أخطاء إدارية : إجازتي والنادي الأهلي!
غني عن القول أن إطلاق "خطأ إداري"لا يمثل غير فهمي للأمور .. وبسرد مقتضب لقضية محددة.
لاحظ ديوان المراقبة العامة على أحد مشاريع الجهة التي أعمل بها .. وأرسل خطابا بتلك الملاحظات. وحين تأخر الرد – لم يرسل خطاب تعقيب،كما جرت العادة – أرسل خطابا شديد اللهجة،مطالبا باسم الموظف الذي تسبب في تأخر الرد. أعقب ذلك،أو سبقه برفع شكوى ضد "الجهة". وحضر مندوب من "هيئة الرقابة والتحقق" فوجد المعطيات التالية .. وصل الخطاب إلى الإدارة يوم الأربعاء الموافق كذا .. وأحيل إلى القسم المختص يوم الخميس – اليوم التالي – وحيث أن رئيس القسم كان في إجازة ذلك اليوم – أو في مهمة رسمية – فلم يكتف الزميل الذي يقوم مقامه بوضع الخطاب على مكتب رئيس القسم،في انتظار توجيهه لأحد الموظفين .. بل حرر عليه خطابا إلى الجهة التي تمسها ملاحظة الديوان .. وأشر أسفل الخطاب،بتاريخ يوم الخميس،وصدر الخطاب للجهة المعنية يوم الأحد الذي يلي ذلك.
وجهة نظري أن الواجب فعله،إذا لم يوجه خطاب شكر للموظف المبادر .. فيُسجل في المحضر أن هذه الإدارة لم تقصر،ثم يتم الانتقال إلى الإدارة الأخرى التي أحيل إليها خطاب الديون،وتأخر لديها. وحين يتضح أن تلك الإدارة تواصلت مع وزارة المالية – هاتفيا ،ربما هنا يكمن الخطأ - ،طالبة تعديلا ما،طُلب منها الانتظار حتى صدور الميزانية .. أو شيء بهذا المعنى. هنا أيضا – لا أرى وجود موظف مخطئ. وربما يحتاج الأمر إلى تنبيه على التعامل الورقي التوثيقي ،بدلا من الاتصال الهاتفي،أو التوجه إلى وزارة المالية للتحقيق معها .. إذ أنها هي السبب في تأخر الرد!!
ولكن الذي حصل أن "المحقق"لم يجد على المعاملة اسم موظف محدد،غير الموظف"المبادر"الذي حرر الخطاب وأشر عليه .. فسجل اسمه في المحضر .. ثم طلب رسميا .. للتحقيق .. وخير بين أن يذهب إلى "هيئة الرقابة والتحقيق" أو يحضر المحقق إلى مقر عمله!!
كأني بديوان المراقبة أراد أن يجنب نفسه أن يكون"الخصم"و"الحكم" .. ولكن استكمال ذلك كان يقتضي عدم "الأمر"بالتحقيق مع الموظف المتسبب في تأخير الرد. وإنما واقع الحال الذي ستقف عليه "هيئة الرقابة والتحقيق"هو الذي يحد وجود تقصير من عدمه.. ومن ثم التحقيق أو الشكر.

إجازتي والنادي الأهلي
تعرضت لوعكة صحية ،وكنت أحدث عنها أخي عبد العزيز أبو حجاري،قلت له منحني الدكتور إجازة .. قال لعلها أول إجازة تحصل عليها من المشفى؟!! قلت : بل هي الثانية – ولعلها الثالثة – علق – و هو أهلاوي أصيل – : إنت زي الأهلي مع الدوري!!!
نعم.في أكثر من ثلاثة عقود لم حصل إلا على إجازتين أو ثلاث!!
قبل أن تخشوا عليّ عيونكم .. وتقولون :ما شاء الله على الشايب المتعافي!!
أقول بعد حمد لله على كل حال ،والاستعاذة به من حال أهل النار ..بل كنت مبتلى بحساسية الأنف .. وكان"زكامي"لا يشبه زكام الآخرين .. حتى قال لي مديري السابق الأستاذ إبراهيم العبد اللطيف – رحم الله والديّ ورحمه – "زكمتك شينه بالمرة يا محمود "!!
ما الذي حصل؟
الذي حصل أن مستوصفنا كان يديره مدير"طبيب"وكان شديدا في مسألة الإجازات،حتى قيل أنه كان يعيد الكشف على الطالب الذي يحصل على إجازة،ثم أحيل إلى التقاعد .. فجاء مدير "إداري"

ثم جاء آخر .. ففتح باب الإجازات على مصارعه ..ربما تعويضا عن "الكبت"السابق!! فكان أن وزع"تعميم"بعدم منح الإجازة إلا لمستحقها .. ثم ضيق الأمر حتى على مستحقها .. بسبب ثغرات في المنظومة . وهكذا أغلق الباب حتى أنني كنت أحمل إجازة لولدي لاعتمادها .. ففوجئ

"الموظف" ظنا منه أنها لي .. وقال قولته التاريخية : أنتو ما يعطوكم إجازة!!

وهكذا لم يبق إلا باب"الواسطة"أو"الاستجداء" .. ولست من أهلهما.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنني من أكثر من عقدين ..توقفت عن الذهب إلى مشفانا،فيما يتعلق بحساسية الأنف – الدواء من مشفى خاص .. والإجازة من إجازتي العادية .. وهذا يعني أنني أخذت من إجازتي العادية – في المتوسط – أكثر من ثلاثمائة يوم !! ومرد هذا الرقم الكبير .. يعود إلى أن الإجازة العادية كان أقل ما يؤخذ منها خمسة عشر يوما!!
ما قصدته بوضع هذه اللمحة – التاريخية – ضمن أخطاء إدارية .. هو أننا لم نستطع أن نوجد "آلية"لا تظلم مريضا فتسلبه حقه في إجازة مرضية مستحقة .. ولا تحرج طبيبا في منح إجازة لغير مستحقها!!


المتقاعد .. والمراهق!!

هذه همسة – وكل يجر النار لقريصه!!،كما يقول المثل الشعبي – للتفريق،في المعاملة،بين شاب حديث عهد بالوظيفة .. وبين مسن على وشك التقاعد .. والأمر برمته ليس أكثر من حديث سمعته من أحد إخواننا ،وهو يحدث آخر .. ولم أسال - فلم تكن بذرة الكتابة قد نبتت بعد – ولكنني سمعت – كما نقول بالعامية "طرطشة"كلام. مفادها .. أن الأخ - وهو يعمل في إحدى الشركات بمدينة ينبع - قدم طلب تقاعد مبكر .. والنظام يلزمه أن يقدم الطلب قبل شهرين من تاريخ ترك العمل .. كان الأخ في الشهر الأول يداوم كغيره .. ومع بداية الشهر الثاني .. أسقط اسمه من "كشف المناوبات"وأصبح يأتي متى شاء .. ويخرج متى شاء .. أو لا يأتي إن رغب.. ويسعى لإنهاء إجراءات التقاعد ... والهمسة هنا ليست للموظفين وحدهم – وأنا أحدهم – بل الأهم للمعلمين .. والأكاديميين ..علماء على وشك التقاعد فيفترض أن يعاملوا معاملة خاصة .. فيخفض "نصابهم" – ويكون هو الحد الأعلى فيما يتعلق بالمكافآت المقررة في النظام لمن أخذ نصابه كاملا - ويتم التعامل معهم بما يشي بتقديرهم وتقدير العمر الذي قضوه في
التعليم ..

أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني