عن مقتل الشاب حسان والعلاقة مع مصر/ مصطفى إبراهيم
28/12/2015
أصبحت جميع قضايانا محل خلاف والتباس وكل قضية يثار حولها الجدل والشكوك في غياب للمنظومة الأخلاقية الوطنية والأسس الديمقراطية للخلاف وأحيانا الإنسانية كما وقع في حادثة الشاب المريض نفسياً الذي قتل داخل الأراضي المصرية. وأصطف كثيرون خلف مواقفهم السياسية وغلبوها على الموقف الإنساني الأخلاقي في الدفاع عن الموقف الذي هو لا موقف كونه ينطلق من حالة عدائية وكراهية مقيتة للآخر الفلسطيني والعربي، والدفاع عن القتل والظلم والاستبداد وليس خصومة سياسية شريفة قائمة على قبول الآخر والحق في النقد وتوجيه الأسئلة للمساءلة والمحاسبة وعدم الزج بقضيتنا في قضايا لم تعد من قضايانا.
يعتقد كثيرون أن ما جرى تم فبركته وهو اختلاق أزمة مع النظام المصري، والتضحية بشاب مريض من أجل تسليط الضوء على أزمة إغلاق معبر رفح المستمرة، ويتساءل آخرون كيف يتم إلقاء القبض على مهربي السجاير والمعسل حتى في أحلك الليالي ظلمة وأوقات الضباب الكثيف، وكان بإمكان رجال الأمن الفلسطينيين المنتشرين على الحدود منع الشاب من الوصول إلى الجانب المصري، أسئلة كثيرة بعضها محق وبعض آخر منها مناكفة وإتهام.
بعض من الناس ينطلق في ذلك من تجربتهم مع حماس التي تحكم غزة وتعبر دائما عن قدراتها الأمنية في حفظ الأمن والأمان، وأنها تقوم بذلك على الشريط الحدودي بكفاءة عالية.
ممكن تفهم الخلاف كون حماس خصم لمن يدافع عن مصر، ومن حق الناس التساؤل وكل له أسبابه ودوافعه في تفسير كيف تخطى شاب مختل عقلياً الحدود، لكن الحادث خطير ويسيء لمصر وللجيش المصري. ومن غير المقبول والمفهوم عدم إدانة القتل وتصرف الجنود المصريين وسلوكهم الخطير الذي لا يعبر عن جيش عربي المفروض أن يتمتع بأخلاق الجيوش النظامية ومعايير إطلاق النار التي تراعى حتى في وقت الحرب على شاب أعزل عار من ملابسه في البحر، مشهد مفجع ومؤلم، وما جرى صادم ومدان.
حماس متهمة بالتدخل في الشأن المصري، وهي متهمة من المصريين ومن كثير من الفلسطينيين في مقدمتهم القيادة الفلسطينية، مع ان حماس تنفي بشدة والمصريين لم يقدموا دلائل على ذلك. في الماضي كان الفلسطينيين يتجنبوا الخوض والتورط في شؤون الآخرين، وكان بعض الفلسطينيين متهمين بأنهم محسوبين على بعض الأنظمة العربية الرجعية والاستبدادية أو تلك التي كانت تدعي القومية واليسارية، لكن جميع الفلسطينيين حافظوا على عدم التورط في قضايا الدول العربية أو الشأن الداخلي لأي من تلك الدول، وعند تناول أي قضية في أي دولة عربية يكون الفلسطيني شديد الحذر في تناولها.
مصر وعدد من الدول العربية متورط مع ذاتها في مشكلاتهم الداخلية وأزماتهم، وفلسطين لم تعد شأنناً عربياً خالصاً بالمعنى الذي كان سائداً في عهد عبد الناصر، مع أن الشعوب العربية تعتبر إسرائيل عدو للعرب.
حماس تعيش المظلومية من مصر وغزة تعاني من إغلاق معبر رفح لأسباب داخلية مصرية والحرب التي يشنها النظام المصري على الإخوان المسلمين، وفي ظل هذا الوضع العربي المأزوم والاستبداد، ليس بإمكان الفلسطينيين إلا الصمت والتعبير عن مظلوميتهم من دون إستفزاز الأخر العربي الذي يصنفه على أنه عدو. الفلسطينيون خاصة حركة حماس عليها العمل على المساعدة في إعادة بناء البيت الداخلي وتغيير الصورة النمطية التي تبلورت في أذهان بعض المصريين، وإعادة الثقة معهم من أجل قضيتنا.