الفلسطيني في أجندة قادته
بقلم : أ . تحسين يحيى أبو عاصي – عضو لجنة الحوار الوطني ، ومنسق لجنة العلاقات العامة في تجمع الشخصيات الفلسطينية المستقلة – { 29– 8 – 2010م }
= = = = = = = = = = = = = = = = = = = =
كل مواطن فلسطيني غيور يتمنى أن يجتمع المشروعان الفلسطينيان لحركتي فتح وحماس حول برنامج مرجعي فلسطيني واحد ، على أمل أن يشعر المواطن الفلسطيني بالراحة والهدوء ، وبالأمن والاستقرار يوما ما .
وإذا كان وفق ما يقول البعض بأن المشروع الوطني لحركة فتح لا يلتقي مع المشروع الإسلامي لحركة حماس لا علميا ولا سياسيا ولا فكرياً ، إلا أنه بات من المؤكد أنه لا يمكن لمشروع أن يلغي الآخر أو أن يقوم على أنقاضه ، وذلك وفقا للتركيبة الحسابية والذهنية والنفسية للشعب الفلسطيني علمياً وتحليلياً ، مما يعني ضرورة وأهمية الالتقاء والتفاهم والتقارب بين المشروعين السابقين ، وإلا كان الثمن هو خسارة المشروع والنهج والفكرة .
وعلى ضوء فشل اليسار الفلسطيني في تحقيق المصالحة والوحدة ، والاتفاق على رؤية سياسية متقاربة بين المشروعين الفلسطينيين الكبيرين ، وكذلك على ضوء فشل القوى الإسلامية أيضا في تحقيق مرجعية سياسية واحدة لشعبنا الفلسطيني يتفق عليها الجميع ، أتمنى نحن المستقلون الفلسطينيون في كل مكان من أبناء الشعب الفلسطيني ، أن يكون لنا الكلمة الفاصلة والدور الحاسم في تحقيق الوحدة والمصالحة ، والالتقاء حول مرجعية واحدة ، وأن نجتهد في تقديم البدائل التي تُجنب شعبنا ويلات الانقسام ، ونيران المشاريع التي بدأن تأكل الأخضر واليابس من حياة الفلسطينيين .
المستقلون الفلسطينيون ليسوا فقراء في الأدمغة والطاقات والإمكانيات التي تجمع ما بين المشروعين حول قواسم مشتركة تحد من معاناة الشعب الفلسطيني اليومية والمستمرة ولو مؤقتا أو لفترة زمنية ملموسة ، رغم المؤثرات والأجندة الخارجية الضاغطة والمؤثرة ، والتي فشل المشروعان من تجنيب شعبهم ويلاتها وإفرازاتها وتجلياتها الواضحة في كل مكان ، هذا إن لم يطرأ على الساحة الفلسطينية مزيدا من المشاريع المفاجئة ، أو يطرأ عليها تغييرا دراماتيكيا ما ، وفي جميع الحالات مزيدا من المعاناة للمواطن الفلسطيني...
ومن منطلق الحقيقة لا بد من القول : لا يزال الشعب الفلسطيني في غزة يعاقب على مدار اللحظة بكل مفاهيم ومدلولات العقاب السياسي ، وبعيداً عن الاستغراق في الاتهامات والتفاصيل ، وبعيداً عن تعليق الغسيل الوسخ على شماعات أحد ، فهل يخدم هذا العقاب الذي تتعرض له غزة أجندتكم ومشاريعكم أيها القادة ؟ هذه أسئلة مشروعة ولا بد منها .
هل سيؤدي هذا العقاب إلى تغذية تنظيماتكم بالدماء الشابة والعقول المفكرة ؟ .
هل سيوسع هذا العقاب قاعدتكم الجماهيرية ؟ .
هل سيحقق أهدافكم الإستراتيجية وحتى التكتيكية منها ؟ .
يا قادة الشعب الفلسطيني شعبكم مرهق معذب فمن له ؟ .
ماذا عملتم من أجل راحته أرجو الإجابة بكل أمانة وشفافية ؟ .
لا شك أن كثيرا من المشكلات تتشارك بها كل شعوب العالم ، ولكنني هنا أدعو إلى تأمل خاصية الشعب الفلسطيني وحساسيته ومميزاته ، وإلى تأمل مخزون وعيه وتجاربه ، وإلى تأمل مرحلته السياسية وعوامل صموده ، وإلى تأمل مدى انسجام وتفاعل المواطن مع تلك الأطروحات الفكرية والسياسية والتنظيرية التي تحتويها مشاريعكم ، وعلاقتها بالشعارات والأهداف والرؤى التي تتزاحم من أمام المواطن الفلسطيني .
ولا شك أن لكل مشروع ثمن ، ولكن يجب ألا ننسى أن لكل مشروع إخفاقات وتحديات تصغر تارة وتكبر تارة أخرى ، ومن ثم ينجح ذلك المشروع أو يخبو وفقاً للتجربة التي خاضها مع أبناء شعبه ، وأن كل مشروع يجب أن يقرأ القائمون عليه جيدا فسيفساء تركيبة سيكولوجية شعبه من أجل استمراريته ، فإنّ تراكم الأخطاء والإكثار من التبرير والتأويل والتعليل ، لن يرحم المشروع من التآكل ومن ثم الانهيار ... وعلى سبيل الأمثلة لا الحصر لمن يريد أن يتعلم من تجارب التاريخ :
أين المشروع النهضوي لميشيل عفلق ؟
وأين المشروع البعثي العراقي ؟
وأين المشروع الناصري والاشتراكي ؟
وأين المشاريع الماركسية واللينينية والماوية في العالم ؟
فلا يمكن لأي مشروع أن ينجح بدون ديمومة التصاق وتفاعل بل امتزاج المواطن به .
لذلك فالسؤال المهم هنا : إلى أين ذاهبون بالشعب الفلسطيني ! ؟ . الإجابة تكمن في الاعتراف بالحقيقة ، لأن الحقيقة مؤلمة ومع ذلك يجب تجرعها إن رغبنا في الحفاظ على ما تبقى ...
قتلى المولدات ، وإرهاق أعصاب الناس والضغط النفسي بسببها ، ولعن الناس في كل يوم ألف مرة لما آلت إليه الأمور ، وقتلى الأنفاق بحثا عن لقمة العيش ، وموت المرضى الذين يحتاجون إلى تحويلات خاصة ولا يجدونها ، والحصار الذي حول حياة الفلسطينيين إلى جحيم لا يطاق ، والغلاء الفاحش ، وملفات الفساد ، وثقافة الحقد والإقصاء ، ورفيق الأمس عدو اليوم ، وتهميش المواطن والاستخفاف به ، وإرهاقه باسم القانون وكأننا في دولة مستقلة حرة كاملة السيادة .... ، كلها سيوف توغل في شعبكم فماذا انتم فاعلون يا معشر القادة ؟
إن الاستخفاف بشعبكم ليس من صالحكم ، إنكم بذلك تخسرون الكثير من الدماء الشابة والعقول الفذة التي يقوم عليها كل مشروع مهما كان مشربه وتوجهه ، فلا نجاح لمشروع بدون الشباب والأدمغة والجماهير .
إن المشروع الذي يصبو إلى تحقيق النجاح ، عليه العمل المتواصل من أجل راحة المواطن ، لا من أجل خدمة أجندة وحسابات خاصة به على حساب المواطن المغلوب على أمره ، كيف ينظر المواطن لكم ولمشروعكم ولتوجهاتكم وهو يدفع ثمن انقسامكم من راحته ومن قوت أطفاله ، ومن صحة أبنائه ، ومن تعليمهم ، وحرمانه من أمور حياتية كثيرة ، ثم نتحدث عن مشروع من هنا ومشروع من هناك ؟ .
ألم توجد مشاريعكم من أجل المواطن ؟ .
هل نجح مشروعكم والمواطن يعاني الأمَرَّين ؟ .
ماذا حققت مشاريعكم لشعبكم ؟ .
هل ينجح مشروع يعتمد الحديد والنار والقمع والإقصاء والشطب في بقائه واستمراريته ؟
هل دعمتم صمود شعبكم حقا على أرض وطنه بعيدا عن المتاجرة بهذه العبارة ( دعم الصمود ) .
احترموا عقول شعبكم ، وأنزلوا من برجكم العاجي ، وتحسَّسوا آلامه ، واقرؤوا مشاعره وأفكاره ، بدلاً من عقابه وإذلاله ، وتجويعه وقمعه ، وإفقاره وإرهاقه ، والضغط عليه بالليل والنهار ، أدعوكم إلى إعادة النظر في حساباتكم من جديد ؛من أجل كسب ثقة شعبكم ، أدعوكم للتأني والتوقف مليا وتغليب مصلحة شعبكم عن أي اعتبارات وأجندة أخرى ، أدعوكم إلى مراجعة أجندتكم ورؤيتكم وتوجهاتكم ، فشعبكم أغلا وأعظم من كل شيء ، وبدونه ستُستنزَفون وستَخسرون الكثير ، أنصحكم ألا تركنوا إلى ما آلت إليه لكم الأمور ، فلا تسترخوا ، ولا تغمضوا أعينكم ، ولا تتذرعوا بذرائع من هنا وهناك ، ولا تكثروا من التعليل والتأويل والتبرير ، فشعبنا وصل به الأمر وتحديداً الآن إلى أن يهمس ويتذمر ويئن في الخفاء ، فعليكم قراءة التراكمات المتنامية جيداً ، أنصحكم عدم الاعتماد كثيرا على التقارير التي ترفع إليكم ، حطموا الحواجز والقيود واقتربوا من شعبكم بالشكل الحقيقي ، واستمعوا إلى خفقات قلبه ، وتنافسوا على خدمته وراحته ، والتقوا مع كل قياداته ، فوحدكم ربما لا تنجون ، فالمرحة أكبر منكم جميعاً متفرقين أو مجتمعين .
لقد وقفنا من قبل في طوابير من أجل الحصول على غاز الطعام ، ووقفنا في طوابير أخرى من أجل الحصول على قليل من الوقود ، ووقفنا في طوابير أمام المخابز من أجل ربطة خبز ، وعشرات الألوف عاطلين عن العمل يشكون همهم إلى الله ، وكثير من المؤسسات الاقتصادية أغلقت أبوابها ، وخريجون كثيرون لا يجدون فرص العمل ، وارتفع منسوب الضغط النفسي على الناس ؛ فانهارت أسر كثيرة من خلال الطلاق وتشتت الأطفال ، وازدادت نسبة المشاحنات بين الناس بشكل كبير ، وتجلت بوضوح حوادث القتل الناتجة عن الشجار ، كما ارتفع عدد المرضى النفسانيين إلى حد غير مسبوق وفق ما حدثني به أحد الأطباء العاملين في الطب النفسي ، والناس تعيش ضغطاً نفسيا وإرهاقاً عصبياً لم يمر عليهم من قبل ... وكثير من الناس سقطوا شهداء بفعل الصواريخ الارتدادية ، ويسقط منا الشهداء على أيدي عدونا وأيدينا ، وكثير من الناس سكنوا الخيام وافترشوا الأرض والتحفوا السماء من بعد أن قُصفت بيوتهم ، وتم تعويضهم أربعة آلاف يورو أجرة بيت لعام واحد أو عامين فقط ، تخيل معي هنا حجم المصائب التي تتساقط على الشعب الفلسطيني من كل حدب وصوب ... فهل يخدم ذلك مشاريع وأجندة قادة الشعب الفلسطيني ؟
ليس ذلك من قبيل العواطف وتأجيج المشاعر ، ولا من قبيل التشويه أو الاستجداء ، ولا من قبيل اليأس والسوداوية ، ولكنه من قبيل دعوتكم إلى المحافظة على إرثكم النضالي الكبير ، عن طريقة المراجعة والتقييم ، ومن ثم الالتفاف حول برنامج وطني واحد يجمع بينكم ، فعليكم جميعا أن تتعلموا من التاريخ ومن تجاربكم السابقة ، وأن تقوموا بمسئولياتكم .
نشرت صحيفة الشعلة للإعلام تقريرا جاء فيه أن :
http://www.ashola.com/news.php?action=view&id=10783
70مواطن بين قتيل وجريح : المولدات الكهربائية تحصد المزيد من ضحاياها وفق تقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدةبالأراضي الفلسطينية "أوتشا" .
وأكدت على أن انقطاع الكهرباء يؤثر على الحياة اليومية في قطاع غزة ، بمافيها تأثيرها على توفير خدمات حيوية ، كإمدادات المياه ، وخدمات معالجةوإزالة مياه المجاري وعمل الخدمات الطبية مما يؤثر على تقديم العلاجالطبي ، ونتيجة لذلك ، ما تزال المؤسسات التي تُقدّم هذه الخدمات مجبرة علىالاعتماد بصورة كبيرة على المولدات وغيرها من الأجهزة البديلة التي تعتبرحساسة للغاية ؛ نظرًا لعدم توفر قطع غيار لها بصورة منتظمة .
وجاء في التقرير أنه في ذروة فصل الصيف الحار ، ما زال وصول المياه الجارية إلىالمنازل في غزة محدوداً بصورة بالغة بسبب نقص الكهرباء . ووفقا لما أفادتبه مصلحة مياه بلديات الساحل في غزة، فإنّ 30 بالمائة من المنازل في غزةلا تصلها المياه الجارية إلا لفترة أربع – ثماني ساعات أسبوعيا، و 40% لاتصلها المياه إلا كلّ أربعة أيام؛ والـ30 بالمائة الباقية لا تحصل عليهاسوى مرة كلّ يومين. كما أنّ هذه المياه ذات جودة سيئة، الأمر الذي يضطرالمواطنين إلى الاعتماد على مياه الصهاريج الباهظة الثمن للحصول على مياهالشرب .
وفي تقرير آخر جاء أيضاً في صحيفة الشعلة للاعلام ما يأتي :
http://www.ashola.com/news.php?action=view&id=10784
أشارت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في المبادرة التي طرحتها واستجابة لها المسئولين في السلطةالوطنية الفلسطينية وشركة توزيع الكهرباء لإنهاء هذه الأزمة الخانقة بأنيتم زيادة نسبة التحصيل والجباية باقتطاع نسبة من رواتب الموظفينالحكوميين والمتأخرين عن تسديد الفاتورة بناءً على كشوفات مقدمة من شركةتوزيع الكهرباء وذلك قبل موعد الخامس عشر من كل شهر اعتباراً من شهر آبالجاري وتلتزم شركة توزيع الكهرباء بتحويل الأموال المحصلة بشكل دائم.
كما تنص المبادرة على العمل على أن تصل نسبة الجباية إلى أعلى مستوياتهاوإعداد خطة مدروسة لتحفيز وتشجيع المواطنين لتركيب عدادات خاصة بكل مشتركوالاستعداد لتزويد وتركيب عدادات مسبقة الدفع، وطرحت المبادرة الالتزامبضخ كميات البترول اللازمة لتشغيل مولدي الكهرباء في المحطة على الأقللضمان وصول الكهرباء على مدار الساعة.
أما على المستوى الاستراتيجي أوضحت الشبكة أن المسئولين في السلطةسيستأنفون العمل بتشغيل خط 161 الناقل للكهرباء من الجانب الإسرائيلي إلىقطاع غزة خلال العام الجاري لزيادة كمية الطاقة الكهربائية الموردة إلىالقطاع.
كما سيعمل المسئولون على ربط قطاع غزة ضمن شبكة الكهرباء العربية والتواصلمع مختلف الجهات العربية والدولية من أجل تحويل محطة توليد الكهرباءلاستخدام الغاز الطبيعي بديلاً عن السولار الصناعي . انتهى قول الصحيفة .
هناك خطوات أخرى كثيرة ينتظرها شعبكم منكم ، وأتمنى وبسرعة أن يبدأ قادتنا بتجسيد الخطوات العملية السابقة ، وألا يكون ذلك من أجل الاستهلاك الإعلامي ليس إلا ، فلن ينجح مشروع لا يحترم المواطن ، ولن ينجح مشروع يتاجر بدماء وبمعاناة المواطن ، فصدمة شعب بأكمله ، وخيبة أمله أمر يجب عدم الاستهانة به ؛ لأنه يعني مستقبلاً الكارثة في مفهومها السياسي والتنظيمي والفكري من حيث الاستقطاب والتنظير ، ومن هنا تأتي ضرورة إعادة التقييم ، فكلماتي تخرج من دمي ، آمل ألاّ تكون صرخة في صحراء مقفرة.
جوال رقم : من داخل فلسطين 9421664
من خارج فلسطين 00970599421664
www.tahsseen.jeeran.com مدونتي : واحة الكتاب والمبدعين المغمورين