بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسل الله وبعد :
هذا كتاب ملك اليمين فى القرآن .
مصادر الرقيق قبل رسالة محمد(ص):
ذكر الله فى القرآن مصادر الرقيق التالية :
1-الأسر مثل قوله تعالى بسورة يوسف "وأسروه بضاعة " وهذا المصدر على نوعين :
أ- أسر فردى مثل أسر يوسف (ص)وهو صغير من قبل السيارة وهو أسر غير حربى بمعنى أنه ليس فى الحرب وإنما هو أسر يمكن تسميته لقطة .
ب- أسر جماعى مثل استعباد فرعون لبنى إسرائيل وفى هذا قال تعالى بسورة الشعراء "وتلك نعمة تمنها على أن عبدت بنى إسرائيل ".
وهو مصدر محرم .
2-ارتكاب جريمة السرقة فى شريعة إبراهيم (ص)وإسحاق (ص)وإسماعيل (ص)والأسباط(ص) كانت عقوبة السارق هى الإسترقاق بمعنى أن يكون السارق عبد للمسروق وذلك كما أخذ يوسف (ص)أخوه عبدا له فى الظاهر بعد الإتفاق على خدعة الإخوة لتلقينهم درسا وفى هذا قال تعالى بسورة يوسف "قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين قالوا جزاؤه من وجد فى رحله فهو جزاؤه كذلك نجزى الظالمين "وهذا المصدر كان مباحا ثم حرمه الله فى رسالة محمد(ص)بقوله بسورة المائدة "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ".
3- بيع الأسرى من الرجال والنساء بدليل بيع الناس ليوسف (ص)وفى هذا قال تعالى بسورة يوسف "وشروه بثمن بخس دراهم معدودة ".
مصادر الرقيق فى الرسالة المحمدية :
حرم الله كل مصادر الرق عدا رق الحرب فقد طلب الله من المقاتلين ضرب رقاب الكفار حتى إذا انهزموا فالواجب هو شد الوثاق وهو أسر الجرحى والعزل من السلاح من الكفار فى الميدان الذين كانوا يقاتلون فيه وفى هذا قال تعالى بسورة محمد "فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق "وقد بين لنا أن الإسترقاق هو إسترقاق وقتى بمعنى طوال فترة الحرب وبعدها ينتهى الإسترقاق بوسيلة من اثنين 1- المن وهو إطلاق سراح الأسرى دون مقابل مالى أو مقابل أخر 2- دفع مقابل مالى أو غير مالى وهو الفداء وفى هذا قال تعالى بسورة محمد "فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ".
أسرى الحرب بين حالين :
الأسرى تختلف معاملتهم فى الإسلام باختلاف حال المسلمين وهذه الأحوال هى :
1-الضعف وهو بداية الدولة الإسلامية ومن أجل الضعف يجب ألا يكون للمسلمين أسرى بمعنى وجوب قتلهم حتى لو كان عزلا من السلاح أو جرحى لأن معنى الإبقاء على حياتهم ثم عودتهم لإخوانهم هو أن المسلمين يريدون متاع الدنيا وفى هذا قال تعالى بسورة الأنفال "وما كان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الأخرة ".
2-الإثخان فى الأرض وهو القوة فى البلاد والمراد السيطرة على البلاد وحكمها وفى هذه الحال يكون للمسلمين الحق فى اتخاذ أسرى أثناء الحرب وفى هذا قال تعالى بسورة محمد "فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق "ويحق للمسلمين بعد وضع الحرب لأوزارها أى بعد إنتهاء الحرب فعل إما المن وإما الفداء مصداق لقوله بنفس السورة "فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها"
تحريم الرق بمساعدة الرقيق :
حرم الله الرق عن طريق الوسائل التالية :
1-تخصيص جزء من الزكاة لتحرير العبيد والإماء وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفى الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل "والمراد فى الرقاب.
2-المن على الأسرى بإطلاق سراحهم بلا مقابل بعد إنتهاء الحرب .
3-الفداء وهو إطلاق سراحهم بمقابل وفى الوسيلتين قال تعالى بسورة محمد "فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ".
4-ابتغاء الكتاب وهو ما يسمى المكاتبة وهى أن يطلب العبد أو الأمة العتق مقابل أن يدفع مبلغ محدد من المال وطريقة دفعه هى أن يعطيه المالك له مبلغ من المال ليتاجر به ثم يسدد مبلغ العتق على أقساط من أرباح التجارة وفى هذا قال تعالى بسورة النور "والذين يبتغون الكتاب مما ملكت ايمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وأتوهم من مال الذى أتاكم ".
5-كفارة اليمين المعقود واحدة من ثلاث هى إطعام أو كسوة 10 مساكين أو عتق رقبة مصداق لقوله بسورة المائدة "لا يؤاخذكم الله باللغو فى أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة ".
6- كفارة القتل الخطأ للمؤمن فى حالة القدرة والغنى هى تحرير رقبة مؤمنة وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة " .
7-جعل كفارة المظاهرة من المرأة الأولى هى تحرير رقبة قبل الجماع وفى هذا قال تعالى بسورة المجادلة "والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ".
8- اقتحام العقبة وهى فك أى تحرير رقبة أو إطعام مسكين أو يتيم فى يوم مجاعة وفى هذا قال تعالى بسورة البلد "فلا أقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام فى يوم ذى مسغبة ".
ويمكن تقسيم الوسائل لثلاثة أنواع هى :
1-وسائل إجبارية واحدة كعتق الرقاب من الزكاة والمن على أسرى الحرب وفداء أسرى.
2-وسائل إجبارية اختيارية من بين عدة أحكام ومنها كفارة اليمين المعقود والقتل الخطأ.
3-وسائل ترغيبية وهى الوسيلة السابعة الترغيب فى العتق .
معاملة الرقيق:
أمر الله بالإحسان للناس ومنهم ملك اليمين وفى هذا قال تعالى بسورة النساء"وبالوالدين إحسانا وبذى القربى واليتامى والمساكين والجار ذى القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم"وهذا يعنى وجوب الإحسان للرقيق وذلك بإطعامه وكسوته وحل مشاكله وإسكانه ومما ينبغى قوله إن هناك من الكفار من أكرم مثوى الرقيق أى أحسن إليه وهو عزيز مصر الذى أمر بإكرام يوسف (ص)وفى هذا قال تعالى بسورة يوسف "وقال الذى اشتراه من مصر لامرأته أكرمى مثواه ".
معاملة الإماء :
إن الله جعل معاملة الإماء من قبل الملاك قائمة على أحكام محددة ففى رسالة محمد(ص) التالى :
أمر الله بزواجهن بقوله بسورة النساء "ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات ".
ومن هنا نعلم أن من المحرم على المالك جماع الأمة إلا بالزواج منها وقد طالب الله من يتزوج أمة أى فتاة أن يعطيها أجرها وهو مهرها وهو نصف مهر الحرة وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "فانكحوهن بإذن أهلهن وأتوهن أجورهن "كما بين أن عقوبة الأمة الزانية هو نصف عقوبة المحصنة أى الحرة أى 50 من 100 جلدة وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب "وقد منعنا الله من إكراه الفتيات وهى الإماء على البغاء إذا أردن التحصن وهو العفاف وفى هذا قال تعالى بسورة النور "ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا "كما بين الله لنبيه (ص)أن الوسيلة الوحيدة لزواجه من غير زوجاته الموجودات فى عصمته هى زواجه من الإماء ملك يمينه وفى هذا قال تعالى بسورة الأحزاب "لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك ".
ملك اليمين فى البيت :
لقد اعتبر الله ملك اليمين من أهل البيت الذين يعيشون فيه بمعنى أنهم جزء من الأسرة وهى العائلة والأدلة على هذا هى :
1-أن الله أباح للرجال ملك اليمين أن يروا من المرأة ما تكشفه من العورة مثلهم فى هذا مثل كل من البعولة وهى الأزواج وأباء البعولة وأباء الأزواج وأبناء الأزواج وأولاد الإخوة والإخوة وأولاد الأخوات والنساء والتابعين غير أولى الإربة من الرجال والأطفال الذين لم يبلغوا وفى هذا قال تعالى بسورة النور "ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو أبائهن أو أباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو اخوانهن أو بنى اخوانهن أو بنى اخواتهن أو نساءهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء"ومن هنا نعلم أن الرجال ملك اليمين يعتبرون كأولاد لنساء البيت ومن ثم محرم زواجهم بتلك النساء .
2-أن على ملك اليمين سواء رجال أو نساء أن يطلبوا الإذن هم والأطفال الذين لم يبلغوا الحلم عند الدخول على المالك والمالكة وهم الزوج والزوجة فى الأوقات التالية :قبل صلاة الفجر وحين خلع الثياب من الظهيرة وبعد صلاة العشاء وفى هذا قال تعالى بسورة النور "يا أيها الذين أمنوا ليستئذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات "ومن هنا نعرف أن ملك اليمين كأطفال الزوجين فهم محرمين فى الزواج على المرأة .
التساوى فى الرزق :
الواجب على ملاك العبيد والإماء فى مسألة الرزق وهو المال رد الرزق عليهم وعلى العبيد والإماء بمعنى أن يقتسموا المال معهم بالتساوى وقد اعتبر الله من لم يفعل ذلك جاحد بنعمة الله فقال بسورة النحل "فما الذين فضلوا برادى رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون "وقال بسورة الروم "هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء فى ما رزقناكم فأنتم فيه سواء "إذا فالملاك والعبيد شركاء فى المال الذى عند الملاك لأنهم أى العبيد هم السبب فى وجود هذا المال بعملهم وقد بين الله لنا أن من صفات المؤمن البر ومنه إعطاء المال رغم حبه له لكل من ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفى الرقاب وهم العبيد والإماء وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "وأتى المال على حبه ذوى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفى الرقاب "وعبر عنه بألفاظ أخرى هى أن المؤمن يطعم كل من اليتيم والمسكين والأسير وهو العبد أو الأمة وفى هذا قال تعالى بسورة الإنسان "ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا "وهذا هو ما سماه الله إعطاء كل واحد حقه فى المال .
العبد ومالكه :
ضرب الله مثلا بكل من العبد المملوك ومالكه فبين الفرق بينهم وهو أن العبد المملوك لا يقدر على شىء وأن المالك يقدر على الإنفاق من الرزق الحسن الذى أعطاه الله سواء فى السر أو فى العلن ومن هنا نعلم أن العبد عند الناس ليس له رزق ينفق منه وإن كان شريكا لمالكه في الرزق الذى أعطاه الله وفى هذا قال تعالى بسورة النحل "ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شىء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا "وهذا يعنى أن العبد يعمل والمالك يحصل على ثمرة العمل وإن كان الواجب عليه هو اقتسامها مع العبد بإحضار كل ما يلزمه من طعام وشراب وكساء وسكن ودواء وزواج وغير هذا من ضروريات الحياة .
موسى وفتاه :
علاقة موسى (ص)بفتاه علاقة إتباعية بمعنى أن الفتى يتبع سيده فالفتى ظل مع موسى (ص)فى رحلته وفى هذا قال تعالى بسورة الكهف "وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضى حقبا "وعلاقة خدمية بمعنى أن الفتى كان يقوم على خدمة موسى (ص)بإطعامه بدليل قوله بنفس السورة "فلما جاوزا قال لفتاه أتنا غدائنا ".