بين أصل اللفظ والمجاز

[ريمه الخاني]

إن أقرب الآراء للقبول رأي من يرى أن اللغة بدأت خطواتها الأولى مشتركة بين الإنسان والحيوان.
وإن ماجاء تحت مواد المعجمات من معان إنما جاء على سبيل الحصر,فالأصل واحد,ويبقى الباب مفتوحا أمام معان لانهاية لها يمكن إقامتها على الأصل الأول.
لهذا كانت اللغات الأصيلة صالحة لكل زمان ومكان ,لأنها قابلة للتطور بل لأن التطور هو حياتها.
إن هذه المعاني جاءت موصولة الرحم بأصلها ,وثيقة الصلة بالحس الفطري الذي صدرت عنه,وإذا أردنا أن نبحث بين لك العدد الهائل من الألفاظ المجازية,كاد عملنا يكون مستحيلا,فالوصول للأصل أمر لاسبيل
إليه إن لم يكن قد جرى تحديده من قل أهل اللغة أنفسهم.
وإن هذا الأصل هو من باب التقريب ولإيضاح وجهة اللفظ,أكثر مما هو من باب التحديد والتعيين.
لقد استعمل السلف هذين اللفظين دهرا طويلا قبل اختراع الأبجديات.
قال السلف:إن الأصل في الكتابة إنما هو جمعك بين الشيئين.
هم على حق في ذلك لأنك تلمح هذا الأصل قائما في كل المعاني المجازية التي استعمل فيها لفظ(كتب) بعد ذلك.
فقد انقطع نسبه من أصله,لأنه لاهوية له,ولهذا كانت معرفة المعنى الأصل ضرورية لأبناء اللغة حتى لاتنقطع أرحام الكلمات,وتفقد صلتها بأصلها الأم,والذين يدعون اليوم إلى اصطناع لهجة عامية في كل قطر,
يجهلون أو يتجاهلون أنهم يقطعون أرحام أصولهم اللغوية.
ليصطنعوا لغة لاهوية لا,لغة لايمكن تقويمها على قواعد طبيعية ثابتة,وهذا كمن يريد أن يقيم كيمياء جديدة ولكنه يستأذن في السماح له بإغفال العناصر الأولى في جدول (مندليف)فعلى أي شيئ يقيم كيمياءه؟
ومن رام إخراج الزكاة ولم يجد نصابا يزكيه,فمنأين يخرج؟.
والطريق لمعرفة الأصل هو معرفة الأضداد الموجودة في كتب اللغة,ربما هي تقليدية,لكنها كالسداة واللحمة في نسيج هذا الوجود.
يقول المتنبي:وبضدها تتبين الأشياء.
وقال غيره:والضد يظهر حسنه الضد.
من كتاب جدلية الحرف العربي وفيزيائية الفكر والمادة/محمد عنبر
ص 24

[راما علي]

صدقت يا أختي ريمه , فإن للأصل قوة ينطلق منها الإنسان إلى المعرف , لك الشكر والتحية

[ريمه الخاني]

شكرا لحضورك غاليتي راما ونكمل وارجو الإفادة:


مثال:
قرأ ورقأ
قرأ:هو الجمع والأصل القرو :القصد والأصل في القرء الوقت المعلوم.
قال الله تعالى:والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء- البقرة 228-2
رقأ الدمع:جفّ وسكن أرقأه الله تعالى سكذنه ,الرقوء/مايوضع على الدم.
ورقأ في الدرجة:صعد.ويكاد الزمخشري يلخص الجدلية بين قرأ ورقأ في سجعه الآنفة الذكر:
قال جرير:
بكى دوبل لايرقئ الله دمعه=ألا إنما يبكي من الذل دوبل
واليأس رقوء الدمع قال الكميت:
فكنت هناك رقوء الدما=ء وللمبتغات الأنين الزفيرا
وقال ذو الرمة:
لئن قطع اليأس رقوء الدما=رقوء لتذراف الدموع الوافك
******
يقول الزمخشري:ملخصا:فلانة طويلة القروء :يعني حيضها يطول,بدليل قوله:بطيئة الرقوء ,أي انقطاع دمها بطيئ. ص 31

[راما علي]

جميل جداً أن أجدك أيتها الأديبة في كل زاوية من زوايا هذا المنتدى العامر بأهله , لك التحية

[ريمه الخاني]

الذي انكر الأضداد في مثل الجلل من القوم,لم ينكرها إلا لأنها ترجع إلى أصل واحد,يصلح لكلا الاتجاهين,اتجاه التكامل واتجاه التفاضل.
من المرجع ذاته

[ريمه الخاني]

شكرا لحضورك الذي يسعدني ويشجعني على المزيد وبلا جديد لا يبقى القارئ هنا ويضع حمله لقراءة.
88888
وهناك أمثلة كثيرة يبينها الكاتب بطريقة فلسفية عميقة مستشهدا بأبيات الشعراء الأوائل مثال:
عسعس:حركة لإقبال وتجمع وتراكم في صورة الليل:تمطى بصلبه..
سعسع:حركة إدبار وفناء قال رؤبة:
قالت ولم تسأل به أن يسمعا=ياهند ما أسرع ما تسعسعا
من بعد ماكان فتى سرعرعا أخبرت صاحبتها عنه أنه قد أدبر وفني إلا أقله
وأمثلة كثيرة مثال:
فدع:عوج او من يمشي على ظاهر قدمه!
عدف:مايذاق:قال ابو عمرو الشيباني:ماذقت عدوفا ولا عدوفة وانشد:
ومجنبات مايذقن عدوفه=يقذفن بالمهرات والأمهار
يقول الكاتب:
إن سر اللغة في اللغة ذاتها وهي التي أعلنت عن أن كل حركة لاحقة كيف ٌ لحركة سابقة ,فهذه الصيغة من حيث كونها صيغة ثابتة لاتتحول ولا تتبدل ,وحركة الجدل فيها قائمة على التضاد بين الشيئ ونقيضه الكامن فيه,وكل
من النقيضين أو المتضادين أو المتعاكستين كم في ذاته وكيف لمقابلة القائم فيه.
إن سر كل شيئ كامن فيه ,ومن أراد البحث عن قوانين عليه دراسة اللغة,فإذا وصل من دراسته إلى نتائج,أعلن عما وصل إليه فقط.