إسقاطات نقدية على القصة القصيرة:المتسول للأديبة العراقية صبيحة شبر
قام بالدراسة: د. ريمه عبد الإله الخاني
تعريف بالمؤلفة:
صبيحة شبر كاتبة عراقية، بدأت الكتابة في الصحف العراقية عام 1960، نالت لقب أفضل كاتبة في العالم العربي من المجلس العالمي للصحافة عام 2009.
مؤلفاتها
قصص قصيرة
الثمثال، من مطبعة الرسالة في الكويت عام 1976.
امرأة سيئة السمعة، من مطبعة وكالة المطبوعات العربية في مصر عام 2005.
لائحة الاتهام تطول، صدرت عن دار الوطن للطبعة في الرباط، عام 2007.
التابوت، صدرت عن دار كيان في مصر عام 2008.
لست أنت، صدرت عن دار ضفاف.
غسل العار، دار فضاءات، عمان.
روايات
الزمن الحافي رواية مشتركة مع الأديب العراقي سلام نوري.
العرس رواية صدرت عن العراق في عام 2010.
فاقة تتعاظم وشعور يندثر، 2014.
أرواح ظامئة للحب، 2015.
هموم تتناسل وبدائل، 2015.
أدتك قلبي، 2017.
جوائز وتكريمات
نالت لقب أفضل كاتبة في العالم العربي من المجلس العالمي للصحافة عام 2009.
كرّمتها وزارة الثقافة العراقية عام 2010 ضمن المكرمين لحصولهم على جوائز عربية وعالمية.[1]
أدين بالفضل في تعريف القراء الكرام بحرفي في البدايات للأديبة صبيحة شبر، في العام 2009 حيث قامت بإجراء لقاء معي، بحت فيه بآمالي وأحلامي[2]، وأظنني أنجزت كما لابأس به منها.وهي كاتبة بارزة في موقعنا فرسان الثقافة.
تعد قصة المتسول من بدايات الأديبة شبر ، حيث وجدتها منشورة من جديد على حسابها وكأني أقرأها للمرة الأولى ،تبدأ القصة بصيغة المخاطب للراوي وهي أصعب الأساليب بعيدا عن صيغة ضمير الغائب هووالحاضر أنا:
-يسيطر عليك رعب هائل ، وجدت نفسك في موقف لاتحسدين عليه ، بعد غربة قاتلة وبعد طويل عن الأهل والأحباب ،جاء أبوك لزيارتك في منزلك الصغير..
تبدأ بالقصة من الحبكة فورا، حيث نفهم من البداية عوز الابنة، من منزلها الصغير، وأن الوالد جاء لزيارة ابنته المتزوجة حديثا.وهي تحدث نفسها بضيق ذات اليد، وأنها عاجزة عن العناية بوالدها، وحيرتها في موقفها وكيف تخرج منه، فتنتقل المؤلفة لفكرة محاولة الأب الإنفاق على ابنته عبر جملة(صوت الراوي):
- فاقترح عليك أن يتولى هو الصرف عليك..
كان بإمكان المؤلفة القول: فاقترح عليكِ أن يتولى الإنفاق ..
وإن وضعنا زمن كتابة القصة تحت المجهر، فمؤكد أن تجربة الكاتبة اللغوية والسردية باتت في مراحل متقدمة، حيث تتم المكنة اللغوية ومراعاة سقطات الهمزة وغير ذلك[3]، ولكننا نركز هنا على فكرة القصة المهمة ، والتي تبين معاناة الجيل في البحث على لقمة العيش واستمرار الأبوين في دعم أبنائهما، وهي قضية مازالت موجودة في مجتمعنا بقوة، تعكس مدى عدم استطاعة الأبوين الابتعاد عن دعم أبنائهما، وتركهما الأولاد يعتمدون على أنفسهم، وتراجع البيئة الاقتصادية الوطنية عن احتضان الجيل القادم المنهك في البحث عن حياة جديدة تكفيه وتمنعه من الحاجة لغيره.
لكن يلفت نظرنا غضب الأب لجبن ابنته في مطالبة مديرها بحقها في الراتب المتأخر:
-يشتد صراخه ، يضرب رأسه بالجدار ، يمزق ملابسه ، يلطم على وجهه ، موجها لصدره أقسى الضربات صارخا بأعلى صوت:
- ما بالك تصمتين ؟ لمَ لمْ تطالبي مديرك المأفون بحقك ، أنت جبانة رعديدة يا امرأة!
ربما نجد ردة الفعل هذه غريبة عنا، أو ربما هي البيئة التي تعيش فيها البطلة، ولكن هل هذا الأمر يتطلب كل هذا الغضب؟ أم بسبب شدة العوز الذي وصلت إليه ابنته؟.
لتنبئنا القصة بتمثيلية صغيرة يقوم بها الأب بعد ثورة من الغضب، وهو مريض في القلب، ويصدر صوت الطبيب عاليا في الهاتف، بضرورة العناية به، ليبتسم بعسر ويشير لمحفظته لتأخذ مافيها، فيضحك، وتنجلي اللعبة، فيخرج لأصدقائه فيسهر معهم.
هنا نعود لعنوان من جديد المتسول..هل نعني هنا الأب؟ أم زوج الابنة؟ أم الابنة ذاتها؟، القصة هنا لم تنته بعد، لقد تركت رغم نهايتها ندبة في نفس القارئ وأسئلة:
-هل مساعدة الأب حل مؤقت أم مستمر؟.
-هل مجتمعنا يعد محتوٍ كبير لأبناء يتعثرون في حياتهم؟.
-وهل هذا هو الحل، الذي سيجعل الابنة تحل مشاكلها بنفسها يوماما؟.
-وهل زوج الابنة وعى الدرس، وشعر فعلا بورقة التوت تسقط؟.
القصة المطروحة رغم بساطة الطرح، تترك فجوة مجتمعية كبيرة، والقصة تعتبر تذكير بمشكلات الشباب الصعبة. فنيا قصة ناجحة بكل أركانها يمكن الاشتغال عليها فمحتواها يستأهل مزيدا من السرد، خاصة على العامل النفسي للزوج أيضا. حيث كان بإمكان المؤلفة أن تجعل له دورا غير دوره كمتفرج، أو كمحاول تدراك الموقف الصعب هذا، والذي يمس بالزوج كرب أسرة، خاصة وأن القضية قديمة جديدة، وفيها من الحيثيات مايجعلها مفصلا مهما في الطرح، يطالب بمزيد من السباحة نحو شط بعض حلول ولو كطرح اليائس في السرد من قبل الزوج مثلا.بانتظار جديد القص للأديبة مع قضايا راهنة مهمة كثيرة تحتاح تلك الأقلام.[4]
8-3-2020
[1] ويكيبيديا
[2] رابط اللقاء:
http://www.ahewar.org/debat/show.art...id=175657&nm=1
[3] ورد في مقدمة كتاب فن أن تكون على صواب ل شوبنهاور، حيث نقل رضوان العصبة عن العماد الأصفهاني:" إني رأيت أنه لايكتب إنسان كتابا في يومه إلا قال في غده: لو غير هذا لكان أحسن، ولو زيد هذا لكان يستحسن، ولو قدم هذا لكان أفضل، ولو ترك هذا لكان أجمل، وهذا من أعظم العبر، وهو دليل استيلاء النقص على كافة البشر.
[4] رابط القصة:
http://omferas.com/vb/showthread.php...150#post244150