المؤمن حامل لواء الحق . يتمثله بأقواله , لأنه جزء من عقيدته ,بل هو: قوامها و روحها التي بها تتفجر طاقات وإبداعات تسخر في ارتقاء الأمة.
يصدع بكلمة الحق بقلب مطمئن , في بيته , في دائرته , في مجالس الناس , في قاعة المحكمة , في كل قضية حياتية . لا يقف هنا عند نقطة البداية , بل يدعو إخوته للمضي على منهج الحق ( وتواصوا بالحق ) .
هو رائده في أفعاله وتصرفاته , لا يرضى إلا أن يقوم بها إلا على قاعدة الحق . فالتمسك بأهداب الحق أعظم أبواب الجهاد ( إن من أعظم الجهاد كلمة حق أمام سلطان جائر . ) ونرى معالم الإخلاص في الحق في سير علمائنا شمساً مشرقة فهو هدفهم الأسمى وغايتهم القصوى . يريدون إظهار الحق , ولا يبالون سواء بدت معالمه تلوح للعقول على يد أحدهم أو على يد غيره , وفرحتهم لا توصف عند ظهور الحق , تراهم يثنون على الله بألوان من المحامد راقية . يقول حجة الإسلام أبو حامد الغزالي
( على المحاور في طلب الحق أن يكون كناشد الضّالّة , لا يفرّق أن يظهر الحق على يده أو يد من يعاونه , ويرى رفيقه معيناً لا خصماً , ويشكره إذا عرّفه الخطأ , وأظهر له الحق . ) أقول لنفسي ومن ثم لإخواني العلماء حاور وأنت تريد الحق واقبله ولو اتضح وبان على يد غيرك , فأنت قد بلغت الهدف ونلت الثواب . ونمضي مع فقيه السنة الأكبر الإمام الشافعي رحمه الله رحمة واسعة وأغدق عليه من بحار كرمه مغفرة
المؤمن حامل لواء الحق . اتخذه في حياته سلوكاً شخصياً ومنهجاً يومي
وعفواً , حيث يرسم لنا منهجه في المناظرة طلباً للحق , فيقول :
( ما ناظرت أحداً فأحببت أن يخطئ , وما كلمت أحداً قط إلا وأنا أبالي أن يظهر الله الحق على لساني أو لسانه , وما أوردت الحق والحجة على أحد فقبلها مني إلا هبته واعتقدت محبته , ولا كابرني أحد إلا سقط من عيني ورفضته , وودت لو انتفع الناس بعلمي دون أن ينسب إلي منه شيء . )
أرى أني أمام منهج رجل عاقل عالم يطلب الحق , ويبحث عنه برزانة وهدوء ومتى ظفر به اطمأن قلبه وسكنت نفسه , وأشرق في عقله نوره.
فلنكن هكذا يا إخوتي المؤمنين في كل أصقاع الدنيا , الحق غايتنا , فأنى لاحت معالمه تفيأنا ظلاله , حيث أوصلنا إليه منهج دقيق قائم على الإخلاص لله والرسول صلى الله عليه وسلم . ( وقل الحق من ربكم ) فالحق مصدره الله عز وجل ويطلب لله جل جلاله بعيداً عن الغايات الشخصية والأطماع الدنيوية . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.