بسم الله الرحمن الرحيم
التراث وأهميته في حياة الامم والشعوب
التراث بمفهومه البسيط هو خلاصة ما خلَفته (ورثته ) الأجيال السالفة للأجيال الحالية ويعتبر بحق روح هوية الامة الثقافية ..او هو(( تجارب السلف التي تركوها في المتاحف أو المقابر أو المنشآت والمخطوطات والكتب وما زال لها تأثيرها في عصرنا الحاضر. د. نعمات أحمد فؤاد / مجلة العربي – العدد300))
فالتراث حياة امم وشعوب وأقوام .. هو لغتهم وأفكارهم وعقيدتهم وممارساتهم الحياتية ورؤاهم، إنجازاتهم وأعرافهم من عادات وتقاليد تصنع ما نطلق عليه الموروث. . وتأتي اللغة في مقدمة الموروثات التي تشكل ملامح التراث، لأنها وحدها المعبرة عن العادات والتقاليد والأعراف، عن الإنجازات والأحلام والرؤى،.. وفي طليعة الأمم التي ورثت حضارتها عبر اللغة، تأتي الأمة العربية بلغتها الثرية ومفرداتها الفصحى ولهجاتها القريبة من الفصحى الأم ..لذى نرى إن معظم التراث العربي الإسلامي يتمثل في المكتبة العربية والتي ترجع بدايتها إلى فجر التاريخ الإسلامي؛ عندما قامت حركة التدوين في القرن الأول، ثم انتهت إلى التصنيف في القرن الثاني، وازدهرت كثيراً في القرن الثالث ثم الرابع،ومن هنا برأي المتواضع اعتبر المكتبة العربية هي أهم جوانب التراث العربي الإسلامي بما تحويه من موروث كبير في مختلف جوانب الحياة الواسعة..
كذلك من الناحية العلمية يمكن القول ان التراث بصورة عامة هو ثروة وطنية ارثية وعلم ثقافي قائم بذاته يختص بقطاع معين من الثقافة (الثقافة التقليدية أو الشعبية) ويلقي الضوء عليها من زوايا تاريخية وجغرافية واجتماعية ونفسية.. والمأثورات التراثية بشكلها ومضمونها أصيلة و متجذرة إلا أن فروعها تتطور وتتوسع مع مرور الزمن وبنسب مختلفة وذلك بفعل التراكم الثقافي والحضاري وتبادل التأثر والتأثير مع الثقافات والحضارات الأخرى وعناصر التغييروالعقول القائمة على ذلك ..ومن ذلك نفهم ان معنى التراث إذن بسيط والصعوبة تكمن في التعامل معه..
وقد ادركت دول كثيرة اهمية التراث الوطني في تعزيز روح الجماعة وتقوية اواصر الصلات بينالشعوب والأمم، حتى أن بعضها قامت بتشكيل وزارات ومؤسسات كبيرة غايتها جمع التراث الوطني وحفظه وتطويره ودعمه، وواظبت الدول على وضع تشريعات قانونية عديدة تحمي تراثها من الضياع والسرقة والتلف ، فشكلت الجمعيات واللجان لصيانة التراث وحفظه، كما أن دولا سنّت تشريعات لحمايته من التخريب والتدمير أثناء الحروب والازمات..
وأدركت دول اخرى بأن جمع تراث الأمم وشراءه ، أو الاستيلاء عليه، هو إحدى الوسائل التي تتيح لهذه معرفة اسرار حضارات الدول الأخرى، لذلك فقد قامت دولٌ استعمارية عديدة بسرقة تراث كثير من الدول وإيداع هذا التراث في متاحفها..وهذا ماوقع وحدث لدول امتنا العربية وآخر شواهده سرقة كنوز المتحف العراقي في اول يوم دخلت به القوات الغازية لبغداد السلام ..ولا زالت حوادث تهريب القطع النادرة من العراق نسمع بها تقع وتتكرر بين الحين والاخر ..
ويعتبر الكثير من الكتاب ان التراث الشعبي المكتوب هو أحد أبرز الوثائق التاريخية التي تبرز الصلات بين المجتمعات في العالم، فهو حلقة الوصل ، بين كثير من الشعوب والأمم والأجناس، وهو أيضا إلى جانب ذلك أهم وسائل الإعلام للتعريف بالشعوب والأوطان ، فما يزال تأثير كتب التراث واضحا في علاقات الشعوب مع بعضها ، ويبرز ذلك جليا في المرجع العربي التراثي القيم (ألف ليلة وليلة) الذي تُرجم إلى معظم لغات العالم وأثَّر في فنون كثير من البلدان والدول، ودخل في حكاياتها وتفاصيل حياتها ، وفي آدابها وتراثها الشعبي، وكان الكتاب محفزا لكثير من الباحثين والمستشرقين ليدرسوا تراثنا العربي، متأثرين بما حمله هذا الكتاب من قصص ومضامين فنية راقية رائعة .