محمد حسنين هيكل ونبيل العربي...


ما كاد الفنان السوري المعارض علي فرزات يضع هذه التغريدة على موقع تويتر حتى فتحت النار على الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي.."زوج ابنة نبيل العربي هو أكبر شريك لرامي مخلوف في أكثر من مشروع بالإمارات العربية المتحدة".. بهذه العبارة القصيرة تبعثرت أوراق كثيرة في الملف السوري، وبدأ المحللون يحاولون جمع شعاثها مرة أخرى بترتيب جديد في حافظة جديدة.
لا شأن لكثيرين باستثمارات تتجمع في سوق الإمارات المفتوح، ولا حاجة لغالبية متوسطي الدخل بتشابكات أسواق المال وتداخلاتها، لكن الاسمين اللذين طرحا يثيران شهية أي باحث لتتبع خيوط اللعبة الصعبة في المنطقة، لاسيما حين تخطف عينيه هذه العبارات التي ألقيت بذكاء في معظم تعليقات الصفحات الثورية المناوئة للنظام السوري، والتي تطرح تلك التساؤلات بالصيغة ذاتها في كل مكان.. تقول تلك التساؤلات:

"هل تعلم أن ابنة نبيل العربي هى زوجة الملياردير د.أحمد محمد حسنين هيكل شريك رامي مخلوف وأن زوجة نبيل العربي هي خالة د. أحمد محمد حسنين هيكل !!

هل تعلم أن أحمد محمد حسنين هيكل مستثمر الآن أكثر من 2 مليار دولار في العراق!


هل تفسر حماس نبيل العربي لعودة علاقات مصر الدبلومسية مع ايران!

هل تكشف بعض خلفيات الدفاع المتكرر للصحفي محمد حسنين هيكل عن نظام الملالي الإيراني!
هل تعلم ان إرضاء ايران أمر مهم وجوهري لاستمرار هذا البزنس!".


وكما يتقدم؛ فإن إطلاق هذه التساؤلات/الاتهامات بحق من قيل إنه زوج ابنة نبيل العربي، شريك ابن خال بشار الأسد، رامي مخلوف، أحد حيتان النظام السوري، وأحد المتهمين سورياً ودولياً بتمويل عصابات الشبيحة، دون أن يتصدى الأمين العام لجامعة الدول العربية لدحضها، في وقت يتعرض فيه مراقبو الجامعة العربية لجملة من الانتقادات والاعتراضات من قبل الشعب السوري الذي ينظر إليها باعتبارها وسيلة من وسائل قتله البطيء وأداة من أدوات التغييب السياسي لدور الدول العربية المفترض في وقف شلالات الدم في سوريا، وحلقة من حلقات التواطؤ الواضح مع نظام أدار ظهره لكل متطلبات حقوق الإنسان، وارتكب جرائم ضد الإنسانية، وتعامل بطيش ووحشية غير مسبوقة تستدعي الحجر عليه في أدنى الأحوال، ومحاكمته في أعدلها.

والواقع أن شيوع هذه المعلومة التي لا أشك أنها قد وصلت إلى أذني الأمين العام للجامعة يضع الرجل في موضع شبهة غير عادية، ويجعل كثيرين يفسرون موقفه المتردد في سوريا وتصريحه بسحب النظام السوري لأسلحته من المدن السورية فيما كانت دباباته ومجنزراته تطوف أرجاءها، واستمراره في تحميل طرفين لـ"العنف" بصيغة لا تبتعد كثيراً عن لغة النظام الإيراني، بل حتى النظام السوري نفسه في لحظات اعتراف بعض أذنابه بجزء من الحقيقة، ومن ثم كان لزاماً عليه أن يقف معلناً إما أنها غير صحيحة، أو أنها لا تؤثر في قراراته وتوجهاته شيئاً.

فالمتشككون قد لفتتهم الطريقة التي دفعت بالعربي من موقعه إلى تولي حقيبة الخارجية المصرية بعد "نجاح الثورة"، ثم قفزت به إلى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في وقت كان الجميع متطلع إلى أمين جديد يعبر عن روح الثورة السارية في ربوع العالم العربي، ويدعم حقوق الشعوب، ويرفع من درجة الاهتمام بالحريات العربية ودعم الديمقراطيات؛ فإذا هم أمام وزير خارجية يتطلع أول ما يتطلع إلى علاقة دافئة مع "إيران"، وأمين عام يطير أول ما يطير إلى دمشق في أوج ثورة شعبها ضد نظامها المستبد، ليبدأ مسلسلاً طويلاً من "المشاورات" و"الزيارات" و"المباحثات" وتشكيل اللجان واستقبال الوفود المعارضة والرسمية وإرسال الوسطاء دون أن يفضي كل هذا إلى أي فعل حقيقي يعبر عن رغبة الرجل في إنضاج حل يتسق مع تطلعات الشعب السوري الثائر.


وقطعاً؛ فإن سلوك الأمين العام للجامعة لا يعبر عن رأيه الشخصي حيال ما يجري هنا أو هناك، فلا يمكن أن نظلم الرجل (الذي يتردد ترشحه لرئاسة مصر بين فينة وأخرى) ونحمله تبعات منظمة هزيلة كالجامعة العربية التي هي تجسيد واضح لإرادة عربية مرتهنة لقوى إقليمية ودولية، تلاقت عند نقطة تسليم الضحايا السوريين لجزارهم على مدى عشرة شهور، وارتأت جميعها أن نظاماً يحفظ أمن "إسرائيل" كعصابة بشار ـ كما عصابة المالكي في بغداد ـ هو أولى بالبقاء حتى لو استدعى جسراً جوياً كالذي أقامته واشنطن أثناء حرب 73 بينها وبين تل أبيب، وإن أخذ طوراً آخر كالطريق البري طهران/بغداد/دمشق/الضاحية الجنوبية ببيروت، حيث قطعان الشبيحة والمرتزقة والميليشيات العابرة للحدود، أو كالجسر البحري بين موسكو ودمشق، حيث السفن المحملة بإمدادات عسكرية ولوجيستية للنظام الطائفي في سوريا، وكلاهما مما تغض العواصم الغربية عنه رضاً وامتناناً، من نظام مجهول قادم قد يستنفر طبائع أهل الشام، ويستحضر تاريخهم، ويمهد لسيادتهم، ويمثل تهديداً مستقبلياً ـ مثلما اعتبر نظام صدام كذلك من قبل ـ، وهي أمور لا يمكن لأمين عام للجامعة أن يقف في وجهها إلا إذا كان متسقاً مع تطلعات الشعوب العربية المنتفضة، وانتظم في الصف الثوري الحقيقي، ولو دفع منصبه ثمناً لذلك.
وإذا كنا لا نطمع في هذا الانتصار المبدئي لحق الشعب السوري في الحياة من لدن شخصيات عشقت الدبلوماسية حتى ذابت في أسيدها، فلا أقل من أن نسمع نفياً قاطعاً لهذه المعلومات أو إعلاناً صريحاً بأن صلات القرابة والمصاهرة مع ابن الكاتب المخضرم هيكل، الذي يجزم البعض ـ كما الفنان الكاريكاتوري علي فرزات ـ بأنه شريك كبير لابن خال السفاح بشار، ويشيع البعض ـ كما في موقع المعرفة ـ أنه المستثمر الأكبر لأموال "حزب الله" في السودان، حيث يحتل ابن الاشتراكي هيكل، المركز الـ47 في قائمة أغنى أغنياء العرب (باستثناء الملوك والرؤساء) طبقاً لفوربيس العربية، وهي معلومات تحتاج إلى تدقيق ودحض والتفات من الأمين العام للجامعة العربية في وقت تعبر قطعان من ميليشيا "حزب الله" الحدود السورية/اللبنانية لارتكاب فظائع ومجازر بحق أهلنا في سوريا.. أو لا؛ فاسمح لنا أيها "الأمين" أن نسترسل في "خيالنا" الخصب بشأن علاقتك بما يجري في سوريا، وحول هذه المعلومات، وغيرها مما يفتح من جديد ملف تقديمك للمصريين كوزير خارجية "الثورة" وطريقة تنصيبك، والدوافع التي ساهمت في ذلك، من أول كتابات هيكل حول ضرورة تكوين هيئة حكماء لوضع عقد اجتماعي للمصريين قبل عدة سنوات، مروراً ببروز هؤلاء "الحكماء" وانتهاء بمشهد ذبح السوريين على أيدي "الأصدقاء".

الكاتب
أمير سعيد
موقع المسلم