أستنكرُ قتل الفرنسيين. ولكن ماذا فعل الفرنسيون سنة 1738؟!
نعم أستنكر قتل الأبرياء .. ولكن مصادفة عجيبة حصلت معي،فبعد تفجيرات باريس يوم الجمعة الماضي .. قرأت – اليوم الأحد – في أحد كتب الرحلات ما فعله الفرنسيون في مدينة المخا باليمن .. يقول الرحالة كارستين نيبور،عند زيارته لمدينة المخا سنة 1763 :
(لم أعرف الكثير عن تاريخ المخا،وجل ما عرفته هو أن الفرنسيين قاموا بقصفها مرة،وأورد لكم سبب ذلك : يسحب صاحب الدولة { صاحب الدولة .. لقب يعني الوالي .. تقريبا – محمود } هنا غالبا ،لحساب الإمام،بضائع من الهند من التجار الذين ترسوا سفنهم هنا،أكثر مما يتطلب رسم الجمارك والرسومات الأخرى التي يتوجب عليهم دفعها،ويعد كل مرة بأن ديون الإمام ستحسم في العام التالي من رسوم الدخول،ولكن هذه الديون تتراكم أكثر فأكثر. وبلغت ديون الإمام للشركة الفرنسية للهند الشرقية 82000 درهم،وبما أنها أرادت الحصول على المبلغ،من دون أن تستخدم أساليب تفقدها تجارتها في المخا،أرسلت في العام 1738 سفنها التجارية ترافقها سفينة حربية. وأعلم القبطان صاحب الدولة أنهم قصدوا البلاد لبيع بضاعتهم،لكنهم لن ينزلوها ما لم يقبضوا الديون السابقة،فحاول صاحب الدولة استمالتهم بالكلام المعسول وإقناعهم بإنزال البضائع أولا. لكن الفرنسيين أظهروا ما كان بمقدورهم،وقصفوا القلعة الشمالية قبل أن يفكر العرب باستخدام العنف. واستؤنفت بعد ذلك المفاوضات واعتذر صاحب الدولة معللا أنه لا يملك المال ولا أمرا من الإمام بدفع الديون المذكورة،وطلب مهلة مدتها 15 يوما حتى يتلقى ردا من الإمام . وبعد انتهاء المهلة،أطلق الفرنسيون قذيفة نحو منزل صاحب الدولة فقتلوا عربيا،ولم يؤد ذلك إلى أية نتيجة،فاستهدفوا المسجد يوم الجمعة فيما كان صاحب الدول يؤدي الصلاة،وقتلوا بعض العرب. عندها فقد المواطنون،الذين دفعوا دين الإمام من دمهم،صبرهم وأجبروا الحكومة على اتخاذ تدابير ترضي العدو. وبعد إقرار المعاهدة أنزل الفرنسيون بضائعهم وتجارتهم كالمعتاد،ولم يفقدوا سوى أحد الربابنة الذي قتل أثناء نومه أمام باب منزله،على يدي جندي مات أحد أهله أثناء القصف فثار له.(..) ويتذكر العديدون هذه المواجهات،لا سيما قنابل النار،على حد تعبيرهم،التي لا حقت صاحب الدولة وقد كون العرب فكرة عظيمة عن طريقة الأوربيين في خوض الحروب. ولو شنت دولة أوربية هجوما كهذا على مدينة تركية لما سلمت الأمم الأوربية الأخرى الموجودة في المدينة من غضب الشعب.(..) لكن الإنكليز والهولنديين الذين كانوا في المخا عند وصول الفرنسيين بقوا في أمان ولم يتعرضوا للأذى.){ ص 348 – 349 جــ1( رحلة إلى شبه الجزيرة العربية،وإلى بلاد أخرى مجاورة لها) / كارستين نيبور / ترجمة : عبير المنذر / بيروت /دار الانتشار العربي / الطبعة الأولى 2007}.
هكذا قصف الفرنسيون .. دون إعلان الحرب
وهكذا قصف الفرنسيون ... منزلا مدنيا
وهكذا قصف الفرنسيون مسجدا .. واختاروا يوم الجمعة لقتل أكبر عدد ممكن من المدنين المسالمين!!
وعليه .. نسال : هل الدواعش .. الإرهابيون .. يقلدون أساتذتهم الفرنسيين – سنة 1738م – بقتل مدنيين عزل .. من الشعب .. ليضغط الشعب – كما فعل شعب مدينة المخا – لأخذ تدابير ترضي العدو؟!!
أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني