إذا ما الشعر عاندني وغابا
****
شعر :: صبري الصبري
****
إذا ما الشعر عاندني وغابا= أطاوعه وأنتظر الإيابا
أُمَنِّي النفس في صبرٍ : سيأتي = ونبتدئ التصافي والعتابا
لعلَّ الشعر يا نفسي بشغل = بغيبته به استحلى الغيابا
وقد يأتي سريعا دون إذن= كما بدأ التجافي والذهابا
فإن الشعر إنسان عجيب = مزاجي الهوى يهوى العُجابا
ويمضي إنْ رأى شيئا تراءى= يواكبه وإن سلك الشعابا
ويشدو إن شدا شدوا جميلا= بلحن فيه يصطحب الشهابا
ويأتي إن أتى بالحب يزهو= يدق برقة للفكر بابا
ويأبى أن يكون عليه قيدٌ= يقيده إذا رام اكتتابا
فإن الشعر سلطانٌ فخيمٌ= حريٌّ أن يطاع وأن يجابا
إذا ما غاب في فَجٍّ عميقٍ= فلن نجد القصيد ولا الكتابا
ولا الديوان نقرأه جميعا= ونصحبه مع الأُنس اصطحابا
فما للشعر قد أبطا علينا= تَجَنَّبَنَا مع الهجر اجتنابا
وما للحبر في قلم تجافى= كَيَمٍّ جَبَّ بالقاع الشرابا
إذا ما غاب عن فكري قصيدٌ= بقسوته وجفوته تنابى
تمادى القلب في هَمٍّ وغَمٍّ= يطالع في حمى الجو السحابا
لعَلَّ الغيم يمطرنا قريضا= به الأشعار تكتسب اكتسابا
ويجري الماء في أبهى قناة= فيذهب عن قريحتيَ السرابا
ويجلو النورُ أطيافا تداعت= وصاغت من لجاجتها ضبابا
ويصفو الجو في روض رغيد= غريد في محاسنه تصابى
فكم بالشعر من حقل خصيب= نما بالأرض واجتاز الربابا
وعمَّر للورى بيتا وبيتا= وكانا قبل مقدمه خرابا
إذا ما جاء شاعرنا بشعر= به الإحساس يُجتذب اجتذابا
نُغَنِّي لحن قافية غناء= ونلبس من مغازلها ثيابا
ونركب في مغانيها بحورا= ونمخر بين أنهرها العبابا
إذا ما غاب شاعرنا غيابا= فلا تسأله وانتظر الجوابا
سيأتي الشعر منهمرا كسيل= تخطَّى من غزارته الهضابا
ليسقى مهجة الأحباب غيثا= رطيبا في سرائرهم مذابا
ويشدو الشعر أبياتا توالت= ولاقت في مباهجها الصحابا
فأهلا يا صديقي الشعر أهلا= بمن قد جاء يقترب اقترابا !!
عنيدا عند جفوته رقيقا= إذا ما اختار أن ينهي اغترابا
أصيلا حين صهوته تدانت= لنا كالخيل قد أرخت رقابا
سنعدو في بحور الشعر عدوا= لنملأ من قوافينا القرابا
ونشرب من منابعها شرابا= بعرس ضم أبياتا كَعَابا
تراءت في عيون الشعر حورا= بخيمتها وقد أرخت حجابا !!