– تتوجه زهراء نحو لعبة السهام . تمسكها بيدها . توجهها نحو الحائط . ثم تدير وجهها علينا ونحن في حلقة نشرب الشاي وتسأل في ذهول ,,,
- كيف تكون هـذهاللّعبـة من أصـول الدّيـن وكيـف تحمل دلالات واضحة ؟
تشارك والدتي برأيها وتقول : إنّ تحديـد الهـدف من أي عمل يعطي معنى لهذا العمل ، فألعابنا معظمها تربوية تهدف لبناء شخصيّة واضحةالهدف .
-أقاطعها وأقول : لكن الحقيقة أنّ معظمـنايـرى أنّ هـذه الألعــاب تسلية وتضييع للوقت .....
-يعلق والدي : حقاً ذلك ............ذلك لأنناأضعنا الهدف الحقيقـيّ في أنفسـنا والهدف من منح أطفالنا هذه الألعاب .
-تخاطبه زهراء ( أم آية ) و تقول : وضّـحلي الارتبــاط التّربـوي في ألعابنا كما ترونه .
-ضحك والدي وقـال : هـل العلـوم الميكانيكية أنستـك أســرار العلومالتربويّة ؟ .
-ضحكت زهراء و قالت : جامعاتنـا تدخلـنا في متاهـات العلـوم المعرفيّةودون هدفٍ قابـلٍ للتطبـيق ،
كأننا نعيشللحصـول علـى ألقاب فقط قبل أسمائنا ونكتفي بهذا اللّقب وشرفـه المزيّف .
-علا صوت والدي منادياً : نوار أحضر لي لعبة السّهام الاخرى .
جاء نوّار ، حاملاً آية في يمينه ولعبة السهام في يساره ، فوضع آية في حضن والدتها لتربط لها شعرها ، ثم ركّب لعبة السّــهام وبدأ التصويب وأبييساعده من خلال التوجيه .
-حدّد الهدف أولاً .... زد انـحناء القوس .... ركّز علـى هدفـك جيـداً ....ضع هدفكنصب عينيك ..... ويدك على السهم ..... أطلقه ...... أحسنت ...
الآناختر هدفاً أكثر قرباً من مركز الدائرة ...... زد تركيزك أكثر ..... لا تتوتّر ...أطلق سهمك ....
ونـحننتابعه باهتمـام ، هذه المرة فشل نـوار .
فتوجّهوالدي و نـزع السّهم الذي أخطأ هدفه ، ورمى السّهم بقوّة فنجح فيإصابـة الهدف .
-قال نوار : من علّمك هذا ؟ .
-أجابني والدي : جدك رحمه الله ... إنّ تعلم الرماية سنة نبوية .
-قاطعته وقلت : كانت ضرورية لأجل الصيد أما الآن مغامرات الصيدقليلة ولا أحد يكترث بها .
-فأجابني أبي وهو يعيد السهم إلى نوار : أخطأتيا بنيتي ، تطبيق السـنة واجبة وصـالحة لكل زمان ، ولكن يفقهها البعض ، و يجهل جوهرها الكثير .
لمأفهم (قلت بتذمر )...... أشعر أن دراستي التربوية قاصرة على فهم الغايات وجوهرالدلالات .
-قال والدي : من منهج سنة الرسول (صلىالله عليه وسلم ) تعلمنا أسس البناء الصـحي للطفل ، ومن وصاياه أن ّ يتعلم الطفلالسباحة والرماية وركوب الخـيل ، ذلك من أجل بناءه لصحة جيدة ، وفيها تقويةللعضلات ، هذا حيث الرياضـة البـدنية وكذلك من حـيث الـرياضة الذهنية ، تتشكل أسسالتربية السلوكية .
-تقاطعه زهراء : لم أفهم في هذا الحديث الربط بين الصحة البدنية، والصحة الذهنية ،وأين تظهر التربية السلوكية الذهنية ؟ التي ذكرتها في حديثك السابق فهل تتم من خلال التعاون في اللعب ؟ .
-يرد والدي : التعاون في اللعبوالمشاركة بين الأطفال أو بين الوالدينوالأطفال شيء أساسي في التربية ، ولكني أقصد هنا التربية السلوكية بعيدة الأمد .
-تخاطبه زهراء : لم أفهم ...........هلتوضح لي ذلك ؟ .
-قال والدي : جدكم كان يكرر علينا هذا الأبيات من الشعر.
وماالعلم إلا بالتعلم في الصبا وما الحلم إلا بالتحلم بالكبر
أرانينسيت ما تعلمت في الكبر ولست بناسٍ ما تعلمت في الصغر
يا أولادي إن تعـلم الـرماية جـوهرها والهدفمنها، هو حسن تحديد أهـداف في الحـياة ، والتـركيزعليها ،
أماالسـباحة ، فهي تحمل معنى الخـوض في الـحياة وتعـلّم مواجـهة أمواجـها ومعوقاتهاوالتعرف علـى أسرارها و علومها ، بعد التـسلح بقواعد السباحة ، فنسبح معهـا دون أنتغرقنـا ، ولا تقتصر على السباحة في الماء من نهر وبحر وخاصة أن الرسول عليهالسلام كان يسكن في مناطق صحراوية والتنقل للمناطق الساحلية ليس باليسير، أماالاستعانة بهذه المفردة كناية وتشبيه لأن البحر هو الحياة وأمواجه الصعوباتوالسباحة تحتاج إلى جرأة ومغامرة ومرافقة وتعلم .
-أقاطعه في ذهول : وركوب الخيل كناية عن ماذا ؟ غير مهارة الفروسية.
-أما ركوب الخيل فهي بعموميتها و رمزيتها الاستعانة بالوسائل وإتقانها لتحقيق الهدفالذي نريد .
- يا إلهي .......
أقولها وأنا معجبة بتفسيره التربوي الذي ينمي الفكر .
(تسند آية ظهرها على حضنه وتلعب باصابع يديه ) .
حقـاإنّ والـدي بنـقاء فـطرته وفهـمه سلـوك الأسـلاف سبق من يدّعون إتقانهم لعلومالبرمجة اللغوية العصبية ((nlp .
يصـلنيصـوت جوالي يـرنّ من بعيد ، أتوجـه لأرد....ويـدور بذهني ملخص ما قاله............
تعلم الرماية : تحديد الهدف والتركيز عليه .
السباحة : تعلـم الخـبرات لخـوض الحـيـاة ومـواجـهةالمشـكلات لتحقيق الهدف .
ركوبالخيل : إتقان اسـتخدام الوسـائل المتعـددةللوصـول إلى الهدف المنشود .
حقـا يا والـدي أنـت موسوعة فكريه ومدرسةعلميه ومجتمع تربوي متكامل وأصيل .
يتبع ,,,,,,,,,,,,,,
متاهات - فصل سهم وتصويب - زيناء ليلى