| الامام الغزالي .... و السلاجقه |

لا يسلم ابدا ان نتكلم عن السلاجقه ولا نذكر الامام حجة الاسلام ابو حامد الغزالي - رحمه الله - الذي يعتبر نقطه محوريه في تاريخ السلاجقه من الناحيه الفكريه واليكم نبذه مختصره جدا من حياة هذا الرجل :

الشيخ الإمام البحر، حجة الإسلام، أعجوبة الزمان، زين العابدين أبو حامد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي، الشافعي، الغزالي، صاحب التصانيف والذكاء المفرط (سير أعلام النبلاء (18/322 ، 323) )

وقد نسبه البعض إلى غزالة - بتخفيف الزاي - وهي بلدته التي ولد فيها وهي نسبة صحيحة من حيث اللغة والبعض نسبه إلى الغزالي - بتشديد الزاي - ونسبة إلى الغزَّال حرفة والده التي كانت يكتسب منها وهي نسبة صحيحة أيضاً من حيث اللغة....
ولد " بطوس " وهي (مدينة بخراسان تقع شمال شرق إيران وتسمى الآن بشهر ) سنة خمسين وأربعمائة هجرية وأما والده، فقد كان فقيراً صالحاً لا يأكل إلا من كسب يده حيث كان يغزل الصوف ويبيعه في دكانه بطوس، وكان يختلف في أوقات فراغه إلى مجالسة العلماء ويطوف عليهم ويتوفر على خدمتهم ويجدّ في الإحسان إليهم والتفقه بما يمكنه عليهم وكان إذا سمع كلامهم بكى وتضرع إلى الله أن يرزقه ابنا يجعله فقيهاً وواعظاً، فرزقه الله بولدين هما أبو حامد وأخوه أحمد (وفيات الأعيان (1/207) و التصوف بين الغزالي وابن تيمية ص 46) ولكن أبو الامام الغزالي توفي وما يزال أبو حامد صغيراً لم يبلغ سن الرشد ....

قدم الغزالي نيسابور - وهي عاصمة السلاجقه ، ومدينة العلم بعد بغداد - ولازم إمام الحرمين - وهو من عرفنا شخصيته وجلالته في العلم والتدريس وجّد واجتهد حتى برع في المذهب والخلاف والجدل والأصول وكانت العلوم السائدة في عصره وأعجب بذكائه وغوصه على المعاني الدقيقة واتساع معلوماته إمام الحرمين، فكان يقول : الغزالي بحر مغدق ( طبقات الشافعية (6/195) و التصوف بين الغزالي وابن تيمية ص 47 ) ....
وفاق أقرانه وهم أربعمائة حتى أصبح معيداً لأستاذه ونائباً عنه ....

تعيينه مدرساً على نظامية بغداد :
ولما مات إمام الحرمين عام 478ه خرج الغزالي إلى المعسكر قاصداً الوزير نظام الملك ، وهو لم يتجاوز الثامنة والعشرين من سِنّه، وقد ظهر فضله وذاع صّيته، وكان مجلس الوزير مجمع أهل العلم وملاذهم وكانت المجالس حتى المآتم لا تخلو من المناظرات الفقهية والمطارحات الكلامية، فناظر الغزاليُّ الأئمة العلماء في مجلس نظام الملك، وقهر الخصوم، وظهر كلامه عليهم، واعترفوا بفضله، وتلقَّاه الصاحب بالتعظيم والتبجيل، وولاّه تدريس مدرسته النظامية، ببغداد وكان ذلك غاية ما يطمح إليه العلماء ويتنافسون فيه، فقدم بغداد في سنة أربع وثمانين وأربعمائة ولم يتجاوز الرابعة والثلاثين من عمره، وقلَّما تقلَّد هذا المنصب الرفيع عالم وهو في هذه السن، درّس الغزالي بالنظامية، وأعجب الخلق حسن كلامه، وكمال فضله، وفصاحة لسانه، ونُكتَهُ الدقيقة، وإشاراته اللطيفة، وأحبُّوه ( طبقات الشافعية (4/106) )...

التحول الكبير الذي غير مجرى حياته :

بلغ الغزالي في تلك الأيام قمة المجد، وأتته الدنيا خاضعة ذليلة، أتته بالمال والشهرة وذيوع الاسم، كما أتته بالجاه ونفوذ الكلمة، واستمتع بذلك كله، ومع ذلك لم ينقطع عن طلب العلم، فطالع العلوم الدقيقة والكتب المصنفة فيها. مما كان له كبير الأثر في التحول الكبير الذي غير مجرى حياته ...

غادر الغزالي بغداد في شهر ذي القعدة سنة ثمان وثمانين، فحج وتوجه إلى الشام، فأقام بها عشر سنين، قضى بعضها في بيت المقدس وكان غالب وقته فيها عزلة وخلوة، ورياضة ومجاهدة للنفس، واشتغالاً بتزكيتها، وتصفية القلب لذكر الله تعالى، وكان يعتكف في منارة مسجد دمشق طول النهار (المنقذ من الضلال ص 139 - 143 ) ....

وأخذ في التصانيف المشهورة مثل إحياء علوم الدين والكتب المختصرة منه، مثل الأربعين وغيرها من الرسائل، التي من تأملها علم محل الرجل من فنون العلم (الإمام الغزالي للشامي ص 26 ) ....., ثم عاد بعد تلك العزلة التي استمرت عشر سنوات إلى بلده طوس، ليتابع عزلته سنة أخرى وتحت إلحاح الولاة وتكرار طلبهم بالخروج إلى الناس .. خرج إلى نيسابور ليدرس بالمدرسة النظامية فيها وكان ذلك في شهر ذي القعدة سنة 499ه ...

ولم تطل اقامته في نيسابور وكانت المدة التي درسها في النظامية فيها يسيره، ثم ترك ذلك، وعاد إلى بيته في طوس، واتخذ في جواره مدرسة للطلبة ، ووزَّع أوقاته على وظائف : من ختم القرآن، ومجالسة ذوي القلوب والقعود للتدريس حتى توفي رحمه الله بعد ان عاني المرض ، والمناوأة من الخصوم والسعي فيه إلى الملوك ...

وكانت خاتمة أمره إقباله على طلب الحديث ومجالسة أهله، ومطالعة الصحيحين، ولو عاش، لسبق الكل في ذلك الفن بيسير من الأيام وهذا توفيق من الله تعالى كبير للإمام الغزالي أن جعل خاتمته على الحديث والسنة ونحسب أن الله تعالى وفقه لهذه النهاية بكرم وفضل منه ومنة. ولم يتفق له أن يروي، ولم يعقب إلا البنات وكان له من الأسباب إرثاً وكسباً ما يقوم بكفايته ..... ( دولة السلاجقة للصلابي بتصرف ) ...


* ع *





نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي