الشيخ سيف الدين بن الشيخ محمد الثاني.

(1300/1389هـ)- (1887/1969م)

عندما كانت والدته حاملة فيه شاهد الشيخ محمد الثاني الرسول محمد في منامه فقال له نبشرك بغلام يا شيخ محمد وسميناه سيف الدين وفي اليوم الثاني وعندما كان يدرس جاء المريدين إلى الشيخ محمد وقبل أن يبشروه قال لهم جاءني غلام وسماه الرسول بسيف الدين.
وسيفٌ لدين الله شق طريقه في أفق العلوم ودماثة الأخلاق
تتلمذ الشيخ سيف الدين منذ نعومة أظفاره على يد الشيخ محمد الثاني وأخذ على يديه العلوم الشرعية والفقهية والعلوم الدنيوية ولبس العمامة منذ السابعة من عمره ولازم والده في مجالس العلم كلها فكان تقياً عالماً مهذباً سلك الصوفية عن والده والتزم الطريق النقشبندي وتدرج فيه إلى مرتبة البقاء بعد الفناء ...
فهو ظاهرياً مع الخلق – يقوم بأعمال الدنيوية كافة وباطنياً مع الحق لا يفتر قلبه عن ذكر الله ولا طرفة عين قد فني في محبة الله ورسوله وسلك طريق المحب للصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه فتخلق بأخلاق النبي محمد صلى الله عليه وسلم .
فهو بهي الطلعة ذو لحية بيضاء ووجه مبتسم وقامة نحيلة وأخلاق عذبة .فهو محبوب بين الناس ووقور ومؤدب يحبه كل من يراه يجيب على كل سؤال بلسان عذب وبالحكمة والموعظة الحسنة عاشرته ثلاث وعشرين عاماً،كان هادئاً في أشد الظروف لم أرى عليه آثار الغضب طيلة هذه الفترة وكان إذا غضب غضباً شديداً يطرق النظر في الأرض ثم يرفع رأسه وهو متبسم ويقول الله يصلحك ويصلح الجميع.

كان يتردد في كل يوم جمعة ويشرف على مزرعة والده في قرية زبدين في غوطة دمشق .عين في دائرة أوقاف مدينة دمشق رئيس لدائرة الحسابات ثم أنتقل إلى دوما حيث استلم مديراً لأوقاف دوما"1936"ثم خطيباً في جامع التابكية في منطقة الصالحية بمدينة دمشق.

وفي أثناء الحرب العالمية الثانية انضمت الدولة العثمانية إلى الألمان ضد الحلفاء وكان القانون العثماني يعفى رجال العلم والدين من لالتحاق بالجيش والقتال فيه، وعند الحرب أصبح أكثر العامة يضعون العمامة ويرخون اللحية هرباً من الخدمة ..
فأصدر السلطان عبد الحميد بإحالة جميع المشايخ إلى الفحص و الامتحان وقد أقيم الامتحان في اسطنبول بالآستانة وأمام لجنة تحكيم مؤلفة من "17"عضو ومن أكبر علماء العصر فمنهم اختص باللغة العربية – والقران الكريم وتفسيره- والفقه- والسنة الشريفة والأحاديث النبوية الصحيحة وغير الصحيحة- وعلم الفلك وعلم الرياضيات والطب والهندسة والفلسفة والتاريخ والجغرافيا .
وكان الهدف من ذلك التعبئة العامة وإحالة الجميع إلى القتال مع الألمان أما الشيخ محمد الثاني وكما مر معنا سابقاً يدرس في جامع الخاني النقشبندي بالسويقة وهذا الجامع له صحن في المنتصف وبحرة للوضوء وحول أضلاعه الأربعة غرف لجميع العلوم منها الدينية ومنها الفلسفة والطب والجغرافيا و...... بحيث يتخرج الشيخ وقد ألم بكافة العلوم فهو يجيب على أي سؤال يطرح عليه.

وكان الشيخ سيف الدين من التلامذة الأوائل في هذا المسجد و قد حفظ ألفية ابن مالك و الجوزية و كان عمره لا يتجاوز السبعة سنين .
فقام وانزوى في غرفته ليحضر العلوم للفحص القادم و خلال ثلاثين يوما فقط و بعد ذلك سافر إلى الأستانة في اسطنبول و في ذلك الامتحان و كان يتقدمه ألفين شيخ سقطوا كلهم في الامتحان و جاء دور الشيخ سيف الدين و قد روى لي حادثة الفحص بالتفصيل .

دخل الشيخ سيف الدين قاعة الامتحان ووقف أمام لجنة العلماء الأفاضل الذين كانوا يوجهون للمشايخ الأسئلة التعجيزية ليسقطوهم في الامتحان و من ثم إلى الجندرمة ثم القتال و كان كل واحد منهم يسأل الشيخ سيف الدين فيجب بلسان فصيح و قوة و دون تلعثم و كأنه يقرأ فاتحة الكتاب و يجب على الشيخ أن يتجاوز ال 17 عالم و أيُ سؤال لا يستطيع الإجابة يسقط بالامتحان إلى أن جاء أحدهم و سأله عن مسألة : في المنطق تتألف من 21 بند فقال الشيخ سيف الدين و أي بند من بنوده تريد فإذا فيه يتلعثم و لا يعرف من البنود شيء فأدرك الشيخ سيف الدين و بحكمة منه فبادر إلى إنقاذه و قال له إن كنت تريد البند الأول فهو كذا و كذا أما البند الثاني فهو كذا و كذا ... إلى أن وصل إلى آخر بند فقال نعم ،نعم ، نعم ، و انفرد وجهه فقام الجميع ووقفوا و صفقوا له و احترموه و لم يتم بقية الفحص و نجح بإعجاب جميع أعضاء لجنة العلماء حيث أدركوا نبوغه و تمكنه من كافة العلوم . و هو الشخص الوحيد الذي نجح من الامتحان و بعد ذلك عينه السلطان عبد الحميد تكريما له شيخ الحملة العسكرية للسفر برلك و هي الحملة العسكرية التركية التي جهزت له لمساندة الألمان عند قناة السويس و مهاجمة الحلفاء من الخلف – و عندما انهزم الألمان في موقعة العلمين على الحدود المصرية الليبية لم تستطع الحملة التركية من عبور قناة السويس .
وهكذا كان خطيباً وإماماً ومفتياً ومرشداً للحملة العسكرية حتى وصلت إلى قناة سويس وهناك هزم الأتراك وعاد الشيخ سيف الدين هو وقلة من مريديه سيراً على الأقدام أو ركوباً على الدواب من قناة السويس حتى دمشق واستغرق غيابه ثلاث سنوات وظن الأهل أنه فارق الحياة
وعادت البهجة والسرور للعائلة الكريمة إلى منزله في القنوات ، وهو منزل ابن على باشا والي مصر .

وهنالك أيضاً الاجتماع الشهير الذي عقد سنة "1950-1951" في بيت الشيخ الجليل سيف الدين الخاني رحمه الله في حارة التكريتي وضم أكبر تجمع لآل خاني.الدمشقي وممثلين آل خاني من حماة وحلب وخان شيخون.




نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي