأوَّلُ والـثـانـي أصْـلٌ ...ولِكُلٍّ مـنــــــها قِسْـمـان
والثالـثُ والرابـعُ فَـرْعٌ ...تُصْـغى في بَـعْضِ الأحيان
فـي أَوَّلِ بَسْـطٍ ثَـالِثُـهُ ...قَـدْ يُسْـمَعُ عـِنْدَ الشُّـبَّان
وقُبـيلَ القـبضِ لرابـِعــه ...ذا صـوتٌ فِـيـهِ الوَجْهَـان
أصوات القلب
للقلب أربعة أصوات، اثنان رئيسيان واثنان ثانويان :
الصوت الأول : ينجم عن قوة انقباض العضلة القلبية الفاعل بالتنبيه الكهربائي مسبباً إغلاق الصمامين المترالي ومثلث الشرف وبالإصغاء الأذني العادي لا تميز الأذن صوت الانغلاق إلا كصَمَام واحد يتبعه السكون = /* = 2
وفي حالات خاصة يمكن سماع الصوت الأول بمركَّبَيْه كحركة انغلاق لكل صمام بفاصل زمني قصير يتبعها سكون وهذا يعني تشكيل صوت الوتد الأصلي ويمكن تسجيله تخطيطياً على الورق بعد تكبير الصوت بالأجهزة = //* = 3 وقد اعتبرناه أصلياً لأنه أتى بقوة فاعلة شديدة بالانقباض البطيني.
الصوت الثاني : ينجم منفعلاً نتيجة محاولة رجوع الدم المقذوف من الشريانين الأبهر والرئوي إلى البطينين الأيسر والأيمن على التوالي، لكن صمامات هذين الشريانين تحولان دون ذلك بالانغلاق المنفعل ، لأنهما يتألفان من وريقات يملؤها الدم الراجع كالكيس فتعيق رجوعه للبطينين اللذين قذفاه.
فالصوت الثاني : بالإصغاء الأذني العادي يسمع كصوت واحد يتبعه سكون كالصوت الأول /* = 2
ولكن بتسجيل الأصوات على الورق وفي حالات خاصة أيضاً يمكن تمييز انغلاق كل صمام وحده بشكل متقارب جداً يتبعه سكون .كالصوت الأول //* = 3
ويعتبر هذا الوتد فرعياً لأنه منفعل وليس فاعلاً .
وبذلك يتكون الصوت الأول والثاني بالإصغاء الأذني العادي من سببين = 2 2 = فعْلنْ = الله
وهكذا لو أصغينا للقلب بالأذن العادية سنسمع لفظ الجلالة الله بفاصل الاسترخاء : الله الله الله....
فالقلب بإصغائه العادي يمكنك أن تسمع تسبيحه بلحن حنون باسم لفظ الجلالة الأعظم . (اللهْ)
الصوت الثاث :
يحدث في بداية الانبساط بعد الصوت الثاني بقليل ، وينجم عن بداية دخول الدم من الأذينين وارتطامه بعضلة البطينين في بداية ارتخاء العضلة القلبية، فهو صوت واحد لا ينجم عن انغلاق صمام ، ولذلك فهو ضعيف قد ينشأ عن قوة انقباض الأذينين عند الشباب الأقوياء وصغار السن أو في حالات مرضية . فهو بالنتيجة صوت واحد يتلوه سكون = سبب /* = 2
الصوت الرابع :
صوت يحدث في نهاية الانبساط قبيل الانقباض ، وكالصوت الثالث يحدث غالباً في حالات تسمك وضخامة العضلة القلبية مع اندفاع الدم إليها من الأذينين في هذا الزمن ( نهاية الانبساط)، ولما كان صوتاً واحداً يتلوه سكون فيتألف من سبب واحد أيضاً. /* = 2
النتيجة :
الصوت الأول والثاني يمكن سماعهما بالأذن العادية كسببين متقاربين 2 2 2 2 2 2 = فعلن فعلن فعلن ... = الله الله الله... ( تسبيح)
وهو وزن الخبب المألوف شعرياً ، ويمكن اعتباره مقابلاً للفظ الجلالة الأعظم : الله الله الله ...
واستناداً لقوله تعالى : (وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم)
وبالتسجيل الصوتي ، يمكن تسجيل المركبات الدقيقة لهذين الصوتين على شكل وتدين //* //* 3 3 = إلهنا إلهنا... ( دعاء)
فللقلب تسبيح ودعاء يمكن استيحاؤهما من صوتي القلب المسموعة والمسجلة في الحقيقة .
الصوت الثالث سبب واحد يتلو الصوت الثاني ويقع بقربه في زمن الانبساط .
الصوت الرابع : سبب واحد يسبق الصوت الأول قبيل الانقباض .
وهكذا تتم الدورة الصوتية القلبية المسجلة كدائرة سببين ووتدين كما يلي :
= 3 3 2 2 3 3 2 2 3 3 2 2 3 3 2 2 3 3 2
فتخيل أنماط التسبيح الممكنة من هذه المتواليات . علماً بأن الأسباب الانبساطية يمكن أن تسمع معاً مع الصوتين الأساسيين أو يسمع أحدهما مع الأساسيين أو ألا يسمعان معاً. وأما بالتسجيل فيمكن تسجيلها كلها معاً.
من تسبيحات القلب التي استوحتها نفسي من هذه المتوالية :
= إلهنا علا ماجداً رحيماً واجداً كريماً، واسمه شفاء، مالك مليك...
فاتعظ أخي المؤمن وتأمل وتعلم وسبح بحمد ربك كما يسبح قلبك.
ملاحظة :
وجود الأصوات الأربعة في آن واحد نادر جداً جداً ، فلحن الخبب في الأصوات القلبية هو وجود الصوتين الأساسيين الأول والثاني إلى جانب الصوت الثالث أو الرابع ، ويكون التسلسل الإيقاعي في الخبب القلبي :
3 3 2 3 3 2 3 3 2
ويكون تأصيله :
الخبب القلبي = 3 2 2 2 3 2 2 2.... = مفاعيلاتن مفاعيلاتن
= مفاعيلن فاعلاتن فعلن (المضارع التام الأبتر)
= وتد يتلوه ثلاث ضربات سببية.
تطبيق وزن الخبب القلبي : إلهي الهادي إلهي الشافي (دعاء)
هو تأمل أسأل الله تعالى أن يكون صحيحاً فإن كان صواباً فبمنة من الله تعالى، وإن كان خلاف ذلك فمن نفسي الخاطئة المذنبة وأسأل الله العفو والعافية . لي ولكل من قرأ هذا الموضوع ، ونرجو السداد من الله تعالى.
اللهم ألهمنا رشدنا.
أرجو أن يكون في ذلك ومضة للمتدبرين .
والحمد لله رب العالمين