بانَتْ سعادُ فقلبي اليومَ متبولُ
والجُندُ من حولِنا واهٍ ومخبولُ
صوتُ الرَّصاصِ يُدوِّي في شوارعِنا
كأنَّهُ في غِمارِ المجدِ مبذولُ
كأنَّ عُرساً نَصَبْنا ساحَ فرحَتِهِ
وساحُهُ قد خَلَتْ والعرسُ منحولُ
تراهُمُ قَدِموا كالفاتحينَ على
أبناءِ جِلدَتِهِمْ، والقَولُ معسولُ
قالوا عِصاباتٌ تسعى بِنا ضَرَرَاً
والجهدُ ضدَّهُمُ بالبِشْرِ موصولُ
فقضَوا لإخوَتِهم عَسْفاً وتصفيةً
زِنادُهُمْ كالشَّظى، والعقلُ مكبولُ
يا حسرةً كم سَعَوا في الناس تعميةً
قالوا مؤامرةٌ، أو قُلْ هوَ الغولُ
كأنما وعيُنا قد غيضَ منبعُهُ
أو أنه كبصيص الضوء مسلولُ
كأنّنا ما عَلِمنا أن حاكمنا
باغٍ ومُنْتَقِمٌ، بالظلمِ مجبولُ
فقد أحاقَ بنا من حولِهِ عَسَسٌ
حتى ظننا بأن الحرفَ منقولُ
وأن أنفاسنا محسوبةٌ عدداً
وإنْ سَلِمنا، فلا عَزْمٌ ولا حَولُ
وصوتُ شادٍ لنا كَمُّوا ملافِظَهُ
فَلَحْنُ أغنيةِ الأحرارِ مخزولُ
ومن يًغَنِّ نشيداً سيقَ مُتَّهماً
ومن يُدوِّي بصوتِ الحقِّ، مغلولُ
ومن تصدَّى لنيلِ المجدِ منتَحِلٌ
أو مستباحٌ ومطرودٌ ومنكولُ
وإن تنحَّى عن الأضواء زيدَ له
من الظَّلامِ دهاليزٌ بها طولُ
فصبغةُ المجد حِكرُ في سلالتهم
شرعٌ يُسَنُّ، وهل في الشرعِ مبدولُ
فاقصِرْ طموحاً وخلِّ السعيَ في طلبٍ
دونَ النجومِ ودونَ الغيمِ مسدول
إن التجاوُزَ عدوانٌ وعاديةٌ
فكيف يجرؤ من في الطينِ مبلولُ؟
كذا يظنونَ جُلَّ النَّاسِ من حَثَلٍ
وأنَّهُمْ كوكبٌ بالعزِّ مأهولُ
لم يَعلَموا أنَّما الأمجادُ موئلُنا
وأنَّ غيرَ عزيزِ النَّفْسِ مذلولُ
وأننا في الدُّجى فرسانُ صهوتها
فكيف تكبو خيولٌ في الوغى صولُ
قد قام يخطب فينا مثلما أسدٌ
غضنفرٌ بفراء السبع مذيول
وليته قد درى من فرط زهوته
بأن فأراً إذا جاراه مخجولُ
عِفنا، قرفنا، مججنا دونما ندمٍ
أن يرأس الدارَ من بالكادِ مهزولُ
أينَ الجهابذةُ الأفذاذُ من دولٍ
قاداتها في الورى كالوَدْقِ مهطولُ
أين السلاطين إن سادوا فعدلُهُمُ
يوطِّدُ السَّودَ، والتاريخُ محفولُ
أم أننا قزِمتْ قاداتُنا ووهتْ
حتى غدا مستطيلُ الجِيدِ مسئولُ
بِتْنا نشك بأن زمانَنا زمنٌ
حتى يبيتُ حثيثَ الشَّكِ مذهولُ
ما بالُنا .. لم نعدْ للعدل نَبلُغُهُ
فالنذلُ قاتِلُنا والشهمُ مقتول
يا ربِّ هيِّئ لنا من أمرنا رشداً
ما عادَ منْ يُرتجى إلّاكَ مأمول
24/9/2012