-
باحث في علم الاجتماع
التأصيل التوراتي للإرهاب: الأحكام الشرعية للإرهاب في التوراة (6)
التأصيل التوراتي للإرهاب: الأحكام الشرعية للإرهاب في التوراة (6)
مصطفى إنشاصي
مبادئ (السلام) في التوراة
ما يسميه دعاة السلام أنه سلام مع العدو اليهودي هو في حقيقته إرهاب توراتي في ثوب زائف مثل كل الأثواب الزائفة التي خدعنا وضللنا بها الصهاينة. قليل من الكتاب والمفكرين العرب والمسلمين، وخاصة المؤمنين حقاً بـالسلام مع اليهود، ويروّجون لإمكانية نجاح ذلك من يعلم: (أن اليهودية شرع يحكم أفعال اليهودي منذ استيقاظه حتى نومه، ومن ميلاده حتى وفاته) [1].
من هذا الفهم لليهودية واليهودي سنحاول التعرف على مفهوم السلام/الإرهاب في الشريعة اليهودية التوراتية التي تحكم أفعال أتباعها من مولدهم إلى مماتهم. بحثتا عن مبادئ السلام أو الصلح في التوراة، فوجدنا أن جميع المبادئ التي تتعلق بهذا الموضوع ليس لها سوى هدف وحيد، هو: إجبار اليهود على اغتصاب الأرض، فلسطين، وإبادة شعبها. وأول هذه المبادئ:
أولاً: رفـض الصلح:
إن المبدأ الأساسي في التوراة عن السلام، هو عدم الصلح: (إياك أن تعقد معاهدة مع سكان الأرض التي أنت ماضٍ إليها لئلا يكونوا شركا لكم. بل اهدموا مذابحهم، واكسروا أنصابهم، واقطعوا أشجارهم المقدسة. إياكم أن تعبدوا إلهاً آخر غيري، لأن الرب اسمه غيور جداً). (الخروج: 34/ 12-15). وهذا معناه رفض السلام من حيث المبدأ في العقيدة اليهودية؟! خاصة مع أصحاب الأرض التي وعدهم بها الرب "فلسطين الحالية". ممّا يعني فقدان الثقة في هذا المسمى "السلام" الزائف من الأصل والمبدأ.
هذا هو الحكم الرئيس الذي نصت عليه التوراة في حق سكان فلسطين، حكم القتل والتدمير بعد أن يتم فتحها، حفاظاً على نقاء الدين اليهودي من تأثير الثقافات الأخرى. وذلك ما يطالبنا به العدو اليهودي اليوم، يريد فلسطيننا (دولة يهودية) خالصة له، لذلك هو يريد استبدال الأراضي للتخلص من أكبر عدد ممكن من فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948، ومَنْ يبقى منهم ينظره الطرد القسري والإجباري في الوقت المناسب.
لذلك أرى أن يبحث دعاة ما يسمى السلام عن معنى أو مصطلح أو مسمى آخر غير السلام يطلقوه على ما يجري اليوم بين اليهود والعرب، وخاصة الفلسطينيين. وهذا المبدأ الأصل في العقيدة اليهودية عما يسمى السلام هو ما أكّدته مسيرة ما يسمى بالعملية السلمية التي بدأت منذ عام 1991، أو لنقل منذ توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، وقد قطعت أحداث ثورة الأقصى/انتفاضة الأقصى الشك باليقين في ذلك، وأصبح واضحاً أن إمكانية تحقيق السلام الآمن والعادل بين العرب واليهود لن تتحقق يوماً في أي اتفاق صلح مع اليهود، إلا إذا كان هذا الاتفاق هو استسلام العرب لليهود كاستسلام النعاج لذابحيها، لأن هذا هو المفهوم الوحيد لما يسمى السلام في التوراة.
ثانياً: القتل والابسال والتدمير:
المبدأ الثاني من مبادئ السلام في العقيدة اليهودية، في حال احتلال اليهود للأرض، فلسطين، التي وعدهم بها الرب بعد أن حرم عليهم أن يعقدوا مع سكانها أي نوع من أنواع الصلح، فإن الأوامر الإلهية في هذه الحال واضحة وشديدة الصرامة في القتل والابسال والتدمير: (ومتى أدخلكم الرب إلهكم إلى الأرض التي أنتم ماضون إليها لترثوها، وطرد من أمامكم سبع أمم، أكثر وأعظم منكم ... وأسلمهم الرب إليكم وهزمتموهم، فإنكم تحرمونهم – تقتلونهم – لا تقطعوا لهم عهداً، ولا ترفقوا بهم ... اهدموا مذابحهم وحطّموا أصنامهم وقطّعوا سواريهم وأحرقوا تماثيلهم). (التثنية: 7/1-5) ويضيف في الأصحاح نفسه (النص 16) مؤكداً على ضرورة القتل دون شفقة أو رأفة، لأنهم شعب مقدس وخاص للرب الذي اختارهم من بين كل شعوب الأرض لينفذوا أوامره ويطيعوا وصاياه، التي هي: (وتستأصلون جميع الشعوب الذين يسلمهم الرب إليكم، فلا تشفقوا عليهم ولا تعبدوا آلهتهم لأن ذلك شرك لكم) فالأوامر الإلهية نحو سكان الأرض المحتلة هي القتل والإبادة الجماعية والاستئصال من الوجود.
ثالثاً: الهدف من القتل:
ولا ينسى أن يوضح الرب لشعبه المقدس الهدف من وراء هذه الأوامر والوصايا المتشددة بضرورة القتل، ووجوب عدم الإبقاء على أحد من سكان الأرض التي وعدهم بها: (ولكن إن لم تطردوا أهل الأرض من أمامكم، يصبح الباقون منهم أشواكاً في عيونكم، ومناخس في جنوبكم، ويضايقونكم في الأرض التي أنتم مقيمون فيها). (العدد: (33/55).
إن الرب لا يريد لشعبه المقدس، المختار للسيادة من بين شعوب الأرض من يزعجه ويقلق راحته، لذلك لا بد من قتل أصحاب الأرض الأصليين والتخلص منهم، لأنهم إن أبقوهم أحياء فإنهم سوف يعودون، وسوف يطالبون بأرضهم وحقوقهم الوطنية فيها، كما يحدث الآن في قضية اللاجئين، والإصرار على حق العودة، ورفض اللاجئين الفلسطينيين التفريط في هذا الحق. مما استفز أحد أشهر من عرفوا عند الكتاب العرب بالمؤرخين الصهاينة الجدد، وهو اليهودي اليهودي (بني موريس) الذي اشتهر للأسف عند التقدميين العرب بأنه يهودي تقدمي غير صهيوني، وأنه من أشهر الكتاب الصهاينة الذين فضحوا جرائم ومجازر العدو اليهودي التي ارتكبها الصهاينة عام 1948، بسبب تلك المذابح شكك في موريس في مدى شرعية كيان العدو اليهودي، وفجأة صعق قراءه وأنصاره ومعجبيه من العرب، عندما أخذ على قادة الكيان اليهودي عام 1948 عدم قتلهم جميع الفلسطينيين وإبادتهم، وانتقد السماح لهم بالهجرة، لأنهم لو أبادوهم في ذلك الوقت ما كانوا وجدوا اليوم من يطالبهم من الفلسطينيين بحق العودة إلى ديارهم، وكان كيان العدو اليهودي قد وقع اتفاقيات "سلام" مع الدول العربية منذ زمن!
كما أن بنيامين فريدمان يرى في النص السابق، أنه قد يكون معناه أن (يهوه) لا يؤمن بأخذ أسرى من الأعداء لما في ذلك من مشاق وكلفة [2]. وذلك موقف أتيمار بن خفير حليف نتنياهو ووزير الأمن القومي والسجون!
ولعل هذا ما يفسر لنا انتهاج جنود العدو اليهودي في كثير من الحالات سياسة تصفية وقتل المجاهدين والأسري في أرض المعركة بعد وقوعهم في الأسر وعدم اعتقالهم، سواء في الحروب اليهودية مع الدول العربية، أو في كثير من المواجهات مع المقاتلين الفلسطينيين!
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى