المدرسة الحافظية بدمشق
مقر الجمعية الجغرافية السورية

محمد عيد الخربوطلي







نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



حظيت دمشق بعناية الملوك والسلاطين والأمراء والفضلاء عبر كل العصور، فقد اتخذها الأمويون مقراً لدولتهم، كما أن العباسيين ولو أنهم نقلوا العاصمة منها إلى بغداء إلاّ أنّ ذلك لم يمنعهم من الإهتمام بها فبقيت تماشي نهضة بغداد جنباً إلى جنب، وبعد انهيار دولة السلاجقة قامت دويلات عرفت بالأتابكيات، ومنها النورية حيث استأثر نور الدين محمد بن زنكي بحكم دمشق، واقتدى بنظام الملك الوزير السلجوقي في بناء المدارس ورعاية العلم، فصارت دمشق في أيامه مقراً للعلماء، وجاء من بعده صلاح الدين وسار على خطاه، وكذلك فعل أخوته وأبناؤه ونساء الأيوبيين وخدَّامهم وأمراؤهم، ومن جملة من بنى مسجداً وتربة ومدرسة خاتون أرغون الحافظية.

خاتون أرغون الحافظية:
جاء في البداية والنهاية لابن كثير أنه في سنة 648هـ توفيت الخاتون أرغون الحافظية العادلية عتيقة الملك العادل، وسميت بالحافظية لخدمتها وتربيتها الحافظ أرسلان شاه صاحب قلعة جعبر.
كما أجمع المؤرخون على أنها كانت امرأة عاقلة مديرة عُمرت دهراً، وكان لها أموال جزيلة وعظيمة فصادرها الملك الصالح إسماعيل حيث أخذ منها أربعمئة صندوق من المال، وكانت قد وقفت دارها التي كانت بداخل باب النصر بدمشق وتعرف بدار الإبراهيمي على خدامها، واشترت بستاناً في أول الصالحية تحت نهر تورا وقرب عين الكرش كان للنجيب غلام الكندي، وبنت فيه مسجداً وتربة ومدرسة، ووقفت على هذا البناء أوقافاً كثيرة منها بستان صور.

المدرسة الحافظية:
البناء الحالي للمدرسة والموجود في منطقة المزرعة بسفح قاسيون بالحديقة التي بالقرب من مقر وزارة الأوقاف الجديد منقول من مكانه الأصلي القديم، والذي كان يقع إلى القرب منه بحوالي ثلاثين متراً تقريباً، والمبنى القديم كان قد تهدم بعضه وتعدى عليه بعض الجوار فأقاموا أبنية ملاصقة له، وقد ورد في وثائق مديرية الآثار بدمشق أن هذا البناء من الآثار الهامة، وفي عام 1953 كشف الباحث الآثاري خالد معاذ على البناء وطلب ترميمه، وبعد موافقة الأوقاف على ترميم المبنى وإعادته مسجداً طلبت مديرية الآثار من أمانة العاصمة إحاطة الأبنية الأثرية بحرم كاف من الحدائق.
وفي 31/ 10/ 1960 وافقت المحافظة على نقل البناء القديم إلى الشرق من موضعه القديم، ولم يصدر قرار النقل إلاّ في 19/ 6/ 1961 حيث تقرر نقل البناء القديم إلى مكانه الحالي في وسط الحديقة المنشأة حسب تنظيم ركن الدين، وفي 20/ 12/ 1962 قرر نقل المبنى كاملاً بعد أن تبين أن المسجد الصغير والأواوين والمدخل أجزاء متصلة بنيت في زمن واحد، ولم ينته البناء في موقعه الجديد إلاّ في 25/ 5/ 1978، وفي 15/ 8/ 1978 وافقت المحافظة على نقل ملكية المدرسة إلى الآثار مع وجائب بحدود 10 متر من كل جانب، حيث وضعت تحت تصرف المديرية العامة للآثار.

المدرسة (مقر للجمعية الجغرافية):
تأسست الجمعية الجغرافية السورية عام 1956 أسوة بكثير من الجمعيات الجغرافية العربية والعالمية، وقد تقدمت الجمعية في 10/ 1/ 1979 بطلب إلى مديرية الآثار والمتاحف لجعل بناء المدرسة الحافظية مقراً للجمعية الجغرافية بعد أن تم نقلها إلى مكانها الجديد، وبعد إزالة القبور الثلاثة منها وهي (قبر أرغون الحافظية، قبر ملكة الروم، قبل لطفل) ونقل الضريح الخشبي الذي يخص الملكة خاتون إلى بهو مديرية الآثار ووضعه مع الآثار الإسلامية.
وفي 1/ 1/ 1982 خصصت مديرية الآثار مبلغاً لاستكمال إكساء الجدران وتشييد السقف، ومنذ ذلك الوقت تقيم الجمعية الجغرافية نشاطاتها في مقرها الجديد بالمدرسة الحافظية بموقعها الجديد الذي تحيطه الخضرة من كل الجهات.

أقسام المبنى:
ينقسم مبنى المدرسة الحافظية في مكانه الجديد اليوم إلى:
- غرفة تعلوها قبة وجعلتها الجمعية الجغرافية مكتبة جغرافية تضم أكثر من عشرة آلاف كتاب وآلاف المصورات الجغرافية، بعد أن كانت في المبنى القديم تربة.
- قاعة كبيرة كانت سابقاً مسجداً، وهي اليوم للإجتماعات والمحاضرات التي تقيمها الجمعية الجغرافية.
- مطبخ.
- باحة مكشوفة.
- إيوان بالإضافة إلى المدخل.


المصادر:
1- القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية لابن طولون الصالحي 1/ 315.
2- الدارس للنعيمي 2/ 243.
3- منادمة الأطلال لبدران 332.
4- المدرسة الحافظية للميداني 8 – 26.
5- مدارس أنشأتها نساء للخربوطلي 141 – 142.