السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



(شيء غريب ؛ هذه هي المرة الثانية التي تضيء فيها لمبات النيون كلما مررت بجانبها)..

هذا ما قلته لنفسي في ليلة شتاء باردة أثناء وجودي في "استراحة" خارج المدينة. ففي تلك الليلة بالذات دخلنا جميعا الى إحدى الغرف الكبيرة بسبب الهواء البارد الذي هب على المنطقة. وحينها تذكرت علبة (نسكافيه) نسيتها في السيارة فلبست "الفروة" وخرجت لإحضارها. وأثناء سيري في ممر الاستراحة انبعث ضوء متقطع من لمبات نيون قديمة كانت مرمية على الأرض.. وفي المرة الأولى "أغلقت دماغي" ولم أهتم بما حدث ؛ غير أن اللمبات أضاءت مجددا حين عدت أدراجي في المرة الثانية (!!)

.. ولأنني لست من أصحاب الكرامات وقفت قربها محاولا تفسير ما حدث. وسرعان ما اتهمت "الفروة" بنقل بعض "الإلكترونات" الى ذرات النيون مما سبب إضاءتها.. وللتأكد من هذا الموضوع خلعتها نهائيا ومررتها على كامل اللمبات فأضاءت جميعها في وقت واحد تقريبا!!!

هذه التجربة الغريبة - التي تستطيع التأكد منها بنفسك - توضح كيف تتولد الكهرباء الساكنة (التي تعرف أيضا باسم الكهروستاتية) بين جسمين مختلفين.. وقد تبلغ من القوة حد حدوث تفريغ كهربائي خارق (فتسبب البرق) أو تفريغ ضئيل (تشعر به حين تصافح صديقك)..


والكهرباء الساكنة قد تقدم تفسيرا لظاهرة بشرية غريبة رصدت في مواقع مختلفة حول العالم... ففي كل بلد تقريبا لابد من وجود رجل أو امرأة - أو حتى طفل - يملك موهبة كهربائية مميزة.. وهذه الموهبة تظهر من خلال توليده لشحنات كهربائية صاعقة، أو قوى مغناطيسية واضحة، أو حتى وجود إحساس - وربما حساسية - من أي جهاز إلكتروني أو تيار كهربائي مجاور..

وأول حالة موثقة طبيا كانت لطفلة فرنسية تدعى انجيليكا كوتين عرفت في بداية القرن العشرين باسم "الفتاة الكهربائية".. وفي سن الرابعة عشرة كانت قادرة على صعق من يصافحها بتيار قوى - ولكنها كانت مثل (السمكة الكهربائية) تفرغ بسرعة قبل شحن نفسها من جديد.. وحاليا هناك طفل من بريستول يدعى فيفان جونز يصاب بهذه الحالة كلما تعرض لحمى شديدة - لدرجة يضطر معها الأطباء لتفريغ جسمه من الشحنات الكهربائية قبل الكشف عليه (بواسطة جهاز تأريض).. وقبل أيام فقط قرأت عن فتاة فيتنامية يشتعل رأسها نارا بين الحين والآخر بسبب تمتعها بشعر قادر على تخزين كميات كبيرة من الكهرباء الاستاتيكية - تؤدي لاشتعاله في الظروف المواتية!!

.. كل هذه الحالات يمكن تفسيرها بوجود حالات شحن ستاتيكية خزنت في ملابس أو جسم الإنسان (كما وقع لمحدثكم مع لمبات النيون).. وفي نفس الوقت لا ننسى أن أجسادنا تعمل أيضا ك"محطة كهربائية" تولد طاقتها الخاصة وتطلقها للخارج ؛ فبداخلنا توجد شبكة هائلة من الأعصاب التي تمر بها سيالات كهربائية ضعيفة تنقل الرسائل من وإلى الدماغ. ويشكل مجمل هذه السيالات هالة كهرومغناطيسية تحيط بالجسم (تدعى هالة كيليريان) يمكن أن تتداخل مع الأجهزة الكهربائية وبالتالي نشعر بتأثيرها على أعصابنا وعقولنا..

وفي الحقيقة مازلت أحتفظ برسالة غريبة استلمتها قبل فترة طويلة من قارئ يدعى فهد القحطاني يقول فيها :

"..... وأود أن أعرض عليكم حالتي الغريبة حيث أملك إحساسا غامضا بوجود أي جهاز كهربائي يعمل وأعرف - بدون أن انظر - إن كانت الأجهزة الالكترونية مغلقة أو مفتوحة..... وكان مدرس الحاسب اذا انتهت الحصة يسألني هل بقيت أجهزة مفتوحة أو شاشات ساكنة فأحدد موقعها بالضبط..... فأرجو منكم إخباري عن مسببات هذه الحالة وهل هي فردية أم موجودة لدى بعض الأشخاص"!!

وحينها أخبرته باحتمالات حساسيته الشخصية للكهرباء وأنها حالة معروفة وموثقة طبيا وتصيب شخصا من بين كل مائتين.

(ولأن عمر الرسالة يتجاوز العامين لم أسأله إن كان يلبس الفروة في حصة الحاسب الآلي أم لا)!؟


مقاله للكاتب :فهد الاحمدي
جريده الرياض