الهاربون من غزة إلى مصر
د. فايز أبو شمالة
من حق مصر العربية على حركة حماس أن تطلب ضمان أمن الحدود المصرية مع قطاع غزة، وأن تطلب من غزة تسليمها أي مجرم هارب من وجه العدالة المصرية، ومن حق مصر أن تعطي لهذا البند الأولوية، وهي ترتب لزيارة رئيس وزراء الحكومة الانتقالية إسماعيل هنية إلى مصر العربية، بهدف تحقيق المصالحة الفلسطينية، ومن أولى واجبات حركة حماس التجاوب من التوجه المصري بهذا الخصوص، وحماية أمن مصر الذي هو أمن العرب جميعهم، ولاسيما أن مصر اليوم تختلف جذرياً عن مصر قبل شهور، وما سيأتي منها من مقترحات لإنهاء الانقسام لها مذاق الوطنية، والانتماء العربي.ومن حق حركة حماس على الحكومة المصرية أن تطلب ترتيبات أمنية متبادلة، كالتي تجري بين كل الأخوة والجيران، ومن هذه الترتيبات التي تهدف إلى تحقيق أمن المواطن الفلسطيني في قطاع غزة، وتحقق له السلم الاجتماعي، أن تقوم الحكومة المصرية الوطنية بتسليم كل المطلوبين للعدالة في غزة، أولئك المتهمين بقضايا قتل متعمد مع سبق الإصرار، ولاسيما أفراد المجموعة التي قتلت ظلماً الشهيد عمرو نبهان الرنتيسي، وأمثاله من الأبرياء، على الحكومة المصرية الوطنية أن تسلم قائد هذه المجموعة الذي روع الناس الآمنين في خان يونس، لأن بقاءه طليقا يهدد السلم الاجتماعي، ويفسد أجواء المصالحة الفلسطينية التي تسعى إليها مصر العربية، ويتمناها كل عربي شريف.إن تسليم المجرمين القتلة الذين اتخذوا من نظام مبارك ملجأً لهم، فيه عدل سماوي، وإرادة إلهية شاءت أن ترفع الغطاء عن القتلة، وأن تستجيب لصرخات المظلومين، بعد أن ظنوا أن عمر سليمان حامٍ لهم إلى يوم الدين، لقد آن لحركة حماس أن تطالب بتسلمهم، ولاسيما بعد أن انتهى الزمن الذي كان فيه التعامل مع المخابرات الإسرائيلية وجهة نظر، وكان فيه القتل وفق المزاج يندرج تحت بند الفوضى الخلاقة، وكان الاعتداء على الناس يندرج تحت بند الخلاف السياسي، والانقسام التنظيمي.إن تسليم القتلة الهاربين إلى العدالة الفلسطينية يعني إطفاء جذوة الأحقاد الداخلية، وفيه طمأنة للنفس التواقة للعدل، وفيه تسليط للضوء على شخصية المجرم الخائن الذي تخفى خلف الانقسام التنظيمي، ليعيث في الأرض فساداً، وفي ذلك تبرئة لمئات الشباب الفلسطينيين الذين غادروا قطاع غزة إلى مصر أثر الانقسام، ولم تتلطخ أيديهم بالدم الفلسطيني، هؤلاء من حقهم العودة إلى بيوتهم آمنين، بعد أن يكشف اللثام عن منبت الإجرام.وإذا كانت المصالحة تستوجب العفو العام، والتسامح، فإن بعض المجرمين القتلة خارج هذا الإطار، وعدم تقديمهم للعدالة يعني مزيداً من الاقتتال الداخلي، ومزيداً من الانتقام لأحداث الانفلات التي عصفت بشعبنا قبل الحسم، إن تسليم القتلة للعدالة في غزة يعني الاحتماء بالقانون، وحماية مشروع المصالحة الفلسطينية التي لن تكتمل طالما ظل القتلة المعروفين بالاسم والكنية طلقاء، يحسبون أنفسهم في مأمن من يد العدالة الفلسطينية، التي ترى في القصاص من القتلة حياة ملؤها الأمن والسلامة للمجتمع والوطن.