مالك حداد في قفص الإتهام
بقلم عبد القادر كعبان

لقد أتبثت المرأة العربية عموما و الجزائرية خصوصا نجاحا ساحقا في تحررها من قيود التقاليد و الأعراف أكثر من بني الجنس الخشن حتى أصبحت تلقب بالمتحررة كمثيلاتها من أوربا و أمريكا و هدا ما تنقله صورة البطلة فضيلة من خلال رواية التلميد و الدرس لمالك حداد من خلال سلوك يفسر بشكل جلي الاختلاف بين وضعها و أوضاع مثيلاتها الأخريات من بنات الجزائر
الرواية بعينها تنقلنا الى فترة اخرى من فترات صراع الأجيال في الجزائر حيث تضع القارئ الملاحظ أمام شخصية الأب الدي يلعب دور تلميد تصبح ابنته معلمة له بمعنى يجعل جيل الشباب يكون قبطانا لسفينة جيل سابق علمته مدرسة الحياة و هدا ما ترسمه ملامح شخصية فضيلة من اصدار الأوامر و الأحكام فهي تقف كمرآة تعكس ملامح صاحبها لتصفعه بحقيقة غابت عنه أو لم يكن ليدركها يوما فبطلة التلميد و الدرس تطلب من والدها أن يساعدها على اقتراف دنب لا يغتفر لا عرفا و لا دينا و هو العمل على التخلص من جنينها و القيام بإخفاء صديقها أو بمعنى آخر الوالد من البوليس الفرنسي ولكن الوالد يقف ضد موقف ابنته بل يستنكره تماما
شخصية الوالد ترفض واقعا يفرضه جل شباب اليوم من خلال موقف فضيلة الابنة التي تدين والدها على ضعفه و ترفض حتى اقامته في فرنسا بعد وفاة زوجته و كأنها تقف وجها لوجها كما يقف الانسان ليواجه انسان آخر لمحاكمته و ليصل به المطاف الى أن يضعه في قفص الاتهام و هدا جلي في عجز الأب تماما على ردع ابنته من سلوكها الطائش حتى أنه لا يستطيع منعها من تدخين سيجارة كما أنه يكره فيها أظافرها الملونة لكنه يحاول جاهدا إخفاء شعوره الخانق من حرارة العولمة التي أصبحت سلاحا هداما للأخلاقيات في أيامنا لتجعله يقوم و لو بخطوة نحو تقويم أي خطأ ازاءها
و ما نلحظه هو أن تصرف فضيلة البطلة يعد نقطة تحرر عامة اجتاحت و لا تزال تجتاح البلاد حتى يصل الأب ليشعر أنه غير منسجم مع عالم جديد و كأن لا مكان له و لأمثاله فيه لدى من الحكمة أن يخضعوا الى ما يفعله جيل الشباب اليوم ليس لعجزهم عن المقاومة بل لأن الواقع المعاش يفرض دلك الصمت المباح لو صح التعبير

تحياتي