أستاذي وشاعري الجميل يوسف أبو سالم
كنت أنوي التوسع في طرح ما يحيط بهذا الموضوع وعلاقته بالرقمي وعدلت عن ذلك لما رأيته من اتساع الموضوع وصعوبة التعبير عنه كله بمدلول التفاعيل الأمر الذي سيقلل من فائدته.
ثم جاء ردك أستاذي الكريم ليحدد نقاطا سهلت علي تنظيم تفكيري في الرد بتناولها نقطة نقطة
لله وكتابه المثل الأعلى
ولكن هذا المثل الذي تفضلت به أضاء أمامي طريق الرد
الدين نوعان الأول وحي : قرآن وحديث والثاني اجتهاد.
الوحي ثابت والاجتهاد متغير ويقبل اختلاف وجهات النظر وقيمته مستمدة من دليله من الوحي. والخطأ فيه وارد فللمصيب أجران وللمخطئ أجر. وفي الحالين لا يجوز إلحاقه بالوحي. وأشرف مرتقى له أنه اجتهاد استند على الوحي فوافقه. ولا اجتهاد في مورد النص.
ونظير هذا في العروض والشعر أن يقال هناك نوعان من الأوزان الأول الشعر كما حددته بحور الخليل.والثاني ما جاء ( تجديدا واجتهادا) نتيجة ذائقة شعرية راقية أو علم بمنطق عام لبحور الخليل ربما لم يكشف عنه النقاب بشكل منصف إذ انصب التركيز على جزئيات تفاعيله أو كما قال الأستاذ ميشيل أديب في مجلة الموقف الادبي العدد 373 أيار 2002:" وأكثر ما يعيب كتب العروض القديمة والحديثة، أنها، على الرغم من مظاهر العبقرية، التي لم يكشف الخليل عن أسرارها، لم تحاول تحليل العملية الذهنية لتي مكَّنت الخليل من بلوغ هذه القمَّة لرياضية التي لا تتأتَّى إلاَّ للأفذاذ. "
بحور الخليل ثابتة والاجتهاد والتجديد متغيران وقيمة أي منهما مستمدة من مدى توافقه مع بحور الخليل بشكل خاص أو شمولية منطقه بشكل عام. وفي الحالين لا يجوز إلحاقه بالشعر ومساواته ببحور الخليل. والخطأ فيهما وارد، فللمصيب أجران وللمخطئ أجر. واشرف مرتقى لأي منهما أن يوصف بأنه ( موزون ) مستمد على نحو ما من بحور الخليل أو مشتق من منطقه الهام وفق قواعد محددة. ولا يجوز أن نخالف قواعد العروض مخالفة صريحة استنادا إلى الذائقة أو العلم بمنطق الخليل ثم نصر على أن ما نحصل عليه نتيجة هذه المخالفة بحر جديد من بحور الشعر.
هل في الوزن الجديد مخالفة لنص عروض؟
نعم
جاء في كتاب الكافي للتبريزي في الطبعة الثالثة تحقيق الحساني حسن عبد الله من منشورات مكتبة الخانجي بالقاهرة ( ص- 113) عن التشعيث في الخفيف : " وهو أن يصير فاعلاتن [232] فاعاتن أو فالاتن [222] ويجوز التشعيث في العروض أيضا إذا كان البيت مصرعا. ولا يجوز في مفعولن ولا فعولن زحاف " يقصد ب فعولن ( متفع لْ ) في عروض وضرب مجزوء الخفيف.
وبالتفاعيل والأرقام فهذا يعني أن شطر الخفيف ( العجز والصدر في حال التصريع) ينطبق عليه ما يلي
أ- الوزن قبل التشعيث وهو الأصل
فاعلاتن متفعلن ( أو مستفعلن) فاعلاتن = 2 3 2 3 3 2 3 2
ب- الوزن في حال التشعيث وهو جائز
فاعلاتن متفعلن فالاتن ( أو مفعولن ) = 2 3 2 3 3 2 2 2
جـ- الوزن في حال خبن فالاتن ( أو مفعولن ) وهو لا يجوز
فاعلاتن متفعلن فلاتن ( أو معولن = فعولن) = 2 3 2 3 3 3 2
وإذا حذفنا السبب الأخير منه فهو عين وزنك. ولا يقال هنا إن حذف السبب يبطل المقارنة فمن أوزان الخفيف الصورة ...فاعلاتن متفعلن فاعلا ..... والصورة ...فاعلاتن متفعلن فعلا
هو وزن جديد لا شك. وهو ذو إيقاع جديد وهو اجتهاد وتجديد جميل في نظري الشخصي لكن الموضوعية تقتضي القول (إنه اجتهاد مخالف لصريح النص)
وكي أكون منصفا أقول إن هناك من التغييرات ما يُخرج من البحر والشعر ومنها ما يخرج من البحر ولا يخرج من الشعر.
فمثلا لو قال لنا أحدهم ما هذا الوزن
مستفعلن فعِلن مُتفْعلُ فاعلن
فإن الذهن ينصرف إلى ربطه بالبسيط ويكون الجواب التلقائي إن هذا خطأ فليس في البسيط ( متفعل ) وليس في آخر شطره فاعلن.
لنحلل الوزن
مس تف علن – ف علن متفْ – عِ لفا علن = متْ فا علن – مُ تفا علن – م تفا علن
ورمز كلا الجانبين = 2 2 3 1 3 3 1 3 3 = 4 3 ((4) 3 ((4) 3
فالتغيير هنا مخرج من بحر البسيط وليس مخرجا من الشعر. وعلى هامش الموضوع فليس هذا صدفة بين البحرين ولا مقصورا عليهما بل له اطراده كما ورد تحت عنوان ( التغير الكبير ) الرابط:
http://www.arood.com/vb/showthread.php?t=1024
ومن هنا فإني أتفق مع أخي الشاعر عبد الرحيم محمود من أن هذا الوزن مشتق من الخفيف، وأتفق معك بأن التغيير الذي حصل عليه أخرجه من الخفيف لأنه مخالف للنص فيه.
هل أخرجه هذا التغيير من البحر وحده أم من الشعر؟
إنّ حكمَنا على (مستفعلن فعِلن متفعل فاعلن ) بأنه مخرج من البحر لا من الشعر قائم على مطابقته للكامل. ولا أجد بحرا يوافقه وزنك الجديد. وليس من الإنصاف نبذه أو تجاهله ولا أجد حلا يحترم عروض الخليل ويسمح بمخالفته – حفاظا على الإبداع والشعر معا- سوى نسبة هذا الوزن إلى صنف جديد والقول ( إنه من الموزون) .
لي معياري الذي قدمت
هنا أمر مخالف تماما للمعرف عن علاقة الخبب بالمتدارك. حسب ما أدت بي إليه شمولية النظرة في العروض الرقمي فالخبب فيها نقيض المتدارك فهما صنفان متبيانيان خببي ( لا أوتاد ولا زحاف – حذف ساكن السبب الخفيف- فيه وفيه سبب ثقيل) وبحري ( لا سبب ثقيلا فيه ويجوز فيه الزحاف) ثم تداخل بين هذين الصنفين وفق قوانين محددة في ما أسميته التخاب وهو واحد من أجمل موضوعات الرقمي :
http://alarood.googlepages.com/r2.htm
http://www.ro2aa.com/vb/showthread.php?t=7973
في نظري للرجز صورة يتطابق فيها مع الكامل
وصورة يتباين فيها عنه
http://alarood.googlepages.com/r3.htm
إن التفاعيل وسيلة يتحدد نجاحها بتأدية الغرض منها بعاملين
الأول وصف الوزن
والثاني التعبير عن خصائص مقاطعه
فعندما نقول إن الوزن هو فاعلن فاعلن مفاعلن فذلك يعني
الرموز هي
س = سبب .......و = وتد .......سً = سبب مزاحف جوازا في الحشو
فا - علن – فا - علن – مفا – ع - لن
= س – و- س - و – و - سً – س
وفي توصيف استخراجه من الخفيف يكون وزنه
فاعلاتن متفعلن فلا (فلا من فلاتن الآتية من فالاتن )
= فا – علا – تن – م - تف – علن – (فلا )
= س – و – س – سً – س – و – سً - س
فلنقارنهما معا
الصيغة التي تفضلت بهـا = س – و- س - و – و - سً – س
الصيغة المشتقة من الخفيف= س – و – س – سً – س – و – سً - س
كلا الصيغتين تصوران الوزن لفظيا ولكن صيغتك عليها بموجب عروض الخليل مأخذان
الأول تجاور وتدين أصليين 3 3 وهذا لم يرد في كل الشعر العربي وانظر ساعة البحور:
http://alu.helalsoftware.net/prosody/circles.htm
http://file14.9q9q.net/Download/4533...----3.rar.html
ولا يقال هنا إن الأمر محض شكلي، فعلى هذا الشكل يترتب مأخذ موضوعي آخر وهو أنه يجوز في الوزن أن يأتي منسجما ذاتيا على الصيغة التالية
فعلن فعلن مفاعلن
فاعلن فاعلن مفاعيلن
أنظر كيف يكون :
نَضِرٌ بجبينـكِ القمـــــــرْ...كلمـا فــاضَ أيقـظ السّهـــــرْ
واجْمَعي الضُّوءَ مِنْ سُدولِهِ....ذهَباً لمعت به الصـــــورْ
هل تشعر بثقل في الوزن ؟ إن لم تشعر بثقل فصيغتك صحيحة.
ليسا سواء في سمعي. ذلك أن ( ف علن فَ = فَ علا تُ ) في أوله وهذا بموجب عروض الخليل يسمى الشكل وهو وإن لم يعتبر الوزن به مكسورا إلا أنه قبيح ثقيل.
إن ......فعلن فعلن مفاعلن ( بصيغتك) = فعلات متفعلن فلا ( بصيغة الخفيف )
واقعا لا حكما ... والمفروض أنها حسب صيغتك مستقرة وحسب الخفيف قبيحة شكل فاعلاتن ومخالفة للتعاقب بين نون مفاعلاتن وسين مستفعلن وبلغة الرقمي
1 3 2 2 2 3 .....3 بينهما مراقبة حسب ساعة البحور فهما على المحورين ( هـ - 11، هـ - 10)
ويترتب على اعتباره مولدا من الخفيف أن يأتي منسجما ذاتيا على الوزن التالي
فاعلاتن مستفعلن فلا = 2 3 2 2 2 3 3، فتأمله :
خَبّئــيني في جبينـكِ القمـــــــرْ .....كلمـا فــاضَ أيقـظ السّهـــــرْ
واجْمَعي الضُّوءَ مِنْ سُدولِهِ.......وابعثيني ما أروع الصـــــورْ
أيهما أسلس لديك ؟
ليست السلاسة وحسب فإن ورود مس تف = 2 2 في صيغتي مقابل علن = 3 في صيغتك والوتد الأصيل لا يتحول إلى سببين ( سمعيين) وإلا فسد الوزن تماما. فهل ترى هذا الوزن فاسدا ؟ إن عدم الفساد المطلق لهذا الوزن يعني فساد اعتبار ( علن وتدا حقيقيا )
فا علن فا علن مفا علن
فا علا تن مستف علن فلا
أنا استسيغ هذا الوزن أكثر (فعلن فعلن مفاعلن ) فهو برئ من قبح الشكل وورود مستفعلن فيه وهي الأصل مكان متفعلن لا يثقله.
بدأت هذا الرد وأنا أعتقد أني أختصر فالحمد لله أني لم اورط نفسي بأبعاده كلها وتشعباته في الرقمي.
هل انتهى ردي هنا ؟ كلا
فسوف أتناول فيما سيأتي بإذن الله تأصيل الآلية التي اتبعتها حضرتك ( بغض النظر عن موقف عروض الخليل منها ) ومن ثم تعميمها لاستخلاص أوزان وإيقاعات جديدة ( وليس بحورا جديدة ) ولنرى هل ستكون سائغة في ذوقنا الشخصي كهذا الوزن ؟.