ربط التخصصات العربية والإسلامية بالقضايا المحلية
أعتقد أن من المتفق عليه أن الإنسان يتعلم من أجل خدمة محيطه المكاني والزماني أولا قبل خدمة محيط غيره، الأمر الذي يتطلب من القائمين على البرامج التعليمية المختلفة أن يضعوا في الحسبان كيفية إخضاع هذه البرامج للمتطلبات المحلية، بحيث يكون المتخرج مجندا للتعاطي والتفاعل مع قضاياه القومية الراهنة والمستقبلية قبل الماضية. ولا أعتقد أن أي برنامج علمي يخلو من هذه الخاصية يستحق البقاء.
وفي ما يتعلق بالتخصصات العربية والإسلامية التي يدرسها الأفارقة في الدول العربية مثلا، فليس من الإنصاف مطالبتها بوضع خصوصياتنا المحلية الأفريقية في الحسبان ما دامت هذه البرامج مصممة أساسا لخدمة المتطلبات المحلية والقومية للدول العربية المختلفة، بحيث تصبح مسؤولية إخضاع التخصصات للخصوصيات المحلية ملقاة على عاتق الدارس نفسه. أما هذه التخصصات العربية والإسلامية في جامعاتنا المحلية في أفريقيا فقد آن الأوان لإدراج الاعتبارات المحلية فيها إن أردنا لخريجيها أن يكون لهم دورهم المحلي. ولعل من الإنصاف الاعتراف بأن شق التخصصات الإسلامية قد قطع شوطا لا بأس به في هذا الاتجاه، ولاسيما فيما يتعلق ببعض القضايا الفقهية والعقدية المتعلقة بالفرق والجماعات الإسلامية في المنطقة. أما شق الدراسات اللغوية والأدبية فلعلي لا أبالغ اذا زعمت أنه بعيد كل البعد عن الواقع المحلي، ولا يشفع له في هذا الصدد ما يدرس بعنوان الأدب الأفريقي العربي أو الأدب العربي الإفريقي أو الأدب الأفريقي باللغة العربية إلى آخر ما هنالك من هذه التسميات التي يكاد البعض يؤلفون المجلدات في الاختلافات حولها، قلت إن إدراج هذا المساق ضمن البرامج لا يكفي؛ لأنه في اعتباري وقد أكون مخطئا لا يمثل حتى الآن إلا استنساخا للأدب العربي أكثر مما يمثل أفريقيا. أرى أن من الضروري لكي يتمكن خریجنا المتخصص في الأدب من الاندماج في مجتمعه المحلي أن يكون للأدب الأفريقي في برامجنا شقان، يخصص شق منه للأدب المنتج باللغة العربية، ويكون الشق الثاني للأدب المنتج بغیر العربیة؛ حتى يكون له نصيبه من الاطلاع على الآداب المحلية المختلفة بالفرنسية والإنجليزية واللغات المحلية. أما شق الدراسات اللغوية، فيمكن الوفاء بهذا المتطلب خلال مادة بعنوان: اللسانيات الأفريقية يحاول الطالب من خلالها تطبيق الأفكار اللسانية المختلفة على اللغات المحلية المختلفة، ويتم ذلك بالاطلاع على ما أنتج حول هذه اللغات بالفرنسية أو الإنجليزية في جامعاتنا المحلية المختلفة.
د. علي أبولاجي عبدالرزاق
الجامعة الإسلامیة بالنیجر