ستسقط السلطة، وستنجو فلسطين
د. فايز أبو شمالة
اتفقمع صاحب الرأي القائل: إن اليوم التالي لسقوط السلطة الفلسطينية سيكون اليوم الأوللبدء تحرير فلسطين، بل سيكون اليوم الأول لبدء تصفية الكيان الصهيوني.
لاتندهشوا، سأفند الموقف بالمنطق، وأصل معكم إلى النتيجة من خلال:
1ـ جمهوريةمصر العربية التي رعت المصالحة الفلسطينية ردحاً من الزمن، تنشغل اليوم بإعادةصياغة حاضرها، وتنبي مستقبلها، وقد أيقنت أن القضية الفلسطينية على هامش العمل السياسي المصري في هذه المرحلة، وأزعم أنها على حق، لأن بناء مصر الحديثة يحمل فيطياته تحقيراً لكيان إسرائيل، وتحريراً لفلسطين.
2ـ المملكة الأردنيةالتي كانت تهتم بتحقيق المصالحة، وتشكيل جبهة فلسطينية أردنية واحدة في وجه الوطنالبديل، نراها تنشغل بمستقبل الوجود الملكي نفسه، ويهزها الخوف من التطورات فيسوريا، فراحت تحشد تأييد كل من حركة فتح، وحركة حماس، بهدف تمرير برنامجهاالانتخابي، وآخر ما يقلق الأردن في هذه المرحلة هو المصالحة الفلسطينية.
3ـ سوريا تعيشحالتها الخاصة، وهي في مخاض، وتنتظر مولوداً جديداً، لن تشغلها كثيراً المصالحةالفلسطينية بمقدار انشغالها بمواصفات المولود القادم.
4ـ أقطابالكيان الصهيوني يعيشون أحسن حالات الهناء والهدوء التي حلم فيها مؤسسو الكيان،ولن يجد الإسرائيليون وضعاً فلسطينياً مريحاً لاحتلال الضفة الغربية، والتوسعفيها، واغتصاب روح المقاومة من هذه الحالة الفلسطينية.
5ـ قطاع غزةالذي تؤسس فيه حركة حماس دولة، لها طموحات بعيدة المدى، تتواصل فيه عملية البناء علىقدم حماس وساق الدول الإسلامية، ويتواصل فيه التعمير والتطوير، وقد نسي الناس أنهممحاصرون، باستثناء معبر رفح الحدودي، وفي حالة إيفاء الرئيس المصري بوعده، ستعيشغزة في بحبوحة، ولاسيما بعد اطمئنانها على مقاومتها المسلحة التي تنمو، وتتكاثر،وتشتد، وتتصاعد قوتها، دون أن يرى فلسطيني رشاشاً واحداً في شوارعها.
6ـ الضفةالغربية، وهي بيت الداء الوطني، ومحزن المرض السياسي، إنها الجزء العليل من بلادالعرب، وهي مطمع الصهاينة العملي، وهي مركز اهتمامهم العقائدي، وإذا كانت الدنيا تموجبالحراك النافع على كل الجبهات المحيطة بالضفة الغربية، إلا أن هذا الجزء منالعالم يشهد جموداً سياسياً، واقتصادياً، وحياتياً، ونفسياً، وينام في جحر الضبعالإسرائيلي.
إن المشهدالسياسي في المنطقة العربية يؤكد أن لا نهاية للانقسام الذي سيخدم السلطة الفلسطينية،ولا مفاوضات تتسلى عليها السلطة، ولا انسحاب إسرائيلي شكلي، ولا دولة فلسطينية حتىعلى الورق، ولا كيان حقيقي في الضفة الغربية إلا للمستوطنات اليهودية التي تتوسع،وتتمدد، وتسمن، وتنمو، وتنام آمنة في حضن السلطة الفلسطينية.
سيقولالبعض: ألم تر؟ هذه نتائج الانقسام الفلسطيني، ستقسط السلطة! ولكن العقلاء يقولون:لا تقلقوا، ستسقط السلطة، ولكن ستنجو فلسطين.