نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



غربة الراعي: سيرة ذاتية - إحسان عباس
الناشر: دار الشروق - الأردن
الطبعة: 2006
274 صفحة
http://www.mediafire.com/?66bu2qv8smldu1n

نبذة بقلم إبراهيم نصر الله (بتصرف):
تبقى «غربة الراعي» السيرة الذاتية للدكتور إحسان عباس، مساحة لتأمل هواجسه الإنسانية والثقافية التي شغلته على مدى حياته، وتلتف حولنا الآن دون رحمة بعد رحيله. ولذا ليس غريبا أن «غربة الراعي» أثارت منذ صدورها الكثير من النقاش، بحيث يمكن القول إنها من الكتب القليلة التي سجلت حضوراً لافتاً، ونجاحاً متميزاً، لمسنا آثاره بوضوح في غير ساحة ثقافية عربية.
ولم يكن الاهتمام البالغ الذي قوبلت به سيرة الدكتور إحسان عباس مصادفة، لأن حضوره المبدع في حياتنا الثقافية العربية، كرَّسَه واحد من قمم القرن العشرين القلائل على امتداد العالم العربي، وهو إلى ذلك أستاذ عدد من الأجيال التي تتلمذت على يديه مباشرة، أو على كتبه التي فاق عددها السبعين كتاباً، بين التأليف، والتحقيق والترجمة.

كما يسجل للدكتور إحسان عباس تلك البصيرة النافذة التي جعلته منذ البداية مناصراً حقيقياً للتجديد في الأدب العربي، وخاصة الشعر الحديث.
ولذا، ليس غريباً أن يكرِّمه العالم أيضاً، وفي غير مناسبة، كان من بينها درجة الدكتوراه الفخرية من قبل جامعة شيكاغو، باعتباره واحداً من ألمع النقاد والمفكرين الذين تركوا بصمات عميقة في حياة شعوبهم الثقافية.
ومع حضور صاحب «غربة الراعي» الباهر من خلال إبداعاته، شكّلت سيرته الذاتية نقطة، أو بؤرة صالحة لتأمل كتاب من نوع خاص، وحياة حافلة امتدت على مساحة ثلاث وثمانين سنة، في القرن الأكثر خطورة والأشد انعطافاً في حياة البشر على هذا الكوكب: كما يحلو للبعض ـ مرغما ـ أن يصفه! لكن «غربة الراعي» المرفوعة على يدي تاريخ صاحبها الثقافي، كانت الحلقة التي لا بد منها لتأمل التاريخ الإنساني الحميم، عبر شهادة حارة مؤثرة لصاحب هذه السيرة. يكتب إحسان عباس سيرته، غير معتمد على يوميات دوَّنها في أي مرحلة من مراحل حياته، ويشير في مقدمتها، والإشارة تغمرها المرارة «وإذا كان هناك من عيب في الإقدام على كتابة مثل هذه السيرة، فذلك هو أنها تأخرت في الزمن، وكان من الحق أن أكتبها قبل حلول الشيخوخة وامتلاء النفس بألوان الخيبة».
لكن المرارة والحزن والخيبة في النهاية ليست قيماً فنية، لأن القيمة الفنية تكمن في مستوى الكتابة ومدى صدقها. لقد جرت العادة أن نحاكم سِيَر كتّابنا ومفكرينا في العالم العربي، من خلال معيار الجرأة، وأُخذ على أصحاب السِّير باستمرار ذلك الخجل الذي يغمر صفحاتهم بفعل الظروف الاجتماعية والسياسية المحيطة بهم. والمأخذ في جوهره دقيق ولا يمكن إغفاله. كما أُخذ على أصحاب السِّير أنهم ملائكة دائماً ولم يقترف أي منهم خطأ في حياته، أو زلة قدم بإرادته أو بغير إرادته، وأخذ على بعضهم أنهم صوَّروا أنفسهم جوهر الكون، فإذا بهم أبطال ذلك الزمان وفرسانه دون منازع; وأُخذ على بعضهم الفردية الطاغية التي غيبت التاريخ والبشر من حولهم، وإذا بهم في سيرهم نماذج من حي بن يقظان، أو روبنسون كروزو أو طرزان.