| الخصيـــان (2) |

قرأت حديثاً يقول فيه صلي الله عليه و سلم " سيكون قوم ينالهم الإخصاء فاستوصوا بهم خيراً " - و ليس لدي علم بمدي صحته - ... توارد إلي ذهني خاطره حينما ربطت هذا الحديث بما أعلمه و ما قرأته عن تاريخنا , فالكثير ممن حفلت بهم كتب التواريخ هم من الخصيان الذين كان لهم دور فاعل في أحداث مؤثره و هامه من تاريخنا و هو شيئ يدعوا للعجب فكيف بمجتمعات في أزمنه لم تسد فيها مفاهيم حقوق الإنسان و ما شابهها من مفاهيم إستحدثها البعض في عصرنا أن يتم التعامل فيها بهذا الأسلوب مع هذه الطائفه التي قد يظن البعض أنها منقوصة الصفات و ليس كذلك و حسب بل و جعلهم في مواضع الصداره و التقريب من قبل الملوك و السلاطين

و ما أظنه و الله اعلم أنه ربما كان لهذا الحديث اثر في الإسلوب الذي كان يتعامل به مع هؤلاء المساكين ممن يتعدي علي طبيعتهم البشريه و فطرتهم التي فطرهم الله عليها و ربما كان ذلك هو الدافع و المعين لعدم التعامل معمهم بشكل دوني .
...
كما أن ذلك يؤكد أنه علي الدوام كانت الكفائه هي العنصر الأساسي الذي يؤهل أصحاب المناصب خصوصاً في دول الإسلام الكبري و قد يتأكد هذا المعني للقارئ عندما يطالع الأمثله التي سأسردها في مشاركه أخري بإذن و هنا أستعرض معكم المناصب التي كانت قاصره علي الخصيان في دول الإسلام


1- الطواشي : و هو المملوك الخصي الذي يعني بخدمة بيوت السلاطين و المؤتمن عليها و كان يعرف بذلك الإصطلاح في الدوله العباسيه الأولي و الثانيه (المملوكيه) و كان يعبر عنهم في زمن الفاطميين بالأستاذين و هم في جملتهم كان منهم الكثير من ذوو النفوذ البالغ في الدول الإسلاميه المتعاقبه نستشهد ببعضهم لاحقاَ.

2- أغات دار السعاده : أو ( قيزلر أغا سي ) بالتركيه اي أغا البنات و هو من كبر موظفي الدوله العثمانيه و هو المسئول عن ( دار السعاده ) أي القصر السلطاني و كان تحت خدمته هذا الأغا مئات الطواشيه و كان قديماً في بدايات الدوله العثمانيه يكون من الخصيان البيض حتي نهايات القرن السادس عشر إنتقلت في الخصيان السود و كان هؤلاء الأخيرين في العاده يقدمون كهديه من باشوات و أمراء مصر للسلطان لأنه كما ذكرنا في المشاركه السابقه أن الخصيان السود كانوا يجلبون عن طريق مصر .
و بعد أن ضمت بلاد الحرمين للدوله العثمانيه في ( 1517 مـ - 923 هـ) أصبح و بالإضافه لكون هذا الأغا مسند إليه نظارة (إدارة) دار السعاده فإنه كان يوكل إليه نظارة وقف الحرمين الشريفين و هو من كان يرسل الأموال المقرره لهذه الجهه في كل عام
و كان لأغوات دار السعاده نفوذاً عظيماً في القرنين الـ 16 و 17 مـ حتي أنه كان منهم من يتدخل في تعيين الصدور العظام للدوله .

يبقي لنا أن نذكر بعض الأمثله من الخصيان المؤسرين في التاريخ الإسلامي , أوافيكم بها لاحقاً إن شاء الله
_____________________________________
الصوره من رسم الرسام المستشرق جان ليون جيروم في القرن التاسع عشر الميلادي و هي لبعض نساء القصر العثماني و بجوارهم طواشي أسود

أ.س
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي