نابليون السكوتلندي آخر تحديث:الاثنين ,14/04/2008

صالح الخريبي


يتساءل الفرنسيون هذه الأيام عما تركه لهم البريطانيون بعد أن قال أحد علماء التاريخ السكوتلنديين إن نابليون بونابرت من أصل سكوتلندي، وتكاد ترتعد فرائص الفرنسيين وهم ينظرون إلى برج إيفل خوفا من يأتي أقوام آخرون يدعون نسبته أو نسبة مهندسه جوستاف إيفل إليهم، ويتساءلون: ماذا يكون موقفهم لو أن الولايات المتحدة سرقت “القبلة الفرنسية” وأعلن أحد مفكريها، على افتراض أن في أمريكا مفكرين، أن هذه القبلة لا علاقة لها بفرنسا على الإطلاق، ومبتكرها شخص أمريكي يدعى فرنش كان بارعا بالتقبيل، ومع الزمن اختلط الأمر على الناس فظنوا أن “فرنش” نسبة لفرنسا، بينما الواقع هو أنها نسبة لفرنش الأمريكي.


والتشكيك بالرموز على قدم وساق، فقد نشرت جامعة أوكسفورد البريطانية بحثا قالت فيه، إن روبنسون كروزو ليس سكوتلنديا ورد ذكره في قصة للكاتب السكوتلندي الكسندر سيلكيرك، كما يظن السكوتلنديون، وإنما طبيب جراح بريطاني اسمه هنري بتمان أدين بجريمة، ومثل أمام المحكمة، وصدر حكم بنفيه إلى جزيرة في البحر الكاريبي. والمذكرات التي خلفها بتمان كانت هي الأساس لقصة دانيال ديفو عن روبنسون كروزو. وهنالك من يقول إن وليام شكسبير لا علاقة له بكل المسرحيات والقصائد التي تحمل اسمه، فشكسبير كان مجرد سائس خيول في المسرح يتجسس لمصلحة الفاتيكان، والمسرحيات التي تحمل اسمه كتبها نبيل بريطاني استخدم اسم شكسبير ليخفي شخصيته الحقيقية.

وديجول كان يقول إن فرنسا لا يمكن ان تكون فرنسا من دون عظمة، ونابليون بونابرت رمز بارز للعظمة الفرنسية، ولكن عالم التاريخ السكوتلندي روبرت تورينز قال قبل مدة إنه اكتشف أن نابليون سكوتلندي الأصل، وذكر في مقال نشره بعنوان “أصل عائلة الإمبراطور نابليون بونابرت”، إنه عثر على كتاب نشر عام 1881 في برتشاير، إحدى قرى كييف، يذكر أن نابليون ينتمي للجيل الثالث لأسرة سكوتلندية الأصل.

ويتابع الفرنسيون هذا الاكتشاف التاريخي كما لو أنهم يتابعون اسطورة مملوءة بالخيال، فالجد الأكبر لنابليون، واسمه باين، رجل عانى الكثير في حياته، واضطر في النهاية لأن يفر في منتصف القرن التاسع عشر من قرية بالوش القريبة من كييف إلى جزيرة كورسيكا التي تعرف اليوم باسم “جزيرة الجمال”، وقام أهل الجزيرة بإكرام الضيوف السكوتلنديين، وعرفوهم في البداية باسمهم الحقيقي “باين” الذي سرعان ما أصبح “باين أند هز بارتي” أي باين ورفاقه، ومع مضي الوقت عرف التعديل الأول تعديلاً ثانياً لكي تندمج العائلة أكثر في المجتمع الجديد، وأصبح اسمها “بون دو بارتِ” ليستقر الاسم أخيرا عند “بونابرت”. ورغم أن الكتاب - الوثيقة لم تتعزز فرضيته بأدلة حية، إلا أن الجدل احتدم وزاد خوف الفرنسيين على ما تبقى من رموزهم.

والطريف أن هذه ليست المرة الأولى التي يتنازع فيها الأوروبيون نسب بونابرت، فقد ادعى الباحث بنكر فيلدبرج في بداية القرن الحالي أن نابليون من أصل ألماني، وفي الستينات من القرن الماضي قالت الأميرة لوسيان مورات إنه يوناني اسمه الأصلي كالوميروس الذي يعادل بونابرت بالفرنسية، وتتبع آميدي جابورج نسب نابليون في منتصف القرن الماضي وقال إن جده الأكبر قاطع طرق، وجدته راعية ماعز.

أما كيف يصل حفيد قاطع الطرق وراعية الماعز إلى عرش فرنسا.. فتلك هي المعجزة الفرنسية