الأستاذ الدكتور حسني سبح طبيب ولغوي سوري ،
رائد تعريب العلوم الطبية .
ولد عام 1900 في دمشق وتلقى علومه الأولية في مدارس دمشق التي كان التعليم فيها باللغة التركية عدا بعض دروس خصصت للعربية وللغةٍ الأجنبية . ولكن الله حباه في أثناء دراسته معلماً ، هو الأمير عارف الشهابي ، نذر نفسه لتعليم العربية تطوعاً ، فحببه بها ومهد له طريق التعمق فيها ...
تقدم حسني سبح في سنة 1913 لمسابقة دخول « المكتب الطبي العثماني » الذي لم يكن يحدد عمراً لقبول الطلاب فيه ، وكان هذا المكتب قد أنشئ في دمشق عام 1903 ، ومدة الدراسة فيه ست سنوات .
وحينما أعلنت الحرب العالمية الأولى سنة 1914 انتقل التدريس من هذا المكتب إلى بيروت . ولما حطت الحرب أوزارها دعي الطلاب إلى متابعة تعليمهم في دمشق باللغة العربية ، بعد أن قررت الحكومة العربية الفيصلية إعادة التدريس بالمكتب العثماني وأطلقت عليه يومئذٍ اسم
« المكتب الطبي العربي » .
تخرج الفوج الأول من هذه المدرسة ـ التي هي كلية طب جامعة دمشق اليوم ـ سنة 1919 ، وكان عدد الخريجين ثمانية وأربعين طبيباً أحدهم حسني سبح ، وعين بعد تخرجه مساعداً فيها . وفي سنة 1924 سافر إلى فرنسا وسويسرا للتخصص والمتابعة ، فاغتنم فرصة وجوده في أوروبا لتقديم الفحص الإجمالي في لوزان ( سويسرا ) للحصول على شهادة دكتوراه في الطب عام 1925.
بعد عودته إلى دمشق ، راح يترقى في سلم الهيئة التدريسية حتى سمي عام 1932 أستاذاً للأمراض الباطنة .
وفي عام 1938 انتخب رئيساً للمعهد الطبي العربي ، ثم رئيساً للجامعة السورية ( جامعة دمشق اليوم ) عام 1943 . وظل يشغل المنصبين معاً حتى سنة 1946 ، وبقي رئيساً للجامعة وحدها مدة سنتين بعد ذلك .
استمر حسني سبح في عمله التدريسي نحو أربعين عاماً ، حرص فيها على تعليم طلابه آخر المستحدثات الطبية ، وحثهم على اتباع الأسلوب العلمي في فحص المريض والتزام الدقة في التشخيص ، ومع أن معظم دروسه السريرية كانت في الأمراض العصبية فقد كانت في الواقع دروساً جامعة شاملة للعلوم الطبية ...
أتقن التركية والفرنسية والإنجليزية والألمانية ، كما كانت له نشاطات اجتماعية ووطنية ، منها تطوعه في معركة ميسلون لإسعاف الجرحى ، وفحصه جثمان يوسف العظمة بعد استشهاده وتأكيد إصابته بشظية مزقت طحاله .
ساهم عام 1943 في تأسيس جمعية المواساة التي أسست مستشفى المواساة ، وانتخب رئيساً لها حتى عام 1975...
نتيجةً لجهوده اللغوية ومشاركاته العلمية انتخب عضواً عاملاً في المجمع العلمي العربي " مجمع اللغة العربية بدمشق " عام 1946 ثم رئيساً له عام 1968 واستمر يرأسه حتى وافاه الأجل في دمشق .
وفي عام 1985 انتخب عضو شرف في مجمع اللغة العربية الأردني ، وفي عام 1986 انتخب عضواً عاملاً في مجمع اللغة العربية في القاهرة ، ثم انتخب عضواً في المجمع العلمي الهندي .
توفي الدكتور حسني سبح في 31 كانون الأول عام 1986 وفي يوم وفاته أنهى دوامه الوظيفي في مجمع اللغة العربية وقبل أن يغادر المجمع دخل غرفة الدكتور عدنان الخطيب أمين عام مجمع اللغة العربية بدمشق واقترح عليه إعادة نشر كتابه " المجمعيون في خمسين عاماً " في طبعة جديدة ، فأبدى الخطيب موافقته على هذا الاقتراح ثم ركب سيارته إلى منزله حيث أسلم الروح وهو في الطريق ولم يشعر سائقه بوفاته إلا حين نزل كعادته ليفتح له باب السيارة أمام مدخل عمارته .
نسأل الله أن يتغمده برحمته الواسعة وأن يسكنه فسيح جناته وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة ...
#سير_الصالحين #سوريا #دمشق #اللغة_العربية #الطب #كلية_الطب #حسني_سبح