-
باحث في علم الاجتماع
الغرب والإسلام تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ وتفتيت المفتت (110)
الغرب والإسلام
تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ وتفتيت المفتت! (110)
مصطفى إنشاصي
نشرت وكالة الأنباء السورية "سانا" أمس ٣ مايو/ أيار ٢٠٢٥ تقريراً خطيراً عما تريد (إسرائيل) عمله في سوريا بعد غاراتها العنيفة الأخيرة، قالت فيه:
يعيد التصعيد الإسرائيلي في سوريا إلى الأذهان خطة “أوديد إينون” التي نشرت عام 1982 في المجلة العبرية كيفونيم بشكل جلي المخطط الإسرائيلي لتفكيك الشرق الأوسط إلى دويلات متنافرة ووفق الخطة يتم تقسيم هذه الدول وتفكيكها بالشكل الذي يجعلها غير قادرة على مواجهة (إسرائيل) أو الوقوف في وجه اعتداءاتها وأطماعها.
سبق أن تحدثنا في حلقات سابقة عن جذور المخططات اليهودية - الغربية لتفكيك وتمزيق وحدة الأمة على اختلاف قومياتها من خلال نسج تاريخ قديم لكل قطر ليشكل هوية وطنية جديدة تكون بديل له عن تاريخه الإسلامي هي ركن أساس في مخططات الغرب لاختراق وإضعاف الأمة وتدمير الإسلام وفرض هيمنته عليها، وقد كانت البداية مع حملة نابليون التي بعثت أول نعرة جاهلية في تاريخ الأمة الحديث وهي الدعوة إلى الفرعونية، وقد انتشرت بعد ذلك في كل أرجاء الوطن، الدعوة إلى البابلية في العراق، الآرامية في سوريا، الأنباط في الأردن، الكنعانية الفينيقية في فلسطين ولبنان، الأمازيغية في شمال إفريقيا، الطورانية في تركيا ...، والآن يخطط الغرب لمزيد من التفتيت بنعرات الطائفية والمذهبية والأثنية و...!
بعد عقود من قضاء الغرب على دولة الخلاقة العثمانية والاستقلال القطري الذي رسمت حدوده اتفاقية سايكس - بيكو، وسعي الأنظمة القطرية إلى تكريس حدود التجزئة الجغرافية نفسياً، وإلى خلق قسري لما يسميه رياض نجيب الريس "ثقافة الكيانات الحضارية القروية" كجزء من المحاولات المعقدة، من الداخل والخارج، لإبقاء العرب مجزئين. سعى الغرب المستكبر وأنصاره إلى خلق كيانات ثقافية عشائرية محلية، من أجل تهيئة أوضاع تلك الأقطار في الوقت الذي سيُعولم فيه ثقافته وثقافة العالم، لمزيد من التشطير والتفتيت، وإضعاف الأمة. فكانت الطائفية جزء من كيان بعض أقطار سايكس - بيكو ..
مخططات تقسيم المقسم
بعد ضياع فلسطين عام 1948 بدأ التخطيط لتفتيت وتمزيق القبائل إلى عشائر وطوائف. فقد جاء في كتاب "قتل مصر، من عبد الناصر إلى السادات": "إن التفكك الكامل الذي ينبغي أن نجعله مصيراً محتوماً للبنان هو المصير المحتوم للعالم العربي كله ابتداءً من مصر إلى سوريا ثم العراق وشبه الجزيرة العربية، كلها يجب أن تنحل إلى كيانات من أقليات دينية وعرقية، ذلك يجب أن يظل الهدف الرئيس على المدى الطويل، بينما يظل الهدف على المدى القصير إضعاف الدول العربية كلها عسكرياً وإشعال الحروب بينها". ووسيلتهم في ذلك إثارة النعرات الطائفية والدينية، والقومية، واتخاذها سبيلاً لمزيد من التمزق والضياع.
وهناك مخططات أخرى لعل أوضحها ما جاء في تقرير وكالة سانا، تلك الدراسة التي صدرت عام 1982م بعنوان "استراتيجية "إسرائيل" في الثمانينات" بقلم الكاتب اليهودي (أوديد إينون) التي نشرت في مجلة "اليهودية والصهيونية" الصادرة عن صحيفة الصهيونية العالمية في القدس. وتناولت هذه الدراسة مخططات القيادة الحالية للعدو الصهيوني لتقسيم المنطقة إلى دويلات صغيرة، والتركيز على ضرورة تمزيق الأقطار العربية إلى دويلات طائفية وأقليات عرقية.
وهذا بعضاً مما جاء في الدارسة: "إن إنشاء دولة قبطية في مصر العليا، هو محرك التطور التاريخي الحتمي على المدى الطويل، وإن كانت تعوقه حالياً اتفاقية السلام ... إن تقسيم لبنان إلى مقاطعات خمس يجسد سلفاً ما سيحدث في سائر العالم العربي، وتقطيع سورية والعراق إلى مناطق على أسس دينية وعرقية يجب أن يكون على المدى الطويل هدفا أولوياً لـ(إسرائيل). حيث تكون أولى خطوات تنفيذه العملية تدمير القدرات العسكرية لهذه الدول ... والعراق الغني بالنفط وضحية صراعاته الداخلية يقع بدوره في نطاق المرمى (الإسرائيلي) ... إن البنية العرقية لسورية تعرضها للتفكك مما يؤدي إلى خلق ثلاث دول: واحدة شيعية على طول الخط الساحلي، وأخريين سنيتين في حلب ودمشق، بالإضافة إلى كيان درزي يحتمل أن يقيم دولته على أراضي الجولان ... إن حرباَ سورية عراقية ستسهم في تدمير البلدين من الداخل قبل أن تمتلك هاتان الدولتين قدرات تؤهلها في دخول حرب واسعة معنا ... بدورها الجزيرة العربية، مكرسة بكليتها للتفتت، بسبب الضغوط الداخلية. وهذه الحال تطال المملكة العربية السعودية وسائر دول التعاون الخليجي. لذا فإن تصاعد الأزمات الداخلية وسقوط الأنظمة، يندرجان في منطق بنيتنا السياسية الحالية ... إن كل صراع عربي سيعود بالنفع علينا وسيعجل ساعة التفجير".
ذلك ما أعلنت عنه وزيرة خارجية الولايات المتحدة التوراتية أثناء العدوان على لبنان في تموز/يوليو 2006: "إن اتفاقية سايكس ـ بيكو لم تحقق أهدافها"، توفير الأمن وحماية كيان العدو الصهيوني، وأنه "لا بد من إعادة رسم الخريطة السياسية لدول المنطقة من جديد".
وبداية طوفان حماس، حرب إبادة غزة، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: أنه سيغير الشرق الأوسط!
وأول أمس قال بنيامين نتنياهو: إنه "قبل عام قلت إننا سنغير الشرق الأوسط ونحن نغيره بالفعل". مضيفًا: "سوريا ليست سوريا نفسها، ولبنان ليس لبنان نفسه، وغزة ليست غزة نفسها، ورأس المحور إيران، ليست إيران نفسها".
وأردف نتنياهو قائلًا: "لقد ناقشت كل ذلك مجددًا الليلة الماضية مع الرئيس الأمريكي المنتخب.
الشرق الأوسط الذي يريد تغييره نتنياهو إلى مزيد من التفتيت إلى دويلات عشائرية مذهبياً وعرقياً سيكون موضوع حلقات القادمة..
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى