اتأمل هذا المقال ................
تاريخ يحتاج للوقوف .............د. خالص الجلبي
حريق جيوردانو برونو يضيء لعصر التنوير ...
الكنيسة اعترفت بصوت خافت أن كثيرين قضوا نحبهم على نار المحارق . كان منهم جيوردانو برونو ( giordano brono ) الذي ( ركب رأسه وكان عنيداً ) كما وصفه الكرادلة التسعة الذي حكموا عليه بالموت بأبشع طريقة ؛ فاستحق النار ذات الوقود ؟ عندما تقدم برونو الى الموت صرخ في وجه قضاته : لستم أنا الخائف بل أنتم من هلع قلبه وارتجت مفاصله وسيحكم عليكم التاريخ . كان برونو شهيد حرية الرأي كما وصفه المؤرخون أكثر من ممثل لمدرسة فلسفية ، وفي المكان الذي أحرق فيه أقيم له نصب تاريخي بعد قرون يخلد حرية الكلمة التي أغلقت الكنيسة يومها الطريق في وجهها . رقم الملايين التي سيقت الى الموت باسم العقيدة والمسيح شككت فيه الكنيسة واعتبرته مبالغاً فيه ، واعترفت برقم يقترب من ألف ( فلم يكن أكثر من 1000 ضحية أحرقت على مدار 400 سنة ) هو على كل حال أكثر من اعتراف . من المفيد أن نذكر أن الحضارة الاسلامية لم تعاصر أو تعاني من هذه الظاهرة المرعبة . ربما حدثت تجاوزات ؛ فقطعت أطراف الحلاج في بغداد وهو ينادي فيهم : الله .. الله في دمي ، وقضى نحبه السهروردي بفتوى أيام صلاح الدين الايوبي ، ومات ابن تيمية في السجن ، وسُمِّم ابو حنيفة ، وجلد الامام مالك ، وذبح الحسين ، ولم يدفن ابن جرير الطبري صاحب التصانيف الا سراً ؛بسبب اتهام الرعاع له بالالحاد والرفض ، الذي قال عن تفسيره الفقيه ( الاسفراييني ) : لو سافر رجل الى الصين في تفسير ابن جرير لم يكن كثيرا !. ظاهرة الحرق بالجملة يجلس لها الملوك ، ويحتشد لها الجمهور ، لم يعرفها التاريخ الاسلامي ، أما حرق البشر بأرقام فلكية تصل الى المليون فهذا يعني أن أوربا خرجت فعلاً من مستنقع آسن مرعب وبمعاناة ذات ضريبة باهظة .